أحمد الله كثيراً أن عرمان لم يخيب ظني فيه مذ عرفته ولم يشمت فيّ حلفاءه من الرفاق وبني علمان ومن لف لفهم من خلال قيامه بعمل محمود لا يشبه مسيرته الملطخة بالدماء والأشلاء فقد كان كل ما أكتبه عن ماضي الرجل بل عما أتوقعه من تصرفات يأتيها ، كتاباً مفتوحاً من الأفعال التي لا يقترفها إلا الشيطان الرجيم .. لقد قرأت وسمعت الكثير عن شياطين الإنس على مر التاريخ فمنهم من ذم في القرآن الكريم وقدم كمثال للشر المطلق (أبولهب مثلاً) ومنهم من أشعل حروباً عالمية (هتلر مثلاً) ومنهم من فتك وقتل وخرّب ودمّر (قرنق مثلاً) لكني لا أعلم رجلاً اجتمع فيه من صفات الشر ما لا يُحصى أو يُعد غير عرمان. لن أذكر بماضيه في الحرب التي ظل يشنها على وطنه ومواطنيه منذ أن التحق بقرنق في منتصف ثمانينات القرن الماضي وحتى يوم الناس هذا ولكني سأشير إلى آخر ما فعل قبل أيام قليلة وهو يحرّض الإدارة الأمريكية الجديدة على شعب السودان طالباً منها عدم الرفع الكامل للعقوبات ما لم تقم الحكومة السودانية بإجراء (تسوية سلمية شاملة تراعي خصوصية مناطق الحرب مع عمل ترتيبات انتقالية تفضي إلى انتخابات حرة ونزيهة تحت مراقبة دولية ) . قبل أن أغوص في تلافيف هذه الهطرقة العرمانية الفارغة أود أن أشير إلى أن عرمان لا تعنيه الانتخابات الحرة في شيء سيما وأن هذا ما ظل يدندن حوله المنخرطون في الحوار الوطني كما أنه وحركته الشعبية وجبهته الثورية آخر من يحق لهم الحديث عن الديمقراطية والانتخابات وغير ذلك من شعارات ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه ولكن دعونا الآن نحلّل ما هرف به عرمان حول العقوبات الأمريكية. يطالب عرمان بعودة العقوبات الأمريكية التي لطالما تلظى هذا الشعب الصابر المحتسب من سعيرها في وقت فقد فيه الرجل التعاطف من كل القوى الدوليه التي لطالما ساندته. الغريب أن عرمان أصدر نداءه لإدارة ترمب بإعادة العقوبات الأمريكية بعد يومين اثنين فقط من إصدار دول الترويكا (أمريكا وبريطانيا والنرويج) بياناً يطالب الحركة الشعبية (قطاع الشمال) بقبول المقترح الأمريكي المتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بل مضى البيان إلى مطالبة الحركات الدارفورية بالانخراط في عملية السلام وخصّ حركة عبدالواحد محمد نور (مستر نو) بالالتزام بوقف العدائيات والانخراط في عملية السلام الجارية. مما زاد من أوجاع عرمان وقطاع الشمال أن بيان الترويكا أكد على جدية وتجاوب الحكومة مع الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي والتزامها بوقف إطلاق النار بل وموافقتها على المقترح الأمريكي بشأن إيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالحرب في المنطقتين. لم يقتصر الضغط على دول الترويكا إنما شارك عدد من مبعوثي الدول الأوربية بالإضافة إلى الآلية الأفريقية في تكثيف الضغط على عرمان لقبول المقترح الأمريكي حول إيصال الإغاثة تمهيدا للتوقيع على وقف العدائيات فقد زار كل من المبعوثين الألماني والبريطاني ومبعوث الاتحاد الأوروبي السودان لتحريك ملف التفاوض الذي يعرقله عرمان وتأجلت زيارة ثابو امبيكي الذي كان متوقعاً حضوره لذات المهمة جراء تعنت عرمان. المهم أنه بالرغم من كل هذا الضغط الدولي الكثيف فإن عرمان ، بدلاً من أن ينصاع ويجنح للسلم ويخرج من هذا المأزق الذي ورّط فيه نفسه بعد أن اقتنع المجتمع الدولي كله بأنه مجرد دراكيولا لا يهمه إلا الولوغ في الدماء ، هرب إلى الأمام ليطلب من الإدارة الأمريكية إعادة فر ض العقوبات على السودان، فبربكم متى يقتنع من تغطي أعينهم الغشاوة من قيادات جبال النوبة بأنهم يرتكبون جريمة كبرى في حق بلادهم ومواطنيهم حين ينساقون خلف ذلك الشيطان الرجيم؟. صحيح أن عرمان فقد مصداقيته لدى كثير من قيادات قطاع الشمال من أبناء جبال النوبة الذين اكتشف كثيرون منهم أن الرجل يتاجر بقضيتهم وبدمائهم في سبيل تحقيق مشروعه المسمى بمشروع السودان الجديد كما فعل سيده قرنق من قبل والذي سخّر دماء أبناء النوبة واستخدمهم في قضية الجنوب فقد انشق عن قطاع الشمال مؤخراً كثيرون مثل القائد أبوكيعان الذي انحاز للسلام بعد أن اكتشف الخدعة فوالله الذي لا إله إلا هو أن عرمان وبقية الشيوعيين مثل عبدالعزيز الحلو ويوسف كوة (قديما) لا يعنيهم من قضية المنطقتين إلا مشروعهم العنصري البغيض، أما قضية المنطقتين فإنها لن يحرسها ويحرص عليها إلا أبناؤها فهلا تواصلت الثورة لاقتلاع عرمان من ملف التفاوض ومن تمثيل المنطقتين اللتين لا تعنيانه من قريب أو من بعيد؟ هل تحذو قيادات جبال النوبة حذو أبوكيعان وتلفون كوكو وغيرهما وهلا تحرك أبناء النوبة في الدياسبورا لإنقاذ أهلهم من شبح الحرب التي فتكت بأهلهم وبمنطقتهم ومن شر هذا الرويبضة الجاثم على صدر قضيتهم، وهلا استبدل بمفاوضين من أبناء المنطقتين يعبرون عن قضيتهم لا عن مشروع السودان الجديد؟. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة