قُبلة الحياة المُنقذة لهذه الأمة ، وخصوصاً أطفالها ممن ينتظرون آفاق المُستقبل ، أن تبدأ حكومة المؤتمر الوطني مسارات تصحيح (عرجة) مشيتها على أجداث المدحورين من بسطاء هذا الوطن ، أن يهُب قادتها والقاعدون على أعلى سدة سلطانها (لمساءلة) ومحاكمة كل القائمين على أمر الصحة والبيئة في هذه البلاد التي كنا نظن أن آخر ما يمكن أن يفقده إنسانها أمنه الصحي والبيئي بالقدر الذي لا يجعله عُرضة للموت الزؤام بسبب وباء أصبح الإعلان عنه أو حتى وجوده في منطقةٍ ما لا يمكن أن يفيد سوى وقوعها في جُب الإهمال والجهل واللامبالاة الحكومية تجاه كل ما يصُب في مصلحة البلاد والعباد ، وبعد أن تبادلت وزارتي الصحة والبيئة الإتهامات وآيات التنصل من المسئولية تجاه ما يحدث من مجزرة إنسانية بسبب الإسهالات المائية (إسم الدلع لوباء الكوليرا) التي ضربت معظم التجمعات السكانية لولاية النيل الأبيض ثم تابعت مسيرتها الإنتشارية المنطقية والمتوقعة لتصل إلى تخوم العاصمة الخرطوم ثم إلى قلبها النابض بالعجز وخيبة أمل الناس في مؤسساتها الصحية ، لتتوالى الأخبار يوماً بعد يوم ليصل بنا الحال إلى حدوث 8 إصابات في الولاية الشمالية وتحديداً بمنطقة البرقيق ، وما زالت قياداتنا السياسية تنتظر من وزارتي الصحة والبيئة حلاً ناجعاً في الوقت الذي تنادت فيه منذ أكثر من ثمانية أشهر الكثير من الأجهزة الإعلامية والصحفية ومن بينها صحيفتنا هذه إلى الإلتفات والنظر بعين الجدية لما تأتي به مؤشرات إحصاءات الإصابة بالإسهالات المائية ونوَّهت بأن السكوت والتغاضي عن الأمر قد يودي إلى كارثة ، وها هي الكارثة تقع الآن وقد أصبحت على عتبات كل بيت ، طبعاً ليس بيوت المجمعات السكنية الفاخرة لأصحاب السطوة والإمرة من منتسبي ومُطبلي الحزب الحاكم فبيئاتهم السكنية والحياتية عموماً مُحصَّنة ومطابقة لمواصفات وقياسات عالمية وهم داخل (كبسولة) آمنه تكفيهم شر الوباء وإن إستدعى الأمر لا سمح الله فهم على أهبة الإستعداد لمغادرة هذه البلاد واللجوء إلى منتجعاتهم في ماليزيا ودبي وجذر الكناري ، ما علينا من كل ذلك ، لكن ما يهمنا الآن أن نؤمِّن على أن ما مارسته وزارتي الصحة والبيئة من إستراتيجيات (تطنيشية) وتقاعسية وإيهام للرأي العام طيلة ثمانية أشهر ماضيه بأن أمر الإسهالات المائية عبارة عن حالات فردية لا ترتقي إلى نعتها بالوباء هو (جريمة) يعاقب عليها القانون وهي لا تقع فقط في دائرة الإهمال والتقاعس عن أداء المهام ، بل هو نوع من التضليل والغبن والغش الذي يُفضي إلى فقدان الناس لحياتهم أي قتلهم عمداً ، ليس بالعجز عن السيطرة على الوباء وإنتشاره وإنقاذ من أُصيبوا ، بل بالإمتناع والإحجام عن الإعلان عنه من باب التحذير والإنذار حتى يبتعد الناس عن كل ما يُلقي بأنفسهم إلى التهلكة ، ثم أين حق المجتمع في الإستنارة ورفع الوعي الصحي والبيئي والذي يُعتبر أساس وجوهر حملات القضاء على مثل هذه الأوبئة ، من غير الواقعي أن تنتشر الكوليرا في بلدٍ تحارب جيوشه في جبهات الغير ترفاً إستراتيجياً ، وتعمل آلته الإقتصادية الإعلامية على الترويج لتوطين صناعة السيارات والطائرات والآلات العسكرية ، وفي ذات الوقت تسمح وزارة الصحة فيه بأن تُعلِّق بعض المستشفيات الخاصة لافتات كُتب عليها (لا نستقبل المصابين بالإسهالات).. عجبي .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة