كان المنظر أشبه بالدراما..القائد عبدالله أبكر يصنع خبزاً لإخوته المتمردين في أعلى الجبل.. القوة لم تكن ضخمة نحو (١٣٥) فرداً..كان مناوي يشعل سيجارة فيما يتمدد عبدالواحد على الأرض وبين يديه كتاب..المفاوضات الأولى بين الحكومة والحركات المسلحة ..قائمة المطالب دفع مبلغ (١١٦) ألف جنيه كمرتبات للقوة مع عفو عام شامل ووقف للعنف من كافة الأطراف ..رسول الحكومة لم يكن سوى الدكتور فرح مصطفى وزير التربية الآن بولاية الخرطوم..ليس من المهم أن نسأل من أهدر الفرصة وقت ذاك بل من المهم ألا تهدر فرصة أخرى . بات في حكم المؤكد أن يكون الدكتور تيجاني سيسي خارج قائمة الحكومة التي ستعلن قريبا جداً..سيسي أبرز موقعي وثيقة الدوحة قدم قائمة وزرائه والتي تشمل وزيراً ووزير دولة ثم سافر إلى لندن مُغاضِباً ..لم يضع حفيد سلطان الفور اسمه باعتباره يطمع في منصب أعلى داخل مؤسسة الرئاسة..تباطأت الحكومة حتى ظن الرجل أن في ذاك التباطؤ رداً دبلوماسياً يفيد الاعتذار..وحسب قيادي بحزب التحرير والعدالة أن السيسي يرى أن الحكومة لم تقدم له العرض الذي يليق بمكانته حينما ألمحت إلى تعيينه وزيراً. في البداية ما الذي يجعل الدكتور التيجاني السيسي رجلاً مهماً في هذه المرحلة..من الناحية الأثنية يعتبر السيسي رمزا لأكبر مكون قبلي في دارفور.. صحيح أن هنالك وجوهاً كثيرة في الحكومة القادمة يمكن أن تعتبر نفسها ممثلاً لذاك المكون القبلي، لكن الدكتور التيجاني سيسي يعتبر صاحب الراية العليا.. جانب آخر يجب أن يوضع في الاعتبار وهو اتساع الشقة بين الحكومة ومجموعة عبدالواحد نور مما يحتم وجود شخص برمزية التيجاني سيسي ..الأمر الأكثر أهمية أن سيسي مع أخيه بحر أبوقردة يمثلان وثيقة الدوحة التي مازالت الحكومة تتمسك بها..اي انحسار لدور أي منهما يعتبر مساساً غير مباشر بأصل الوثيقة..كما أن للسيسي تجربة سياسية طويلة مصحوبة بعلاقات دولية يمكن أن تسخر لصالح السلام في دارفور. رغم ضيق الزمن الآن هنالك مساحة ممكنة للتسوية مع حزب التحرير والعدالة القومي.. هنالك مقعد شاغر في رئاسة الجمهورية كان حسب التحليلات مخصصاً للشيخ إبراهيم السنوسي ..لكن المؤتمر الشعبي ولحسابات تخصه زهد في منصب مساعد الرئيس وجعل السنوسي رئيساً لمجلس شورى الشعبي..تعيين السيسي في هذا المنصب يعيد التوازن لمؤسسة الرئاسة العليا التي خلت من مكون رئيسي في دارفور..هنا من المهم للسيسي أن يقدم تنازلاً ويقبل بالمتاح في هذه المرحلة ..أغلب الظن أن الحكومة تتحسب لتسوية قادمة أكثر شمولاً لذلك لا تريد أن تشغل كل المقاعد بأحجام تجد حرجًا في سحبها اذا ما اقتضى الأمر. في تقديري..من المهم جداً الحفاظ على وثيقة الدوحة حتى تكون أساسا لأي تفاوض مع الحركات المسلحة.. ستهتز صورة الوثيقة إذا لم يبرز دور أساسي لصناع هذه الاتفاقية.. بل من المهم أن يكون رموز هذه الوثيقة في مناصب مؤثرة..على رئيس الوزراء الذي تمكن من جمع عدد كبير من الفرقاء أن يصبر قليلاً ويعيد التواصل مع تيجاني سيسي وحزبه. بصراحة..لن يخسر التيجاني سيسي إذا ما قرر الالتحاق بأي من المنظمات الدولية في ما وراء البحار..لكن غيابه من المشهد السياسي سيوجه رصاصة لوثيقة الدوحة التي تعتبر جهداً ملموساً في اتجاه التسوية الشاملة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة