· ظل البشير رئيساً و شحاذاً و سمساراً متجولاً في دول الخليج زماناً و زماناً.. يتلقى العطايا الشحيحة مرة.. و يبيع أراضي السودان بأبخس الأثمان مرات.. و في ساعة يأس من حل عطايا دول الخليج لمشاكله ، شد الرحال إلى روسيا.. و ما لبث أن طرق ( الباب العالي) التركي و عرضً عملاق أفريقيا المريض للبيع بالتجزئة مبتدئاً ببيع سواكن.. و إقامة قاعدة عسكرية في البحر الأحمر..
· للسعودية قاعدة عسكرية في جيبوتي و للأمارات قاعدة عسكرية بميناء عَصب بإريتريا على مقربة من سواكن و لها قاعدة أخرى في جمهورية أرض الصومال.. و لمصر قاعدة كبيرة في البحر الأحمر و تمخر السفن المصرية عباب البحر الأحمر و تدخل المياه الاقليمية السودانية لتحمي الصيادين المصريين الذين يتغولون، من وقت لآخر، على تلك المياه بمراكب الصيد..
· لتركيا قاعدة عسكرية في مقديشو، عاصمة الصومال،. و تدير الميناء البحري في مقديشو شركات تركية كما تدير المطار الدولي هناك..
· لا شيئ أثار اهتمام الاعلام المصري و الخليجي لوجود تلك القواعد العسكرية الرابضة على البحر الأحمر و القرن الأفريقي.. و لا أحد سأل عن لماذا تم انشاؤها هناك.. و لا عن سرية أو علنية الاتفاقيات المبرمة بصددها.. و لم نسمع أي احتجاج من أي جهة على إقامتها هناك.. و كل شيئ ظل يسير على ما يرام..
· و حين قام الرئيس التركي أردوغان بزيارة السودان، و ( شراء) مدينة سواكن، و ذهابه لمعاينتها، ارتعد المصريون لاعتقادهم أن ثمن بيع المدينة الأثرية هو استرداد حلايب المحتلة من قِبَل مصر.. و ازداد رعب المصريين رعباً حين شاهدوا أردوغان يحيي الجماهير السودانية رافعاً يده برسم شعار ( رابعة العدوية).. و هو شعار دموي يخيف المصريين أيما إخافة!
· و ثارت ثائرة الثلاثي المنتفع من ضعف و هوان السودان " العملاق الذي يديره أقزام".. و ارتفع ترمومتر الشتائم الصادرة منهم غبناً و احساساً بأن البشير تحول من تبعيته للثلاثي إلى تبعيته لتركيا- رأس حربة الإخوان المسلمين..
· و تخشى السعودية التواجد التركي بسواكن لأنها وقَّعت اتفاقاً مع مصر ينص على أن المياه الاقليمية الواقعة على طول شاطئ حلايب مياهاً إقليمية مصرية، و بذلك تكون قد دخلت طرفاً في النزاع بين السودان و مصر في موضوع حلايب المحتلة.. و تخشى أن يحدث أردوغان شرخاً في الخارطة المصرية السعودية للبحر الأحمر..
· و يعتقد المصريون أن قرار تخصيص سواكن لتركيا و لفترة زمنية طويلة.. و إنشاء القاعدة العسكرية التركية المزمع انشاؤها على البحر الأحمر أكبر مهدد للأمن المصري..
· و اجتمع الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، بالقادة العسكريين المصريين ليهدئ من روعهم و روع المصريين، على الهواء مباشرة، قائلاً لهم بالحرف:- " ما تخافوش! ما تخافوش!".. و لما صفق العسكريون بحرارة، كرر السيسي:- " ما تخافوووووش!"
· لقد أضحك ذلك المشهد كل من شاهده من السودانيين! و أسعدهم الرعب الذي دخل قلب المصريين بقدر ما أغضبهم بيع سواكن أو ( تخصيصها) للأتراك.. كان ذاك توازنٍ غريب بين الضحك و البكاء!
· نعم، خاب فأل عدد غير قليل من السودانيين الذين حسبوا أن زيارة أردوغان إلى السودان رائدها الاستثمار فحسب.. و تبين لهم أن رائدها إعادة الاستعمار التركي للسودان.. و أن التمهيد للاستعمار بدأ ب( بيع) سواكن.. و تم توقيع عقد بيعها ومعه ملحق ( سري) فيه كثير مما خفي- و ما خفي يكون أنكى دائماً..!
· و مع ذلك، فإن الذين استطلعت آراءهم من السودانين العوام، اللا منتمين حزبياً، أسعدتهم زيارة أردوغان.. و أسعدهم السماح للسودانيين بالسفر إلى تركيا بدون تأشيرة.. و يبررون مواقفهم من الانحياز إلى جانب تركيا بأنهم لم يلمسوا في كلام أردوغان إلا كل خير.. و أن تركيا ليست وحدها الطامعة في السودان.. و أن أكبر طامع في السودان هي مصر.. و أن كل دول الخليج تطمع في أراضيه الخصبة..
· و يقولون أن الخليجيين يدفعون عشرات المليارات من الدولارات لمصر و مصر لا تقدم للخليجيين شيئاً في المقابل.. بينما تقدم الدول الخليجية الدولارات للسودان ب( القطارة) و هو الذي يقدم للخليج أخصب أراضيه و أرواح شبابه في اليمن.. و أن الخليجيين ( أبُوها مُمَلَحة و جو يكوسوها يابسة).. أما الأتراك فقد شالوها مملحة.. و أصبح ( كل الصيد في جوف تركيا!)
· لقد كسبت تركيا أفئدة العديد من شباب السودان، هذا " العملاق الذي يحكمه أقزام".. و خسر الثلاثي المنتفع من ضعف حكامنا الأقزام الذين بيدهم مقاليد أمورنا..
· و نسمع البعض يصرح تصريحات جوفاء، هذه الأيام، بأن خير السودان خير لمصر و أن خير مصر خير للسودان..
· كذابٌ أشر كل من يقول ذلك.. !
· إن تطلعات المصريين لِما هو خير أو شر لهم يكون على الضد تماماً من تطلعاتنا لِما هو خير أو شر لنا.. و تتضارب رؤيتنا مع رؤيتهم للأشياء، فحين نرى أن في (استحواذ) أردوغان على سواكن و إقامة قاعدة عسكرية في البحر الأحمر استعماراً و انتقاصاً للسيادة السودانية، يرى المصريون أن أردوغان أتى لحمايةً السودان من تغولات المصريين المتكررة على حدودنا البرية و مياهنا الاقليمية و أن في ذلك تهديد على أمن مصر!
· و يكذب من يعتقد أن بالامكان أن نقيم مع المصريين علاقات تتسم بالندية و الاحترام المتبادل بغية توسيع دوائر المنافع المشتركة.. فالمصريون يريدون أن تكون قراراتنا بيدهم لا بيدنا.. و يؤكد ذلك غضبهم من موقف السودان من سد النهضة الاثيوبي و من مجيئ أردوغان إلى السودان..
· و كل من يعتقد أن أردوغان لم يكسب الشارع العام السوداني، و الشباب السوداني بخاصة، نكايةً في مصر و المصريين، فهو لا يعرف نبض الشارع العام السوداني تماماً!
12-30-2017, 10:30 PM
Osman Hassan
Osman Hassan
تاريخ التسجيل: 11-26-2016
مجموع المشاركات: 129
إعتذار:- " كان ذاك توازنٍ غريب بين الضحك و البكاء!" الصحيح هو " كان ذاك توازناً غريباً بين الضحك و البكاء!" و الخطأ ناتج من تعديل الحرف ( في) ب ( كان ذاك).. و تلك مشكلتي دائماً عند تعديل كلمة أو جملة أثناء الطباعة دون مراعاة للترقيم المطلوب بعد التعديل.. و تكرر ذلك في ( لحمايةً) و التي كانت ( حمايةً) في البداية.. و هكذا الخ.. أكرر الاعتذار لأنني عذبتُ أحباب سيبويه!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة