تمنُّعت ثورة الانقاذ الوطني، عن إطلاق سراح إبراهيم ألماظ ضمن المعفو عنهم بموجب قرار رئاسي. كان ألماظ، من أكثر المنافحين عن الحركة الإسلامية، قبل اعتقاله مقاتلاً في صفوف العدل والمساواة. ألماظ يأتي الآن في مقدمة المكتوين بنيران حركته، التي ذبحته عدة مرات فوق نطعها. من أجل هذه الحركة، نافَح وناجَز. ومن أجل شريعتها قاتل أهله في الجنوب، لـ "تثبيت دعائم الإسلام"، فإذا بالمشيّخة التي نذر لها روحه وعمره، تفصل الجنوب، وتُحاصِص بقية المناطِق. حين بدأ نقضهم للغزْل، انحاز إلى معسكر المنشية، طمعاً في محجتها البيضاء، لكن مؤتمرها الشعبي، كان قد انخرط حينها في مد حبال الوصل مع "المتمرد" قرنق. لم يفهم ألماظ المسكين لعبة السياسة، حتى بعد أن دخل مؤتمر العيلفون"التّفاصُلي"، مرتدياً الكاكي. الله أكبر..! كان واضحاً أنه أدمن الهتاف، ونفخة التباريك، ولم يشعر بشقلبة الشِّعارات والأشياء، وما درى أن أهل الجِلد والراس، يهتفون طرباً، من أجل دنيا عامِلة وخمرٍ مُستطاب! صدّقهم تماماً، فلم يداخله ظن، بأن فقه "الولاء والبراء" يتحوّر بذرائعيتهم إلى رمالٍ متحرِّكة. وقع الشعبي ــ المعارضة الاسلامية ــ مذكرة التفاهم مع قرنق، فإتّخذ رصفاؤهم في الوطني ــ الحكومة الإسلامية ــ إجراءات تعسفية طالت المنضوين للشعبي. انجرح خاطر النهار، فالتحق ألماظ بالعدل والمساواة ظناً منه، أن فرع التنظيم الطرفي، سيحقق له ما عجزت عنه حركته المركزية. قاتل ألماظ من أجل الإسلام السياسي، وضِدّه. وجّه سلاحه ضد حركته التي جنّدَ الكثيرين، وقتل الكثيرين من أجلها. أفرجت انقاذه عن الدارفوريين الذين قاتل في صفِّهم، واستبقته حبيساً، ريثما ينهض فيه صوت العقل، بأن العقائدي، أنَّى كان، لطالما أحلَّ لنفسه تصنيف الناس، على أُس ديني، فإنه من الناحية العملية يعتمد تصنيفهم مناطقياً، قبلياً، عرقياً... هذا ما حدث من حركته الإسلامية التي قالت دولتها، إن اسم ألماظ، لم يظهر في كشوفات الدارفوريين المُفرج عنهم. وبعد فصل الجنوب، تنظر إليه حركته الإسلامية كدخيل، لا مواطن من الدرجة الثانية، وإنما كأحد رعايا دولة أجنبية! المسيرة القاصدة، يا مولانا، تحترم الأقوياء. حاول الرجل، دون أن يدري، تقليد جيفارا، فجعل من شخصه وحركته أيقونة جهادية، بينما كان التاريخ يسخر من ذلك التقليد الأعمى، فالثورة في فورانها يمكن أن تدّعي الحرية، لكنّها لا يمكن أن تدّعي التقوى. يعتبر ألماظ في نظر أهله الدينكا عميلاً، وبعد أن يخرج من سجنه، قد يتجنّس بجنسية مشايخه الإسلاميين، الذين بنوا قصوراً عالية في كوالالامبوور... أما العدل والمساواة التي حارب في صفوفها، فهي تتأهب اليوم للالتصاق بالنظام.. ويا لها من رحلة، أكثر اضطراباً من تجربة "نقطة نِظام"! أشياء كثيرة كان يمكن أن تُسعِف ألماظ، لو كان ذكياً مثل عبد الله دينق نيال.. لو أنه خفّفَ الوطء قليلاً، عندما نُصِّب أمينا لطلاب المؤتمر الشعبي لدورتين.. كان ألماظ يهبط ويصعد، في شارع الجامعة دون أن يلقي بالاً لنصب تاريخي أقامه شعب السودان للمناضل عبد الفضيل ألماظ،، فجاءت الإنقاذ وركنته في حلق الشارع.. لو فعل ذلك لالتقط الرسالة التي وصلت إلى بريده، فلم يفض ختمها، في غمرة انشغاله بالتكبير والتهليل. مسكين إبراهيم ألماظ، فقد كان مُجاهداً ينقصه الخيال!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة