|
9/ التحول في المواقف /خالد الحاج عبدالمحمود
|
بسم الله الرحمن الرحيم "وَلَا تَتَّخِذُوand#1619;اand#1759; أَيْمَـand#1648;نَكُمْ دَخَلًand#1762;ا بَيْنَكُمْ، فَتَزِلَّ قَدَمٌand#1762; بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواand#1759; and#1649;لسُّوand#1619;ءَ، بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ and#1649;للَّهِ، وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌand#1773;* وَلَا تَشْتَرُواand#1759; بِعَهْدِ and#1649;للَّهِ ثَمَنًand#1773;ا قَلِيلًا، إِنَّمَا عِندَ and#1649;للَّهِ هُوَ خَيْرٌand#1773; لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ and#1649;للَّهِ بَاقٍ، وَلَنَجْزِيَنَّ and#1649;لَّذِينَ صَبَرُوand#1619;اand#1759; أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواand#1759; يَعْمَلُونَ" صدق الله العظيم
9/ التحول في المواقف د.النعيم، يفصل كل شئ.. فهو يدعو إلى إبعاد المرجعية الدينية، حتى في مجال الحلال والحرام.. واعتماد المنطق المدني، ويجعل الدين كله صناعة بشرية.. فكل شيء في دعوته يقوم على الفصل الأساسي: فصل الحياة عن الله.. وأصحاب البيان، طالما أنهم يؤيدونه، ويتبنونه، هم يقومون بنفس الفصل، عن علم، أو عن جهل.. هم يؤيدون العلمانية، وهي بطبيعتها لا تملك إمكانية الوصل التي نتحدث عنها.. بل هي تقوم على الفصل.. والبيان يتحدث بصورة محددة عن فصل الدين عن الدولة.. وهذا يعني أن لا يقوم العمل في إطار الدولة، في جميع مجالاته، على المرجعية الدينية ـ ألا يكون موصولاً بالله.. وإنما يقوم على العقل البشري المجرد.. الذين لا يعرفون الفكرة الجمهورية، ولا ينتسبون إليها معذورون، لأنهم لا يعرفون أبعاد هذه القضية.. ولكن أصحاب البيان هم ممن ينتسبون للفكرة الجمهورية، ويعرفونها على تفاوت بينهم.. ولذلك الأمر بالنسبة لهم يتم عن علم.. وهم يعلمون خطأ ما يتبنونه من دعوة علمانية، ومع ذلك يتبنونها!! جميع أفراد البيان الخمسة، ظلوا ينتمون للفكرة، وقتاً ليس بالقصير.. وبما أنهم يعرفون أساسيات الفكرة.. فكلهم تحوَّل من الموقف الذي كان عليه.. وهذا ما ذكروه، وقالوا عنه "مؤقت".. ومن المؤكد أن تحول د.النعيم بالذات لا يمكن أن يقال عنه مؤقت.. فهو قد أصبح يعتنق صورة من العلمانية الشاملة، حتى انه جعل الدين نفسه علمانياً ومن صنع البشر!! أما فيما يتعلق بفصل الدين عن الدولة، فموقفه مبدئي ونهائي، فهو أساساً يجزم بأنه لا توجد دولة دينية، لا في الماضي، ولا الحاضر، ولن تكون في المستقبل.. لذلك حديثه عن فصل الدين عن الدولة، مجرد تضليل، طالما أنه يرى عدم وجود دولة دينية.. وبقية أصحاب البيان، يؤيدونه، ويزعمون أن طرحه فهمٌ للفكرة، وليس خارجاً عنها!! وكنموذج لتغيير المواقف، نعرض هنا موقف د.القراي حسب بعض أقواله السابقة.. يقول د.القراي، في رد على د.ياسر الشريف ما نصه: "اما قول الأخ ياسر بان الواجب الان هو الحديث عن الدستور الحر وحقوق الانسان والدعوة الى دستور علماني، فهذا هو السير في التيه!! فالدعوة الى العلمانية لا تقبل بدعوى انها ستحقق الديمقراطية لان ابشع الدكتاتوريات كانت علمانية.. وان تزييف الديمقراطية تم بواسطة الفكر العلماني قبل الحكومات الاسلامية!! ثم ان الدعوة العلمانية في تربة دينية هي حرث في البحر.. كما انها لا تليق بفكرة انسانية كالفكرة الجمهورية (راجع الحديث عن العلماني والعالم في الديباجة)!!".. قول واضح، ومحدد.. ولكن نفس الموقف الذي كان يعارضه، ويصفه بأنه سير في التيه، وحرث في البحر، هو الذي يتبناه الآن!! ونفس الشخص الذي كان يرد عليه في قوله المذكور ـ د.ياسر الشريف ـ هو الذي يتحالف معه الآن!! أقوال القراي هذه كانت في الصالون (موقع للجمهوريين) بتاريخ 6 أكتوبر 2003.. فما الذي يجعل الإنسان، يعكس وضعه تماماً، ويتبنى ما كان يدينه بوضوح!؟ ومن نفس الحديث، لدكتور القراي، جاء قوله: "ان الخصم العالمي الاول للفكرة الجمهورية هو المادية ويمثلها الفكر العلماني بشقيه الشيوعية والراسمالية، والخصم المحلي الاول هو الطائفية ويمثلها حزب الامة والصادق بصورة خاصة، اما الاخوان المسلمين فانما هم ظل للطائفية وتابع لها.. ولولا ان الاخ ياسر سيخبرنا بأن ما قاله الأستاذ في الماضي لا ينطبق الآن لحدثناه بنصوص مستفيضة في ذلك!! وانه لحق ان جميع التنظيمات لا علاقة لها بالديمقراطية ولكنها في بعدها تتفاوت ، وليس في السودان من هو ابعد من الصادق عن الديمقراطية".. ويقول: "وليس هناك عيب في الخلاف بين الجمهوريين ولكن العيب هو ان يترك الجمهوريون منبرهم الذي انشأ ليوحد بينهم فكرياً وشعورياً ، لينشروا خلافاتهم في منابر الآخرين.. وابعد من هذا عدم الشعور بالمشكلة والرضا عن واقع الحال لأن هذا يهزم الحركة نحو التغيير". هذا ما كان عام 2003م، فأنظر لقول القراي في عام 2008 في الرد على النعيم، الذي يتحالف معه الآن، وفي نفس الموضوع الذي كان يعارضه، وينقده وقتها.. أسمعه يقول: "اعتقد ان بروفيسور عبد الله النعيم اتخذ موقفه بناء على تقييمه لنموذجين: نموذج لدولة دينية قاهرة وظالمة ومصادرة لحقوق الناس باسم الدين، ونموذج دولة علمانية محايدة في موضوع الدين وتكفل الحريات على مستوى التطبيق، وهذان هما النموذجان الوحيدان على مستوى التطبيق ولكن على مستوى النظرية هناك نموذج ثالث لم يجد فرصته في التطبيق وهو نموذج الحكومة الإنسانية الذي أرجو أن يتوقف عنده البروف وهذه الحكومة قائمة على مستوى علمي تتلاقى فيه الاديان والافكار الانسانية على مستوى قممها واعتقد ان هذا المستوى هو ما طرحه الاستاذ محمود محمد طه ولذلك لا اعتقد اننا لكي نمنع الظلم والاعتداء على الحرية نحتاج لدولة علمانية.. خاصة وان الدولة العلمانية كما ذكر البروف عبد الله قد لا تكون محايدة اخلاقياً". فالقراي وقتها يرى: "لا اعتقد اننا لكي نمنع الظلم والاعتداء على الحرية نحتاج لدولة علمانية"!! أما في البيان فهو يرى: "وليس هنالك من سبيل يراعي ويحترم هذا التنوع، ويتجاوز هذين المأزقين، إلا إقامة نظام حكم ديمقراطي، يقوم، الآن، على أساس فصل الدين عن الدولة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بمرجعية إنسانية، تحكمها المواثيق الدولية"!! فبعد أن كان يرد على البروف، هو الآن يتبنى طرح البروف متناقضاً مع موقفه السابق!! يقول د.القراي في عام 2008: "فالدولة لا تقوم في فراغ بل لا بد لها من تصور للوجود وللكون والحياة.. والفكر العلماني في اعلى قممه قاصرعن هذا المستوى اذا ما قورن بالمستوى العلمي من الدين الذي يطرحه الاستاذ محمود محمد طه ليس من الدين الاسلامي بل من الدين كقيمة علمية وهذا المستوى لم يسبق ان طرح في تاريخ الدين فمسألة الدستور والسلطة والحقوق تحتاج لتصور معين الحكومات الغربية العلمانية فشلت في ان تقدم التصور الانساني الصحيح فالعالم الغربي ينفق على التسلح اضعاف ما ينفق على السلام فلماذا نسعى لتكرار العلمانية في بلادنا رغم ان نموذجها في الغرب فيه القتل والدمار بسبب الخوف من التجارب الدينية الفاشلة.. التصور الصحيح للكون والحياة والذي تقاصرت عنه النظم العلمانية ذكره الاستاذ محمود محمد طه"!! هذا قول مسدد، ويصلح تماماً كرد على النعيم، وعلى البيان.. ولكن صاحبه بكل أسف، أصبح حليفاً للنعيم، الذي كان ينقده نقداً واعياً، وأصبح بدل السؤال الاستنكاري "فلماذا نسعى لتكرار العلمانية في بلادنا ... إلخ" أصبح هو نفسه يسعى إلى تكرار العلمانية، متحالفاً في ذلك مع نفس الشخص الذي كان ينقده ـ النعيم!! أنظر إلى هذا النقد الجوهري العميق للعلمانية!! يقول د.القراي: "قصور الحكم والحكام ليس بسبب كونهم دكتاتوريين بل لأن تصورهم للحياة والوجود خاطئ فالفكر العلماني قام على المادية، فالحكومة التي تحقق للناس الحرية والسعادة الحقيقيتين لا بد ان تنطلق من فكرة او فلسفة لها مستوى علمي من معرفة الحياة والوجود على اساسه تقيم الدستور والعلم وتضع القوانين التي تسعد البشر فهل لدى الفكر العلماني هذه الفلسفة؟ اذا لم تكن له هذه الفلسفة فلن نطرحه بديلاً عن الحكومات الدينية المتخلفة ونطرح البديل الذي لديه حلا حقيقياً ونهاجم الحكومات الدينية المتخلفة التي لا تمثل الدين"!! والله أنه لأمر محزن أن يذهب صاحب هذا القول الواضح المسدد إلى نقيضه.. والله أن الأمر كله محير!! لماذا يتخلى صاحب الرؤية الواضحة للحق، عن رؤيته.. ثم يذهب إلى الباطل الواضح، والصارخ الوضوح!؟ يخلص القراي إلى قوله: "خلاصة حديثي اتفق مع د. عبد الله ان الدولة الدينية القائمة تهدر حقوق الناس ولكن يجب ان نركز جهدنا في اظهار الدولة العلمية بدلاً من اهدار كل الجهد في الدولة العلمانية"!! بالطبع د.النعيم يرى بصورة مبدئية قاطعة أنه لا توجد دولة دينية، فإذا تحدث عن دولة دينية فهذا لمجرد التمويه والخداع، عملاً بمبدئه في ازدواجية الخطاب، والإخفاء والإظهار.. نقول للقراي وصحبه: "يجب ان نركز جهدنا في إظهار الدولة العلمية بدلاً من إهدار كل الجهد في الدولة العلمانية"!! كما تفعلون الآن حسب بيانكم. هذا أمر يبعث على الحيرة الشديدة، ولا يصلح إلا أن يقال فيه: أقام العباد فيما أراد. خالد الحاج عبدالمحمود رفاعة في12/1/2014م
|
|
|
|
|
|