بعضٌ من التعهدات الضمنية والمُعلنة التي توافقت عليها حكومة المؤتمر على خلفية رفع الحظر الإقتصادي الأمريكي المؤقت ، هو إشاراتها التي يجب أن تكون بائنة الوضوح فيما يتعلق بالحريات جميعها والتي يأتي من أولوياتها خلو معتقلاتها من السجناء السياسيين أو أصحاب الآراء المغايرة أو المعارضة للتوجهات العامة للنظام ، وبالرغم من أن كثيراً من القيادات السياسية لحكومة الإنقاذ دائماً ما يحلو لهم ترديد جملة (لا علم لنا بوجود معتقلين سياسيين) إلا أن الواقع المعاش دائماً ما يُشير إلى غير ذلك ، وبالرغم من أن أجهزة الأمن السياسي باتت مُدَّربة وإحترافية في مجال التملُّص القانوني بالمراوغة والتبرير للتكييف القانوني الخاص بأوضاع كثير من المعتقلين بسبب الرأي المُغايَّر والتي يندرج أغلبها تحت طائلة (مهدِّد للأمن القومي) و(الإخلال بالأمن العام) وأحيانا (إثارة البلبلة وما يدعو إلى الفوضى المجتمعية) إلا أن كل ذلك لا يمكن أن يضعضع إيمان السودانيون الشرفاء من المؤمنين بحقهم القانوني في إبداء آرائهم والتفاعل مع مجريات الواقع السياسي والمهني والثقافي والإجتماعي بإعتبارهم شركاء بالمواطنة في هذ الوطن ، وإنطلاقاً من كونهم ليسوا ضيوفاً ولا غرباء ومن حقهم المشاركة والتفاعل من أجل تحقيق ما يعتقدون أنه مطالب الأغلبية العامة لهذه الأمة ، فضلاً عن إستحقاقهم لطلب كل ما يمكن طلبه عبر كفالة الدستور والعدالة السياسية والإجتماعية والثقافية ، أول أمس الأول من رمضان قامت أسرة الدكتور المعتقل مضوي إبراهيم آدم الذي تم إعتقاله قبل ما يُقارب الستة أشهر إثر إحتجاجات الأطباء الأخيرة والتي كانت متعلِّقة بالدرجة الأولى بحقوق مهنية بحتة ، وفي ذات الوقت تصب في بوتقة المصلحة العامة للمريض السوداني وما يعانيه من إهمال حكومي بدأ برفع الدولة يدها كلياً عن نسبية مجانية الإستشفاء وإنتهت مؤخراً برفع الدعم عن الدواء حتى بات هذا الأخير شأنه شأن التعليم والتوظيف سلعةً لا يطالها إلا أولي النفوذ والسلطة و الذين هم قلة لا يمثلون ذرة خردل في خضم تعداد هذا الشعب الكريم ، أقول قامت أسرة الدكتور مضوي المتمثلة في والدته وزوجته وبناته بتناول إفطارهم لأول أيام هذا الشهر العظيم أمام سراي النيابة في تعبير إحتجاجي جديد ومستحدث يستهدف تنبيه وإيقاظ ضمير أصحاب القرار على سُدة الأجهزة العدلية أن هناك آخرون يدفعون ثمن الظلم والإستبداد من أُسر المعتقلين القابعين في السجون بلا إتهام مُعلن ولا محاكمة عادلة ولا تصريح مقتضب من جهةٍ عدلية أياً كان مقامها تبيِّن فيه ماهية ما وقع فيه الدكتور مضوي من جرم وكذلك حيثيات ما يدعو أن تكون قضيته على هذا المستوى من السرية والحساسية ، من حق أيي معتقل أن يُواجه بمنطوق ومكتوب ما أُتهم به ، مع بيان المواد والقوانين التي بها يتم تأويل التهم ، فضلاً عن حقه في تعيين محامي للدفاع عنه ثم حقه في أن يُقدم إلى محاكمة عادلة ، يا أيها القائمون على أمر البلاد والعباد والمطلعين بأمر القانون والعدالة أمام الله وملائكته والأمة إعلموا في هذا الشهر الفضيل أن الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس وأن الصيام لا يستقيم بالإمساك عن الطعام والشراب والشهوات فهو أيضاً إمساك عن الظلم والأذى والإستبداد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة