· هناك افتراض دائماً بأن التراشق الإعلامي الجاري حالياً بيننا وبين المصريين ليس أكثر من موجة غضب ولحظات انفعال. · وهناك أيضاً مطالبات بالتهدئة وضبط النفس. · هي ليست لعبة بين صغار يجلسون على الرصيف، فيحمل أحدهم كرة الآخر ليثور رفيقه ويغضب ويحاول نسف كل ما بينهما حتى يتدخل العقلاء في محاولة للصلح بينهما. · وحين نقول أن التوتر الإعلامي يظهر ما بين الفينة والأخرى، علينا أن نسأل أنفسنا: لماذا يحدث ذلك؟! · وهل يتكرر ذات الشيء في العلاقات الطبيعية بين أي بلدين تنشأ بينهما علاقة ندية؟! · وعلى ذكر الشعوب لابد من التأكيد على أن مشكلتنا ليست مع الشعب المصري. · والدعوة للكراهية بين الشعوب لم تكن في يوم حصيفة ولا مقبولة. · لكن مع معرفتنا بأن الكثير من المصريين يؤمنون بعلاقات حسن الجوار ويحملون وداً للسودان وأهله، ندرك أن هناك كثر منهم أيضاً يصدقون كل ما تكتبه وتقوله وسائل إعلامهم. · وعندما يسيء جل إعلاميي وعدد من مسئولي وبرلمانيي بلد لبلد آخر، لا يمكن أن نسميها حالة غضب. · وحين يغتصب بلد ويحتل بعضاً من أراضي جاره لا يمكن أن نسميها لحظات انفعال. · المُغتصِب يفترض أن يعيد ما أغتصبه قبل أي تفاهم أو حديث عن الحكمة والهدوء. · فلا يعقل أن تكون هناك علاقة طبيعية بين غاصب ومُغتصب. · صحيح أن العديد من البلدان العربية والأفريقية تتمتع بعلاقات طيبة حالياً مع من استعمروها في أوقات مضت، لكن يوجد فرق كبير بين أن تنشيء علاقة مع مستعمر طردته من بلدك وآخر لا يزال يحتلها. · فلنستعيد أراضينا التي يغتصبها المصريون، ثم بعد ذلك نبدأ الحديث عن الهدوء والحكمة والعلاقة الأزلية بين البلدين. · واستغرب كثيراً لعلاقة أزلية تسمح لأحد طرفيها بأن يحتل جزءاً عزيزاً من بلد الآخر كنوع من الابتزاز لنظام هذا الأخير نتيجة وقوعه في خطأ كارثي. · لو كانت العلاقة متينة فعلاً بيننا وبين المصريين لفرقت أنظمتهم بين أخطاء نظامنا الحاكم وبين الشعب. · فالأنظمة زائلة، لكن المُغتَصب لن يعود ما لم يكافح أهله من أجل استرداده. · كيف طاب لهم أن يحتلوا أراضينا بسبب ارتكاب نظامنا لذلك الخطأ الشنيع المتمثل في محاولة إغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك! · لماذا لم يقولوا أن ما بيننا وبين السودان أزلي ومتأصل وعميق وعلينا أن نعاقب حكومتهم فقط على فعلتها دون أن يتأثر الشعب الشقيق بما سنتخذه من إجراءات؟! · ما تقدم يبين سوء النوايا والمكر. · كما يبين ذلك أن "أخوة" و"أشقاء" و"علاقات أزلية وتاريخيه" وخلافه عبارات ومفردات لم يعد لها وجود في عالم اليوم، سيما مع جيراننا المصريين. · الكل يسعى لمصالحه حتى ولو على جثث وأشلاء الأشقاء والعلاقات الأزلية والتاريخية التي يحدثنا عنها البعض. · وإن كنتم ترون أن قطر وبعض بلدان الخليج تتآمر على السودان، فعليكم أن تتذكروا أيضاً أن مصر وأنظمتها تآمروا على عدد من البلدان العربية القوية وسعت لإضعافها بشتى السبل. · ليس المقصود بالطبع أن نبتلع الطعم ونقف مع حكومتنا في خندق واحد بذلك المعنى الذي يمكن أن يتخيله البعض. · فالقاصي والداني يعرف توجهات حكومتنا الحالية ومساعيها الحثيثة لتمكين حكمها بأي شكل. · لكن علينا أن نفرق دائماً بين ما يمكن أن نجنيه من فوائد كشعب وما ستحصده هي كنظام يخدم أفراداً بعينهم. · لا يجب أن تسيطر علينا نظرية المؤامرة بهذا الشكل المخيف لنفقد حتى ما يمكننا تحقيقه من أجل مصلحة بلدنا. · هذه الحكومة التي تنازلت عن الكثير من أراضينا ومصالح شعبنا يمكننا أن نضغط عليها بشتى السبل لاستعادة الأراضي المغتصبة. · وإن فشلنا حتى اللحظة في تغييرها فليس معنى ذلك أن نواصل الخسائر والفقدان، برفض أي خطوة بحسابات أنها سوف تفيد الحكومة. · بهذه الطريقة يمكن أن تُحتل غالبية أراضي السودان. · ويوم أن ( تغور) هذه الحكومة في ( ستين داهية) نجد أنفسنا شعب بلا أرض. · ليس هناك مشكلة في أن نتفق مرحلياً في الفكرة والرأي مع وزير الإعلام مثلاً، رغم علمنا التام بأنه لا يتحرك إلا وفقاً لتكتيكات مرحلية محددة. · لكن ما يهمنا نحن هو أن تُسترد الأراضي المغتصبة، أو على الأقل نثبت الحق. · فالكثير من حقوقنا ضائعة لعدم سعينا لتثبيتها أصلاً. · وإن هبطت الغيرة على الوطن وشهامة السودانيين هكذا فجأة على وزير إعلامنا مثلاً كواحد من مسئولي هذا الزمان الأغبر فعلينا أن نعرف كيف نستغل هذه الحالة بذكاء. · وعموماً هاهي الحكومة قد تراجعت عن لهجتها الحادة وطالعنا جميعاً البيان الهزيل الذي صدر عن وزيري خارجية البلدين. · فقد وقع غندور على بيان يفيد نظيره المصري وبلده أكثر مما يفيد السودان وقضيته. · وأرجو أن يكون في ذلك عبرة لمن يعتبر، حتى نكف عن بعض أوهامنا وحساباتنا الخاطئة، مثل أن نقول لا..لا.. الحكومة تريدنا أن ننجر وراءها في خلافها مع النظام المصري. · هما يومان فقط راحت بعدهما سكرة الحكومة. · لكننا كشعب وكإعلام يفترض أن نظل على يقظتنا وتماسكنا في وجه من ينالون من بلدنا وإنسانها. · والآن دعكم من الجدل السياسي المعقد وقولا لنا رأيكم في حملة مناهضة شراء المنتجات المصرية. · ألم يؤكد المصريون أنفسهم غير مرة ويعترفوا بأنهم يسقون محاصيلهم الزراعية ويغمرون مزارع أسماكهم بمياه المجاري ويبيعون لحم الحمير ويغشون في تصنيع الأدوية؟! · فهل تريدوننا أن نستمر في شراء منتجاتهم أيضاً بدافع العلاقة الأزلية والأواصر التاريخية؟! · رأيي أن الحملات الجادة التي انتظمت وسائل التواصل الاجتماعي والدعوات لمقاطعة كل منتج مصري تستحق منا تعاملاً جاداً وتجاوباً سريعاً. · وإن لم نفعل ذلك فنحن نخاطر بصحتنا وأرواحنا. · وهذه المقاطعة تمثلاً سلاحاً أشد فاعلية من بيانات الحكومة أو تصريحات وزير إعلامها. · إن انتظمنا في مقاطعة جادة لكل ما هو قادم من مصر وتوقفنا عن السفر إليها إلا للضرورة القصوى يمكن أن تتغير أمور كثيرة. · وإن لم نفلح في تحقيق أي مكسب من مثل هذه المقاطعة سيكفينا فقط المحافظة على صحتنا وعافية صغارنا وأفراد عائلاتنا. · شخصياً توقفت تماماً هنا في الخليج عن شراء أي منتج مصري وأتمنى أن يتجنب أهلنا في السودان هذه المنتجات الخطيرة جداً على صحة البشر بعد أن شهد أهلها أنفسهم بذلك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة