حينما تاه رياك في الغابة كانت الخرطوم تبحث عنه مثلما جوبا تماماً.. الأولى تريد أن تحافظ عليه فيما الثانية تتعجل في إرساله إلى نار جهنم.. أفضل استراتيجية للخرطوم أن تبث الروح مرة أخرى في مشار.. بعد أن يصبح الرجل صاحب قيمة سياسية تتخلى عنه حتى تكسب الجذرة الأمريكية.. كانت كل الخيارات أمامنا صعبة.. هكذا كان محدثنا يوضِّح لنا خلفيات التعامل مع رياك مشار قائد المعارضة المسلحة في جنوب السودان.. الخرطوم كانت تدرك وفق محدثنا أن مشار رقم صعب في المعادلة الجنوبية.. التجارب أثبتت أنه صديق يمكن الثقة فيه على عكس خصمه اللدود سلفاكير. ثمة تغيرات سريعة في المشهد الجنوبي.. بعد فرار رياك مشار من جوبا ظن سلفاكير أنه تخلَّص للمرة الأخيرة من خصم عنيد.. كان الجنرال يريد أن يمزِّق اتفاق السلام دون أن ينتبه أحد.. بشكل أو بآخر نجح سلفاكير في أن يجعل مشار في خانة التسلل.. بل تمكن من إقناع أقرب حلفاء الرجل بالتخلي عنه.. الخرطوم ردت مشار من المطار فيما أديس أبابا سلمت كبار معاونيه لحكومة جوبا.. لم يجد رياك مشار غير الإقامة المقيدة في جنوب إفريقيا.. افترض سلفاكير أن تعيين تعبان دينق في منصب النائب الأول كفيل بإرضاء النوير لكن ذلك لم يحدث. التطورات الجديدة تمثلت في تجدد العنف في جنوب السودان.. المسرح الجديد في الأقاليم الجنوبية المحادة لشمال السودان.. بل لأول مرة تصل نيران الحرب لحقول البترول الحنوبي في منطقة فلج.. هذا التطور لن يسعد الحكومة السودانية التي كانت تامل في أن تكون النار بعيدة عن مصالحها الحيوية.. لكن ابتعاد الخرطوم عن التأثير على مشار اضعف دورها السياسي.. ثم بالتالي لا يوجد حارس لمصالح السودان في عهد الإدارة الجنوبية. صحيح بالنسبة للسودان كل الخيارات صعبة في التعامل مع الملف الجنوبي..اي اقتراب من المعارضة الجنوبية يعيد الخرطوم لمواجهة مع واشنطن لا تفضلها الآن.. كما أن الابتعاد من المعارضة الجنوبية يجعل ظهر السودان مكشوفاً في الحدود الفاصلة.. اشتداد الصراعات سيُعيد الآلاف من الجنوبيين إلى وضع مهاجر مما يشكل ضغطاً على موازنة السودان. في تقديري أن على السودان أن يعلب دوراً في التسوية السياسية الشاملة في جنوب السودان.. إذا لم يستقر الوضع في جنوب من الصعوبة أن ننعم بهدوء البال.. وحده الاستقرار هو الذي يدعم السلام ويفتح أبواب التنمية.. لذلك على القيادتين في جوبا والخرطوم أن يفكرا في دعم التسوية هنا وهنالك. بصراحة.. كلما اشتدت الحرب في الجنوب كان التأثير سالباً على شمال السودان.. الضغوط تجعل سلفاكير يعتمد عسكرياً، وبالكامل، على حلفائه السابقين في قطاع الشمال.. معظم الأطقم الفنية في الجيش الشعبي تعود لأصول سودانية.. (ااخ) عند سلفاكير تعني ياسر عرمان.. هل يفهم ذلك من يصرون على العودة لمربع الأزمة مع جنوب السودان. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة