قبل سنوات طويلة استثمر رجل أعمال مصري في طيبة أهل السودان.. أنتج ذاك الرجل عطراً سيئاً ولكنه وضع عليه صورة السيد علي الميرغني.. كان البسطاء من الناس يقبلون على (ريحة السيد علي) من باب التماس البركة.. لم يكن مسموحاً أن تصف ذاك العطر بأنه سيء.. ذاك الوصف يضعك ضمن طائفة المنكرين.. صحيح أن ذاك العطر اختفى من الأسواق بعد أن زاد وعي الناس. طافت بذاكرتي حكاية ذلك العطر وأنا أشاهد صوراً للأخ الكريم مساعد رئيس الجمهورية اللواء الركن عبد الرحمن المهدي تنتشر بكثافة في عدد من الصحف.. ظهر مساعد الرئيس في إعلان يتحدث عن نزاع على مصنع سراميك بين طائفة من رجال الأعمال.. في البداية ظننت أن المساعد مشغول ببعض الملفات العامة وأنه حينما يتبين هذا الاستغلال لصورته السيادية سيتدخل.. لكن عوضاً عن ذلك بات الإعلان التجاري يحمل صورتين للأخ المساعد الرئاسي الذي كان قد شارك في مناسبة أقامها بعض المتنازعين في فندق السلام روتانا.. بالطبع التجار الأذكياء يريدون الإيحاء بأن الحكومة في صفهم. ذات شعور الاستغلال خامرني وأنا أتابع خبر مشاركة رئيس الجمهورية في المؤتمر التنشيطي للحزب الحاكم بحي كوبر.. قادة الحزب في ذاك الحي العريق حاولوا استغلال بريق الرئاسة والرئيس حتى يصبح ذاك المؤتمر حدثاً فوق العادة.. الصحيح أن الرئيس البشير قد غادر ذاك الحي منذ أكثر من ربع قرن.. محل إقامة الرئيس تحولت إلى بيت الضيافة الرئاسي بالخرطوم حيث يستقبل زواره.. في تلك الدائرة يدلي بصوته الانتخابي.. هؤلاء الناس جعلوا الرئيس يتحدث عن ميدان واحد يتعرض للاعتداء فيما آلاف الميادين تتعرض للاحتلال والبيع.. حتى مسرح تاجوج التاريخي بكسلا تم بيعه في المزاد العلني. واحدة من مشكلات بلادي أن الخطوط الفاصلة بين الشخص العام والعادي ليست واضحة تماماً.. لقطة (سيلفي) واحدة مع مسؤول رفيع يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً.. محادثة هاتفية مع وزير نافذ تتخللها عبارات ودية يمكن تكون بهاراً جيداً لتسويق صفقة تجارية.. ليس بوسع أي مسؤول أن يتصرف وفق قواعد البرتكول المنظمة لمثل هذه التفاصيل إلا إذا كانت هذه القواعد واضحة ومحروسة بآليات تنفيذ.. في مناسبات كثيرة وذات خصوصية يجب منع حمل أجهزة الهاتف التي يمكن استخدامها في التسجيل أو التصوير. في تقديري مطلوب بإلحاح أن يكون هنالك مرشد مكتوب يجعل كل مسؤول يختار المنصة المناسبة للتصريح المناسب.. كما من المهم التدخل السريع إذا ما وقعت الواقعة.. أخطر أنواع الإعلام تأثيراً ذاك الذي يدخل للناس من باب الإيحاء.. ما الذي يجعل مسؤولاً رئاسياً في قامة مساعد رئيس الجمهورية أن يشهد مناسبة تدشين علامة تجارية؟.. ماذا يفعل وزير التجارة أو وكيل وزارة الاستثمار.. إذا كان مثل اللواء المهدي حاضراً في كل المناسبات حتى ذات الطابع المتخصص . بصراحة.. كثير من الإعلانات الصحافية تحتاج إلى إعادة تحرير.. وكثير من المسؤولين يحتاجون إلى رقابة رجل لرجل حتى لا تحدث مثل تلك الأخطاء الفادحة . assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة