من يدعون إلى ثورة ثقافية هم واهمون ؛ حتى أمريكا بها أغلبية جاهلة وإن لم تكن أمية ولكن هناك إلى جانب ذلك أقلية مسيطرة عبارة عن اندماج بين الرأسماليين والمثقفين وخاصة المؤسسات التعليمية ، هذه الأقلية توجه الإعلام وتوجه الديموقراطية وبالتالي لا اختلاف بين ديموقراطية أمريكا وديموقراطية إيران . مثال على ذلك هناك الآن مرشحان خلاف كلينتون وترامب ولكن من يعلم عنهما شيئا؟ لا أحد حتى في أمريكا نفسها رغم أنهما مرشحون مثقفون ولديهم رؤية سياسية واقتصادية متميزة مثل غاري جونسون ، جيل ستاين ، فان مكمولين ، داريل كاستيل ، فلماذا لا يسلط الاعلام الأمريكي الضوء عليهم كما يفعل لكيلينتون وترامب؟ في الواقع لا توجد ديموقراطية كاملة وإلا أدت إلى هشاشة الدولة كما هو الحال بلبنان التي عاشت سنتين ونصف دون رئيس وتتجاذبها أطراف دولية عدة كايران والسعودية واسرائيل وامريكا وفرنسا ، وسابقا سوريا. الديموقراطية الكاملة تعني دولة بدون خطوط حمراء واعلام فوضوي وسياسات متقلبة تختلف وتتغير بتغير القوى السياسية المتصارعة على السلطة. فكل ديموقراطيات العالم تخضع لحكومات سرية في دولها العميقة ، تتيح حريات إلى حد معقول وتمنع تجاوز حدود هذه الحريات للخطوط الحمراء ، كل الفرق بين النظام الإيراني والأمريكي أن الأول معلن والثاني خفي . لذلك فإن الدعوة إلى ثورة ثقافية هي في الواقع ذات نظرة راديكالية ضيقة لا تراعي نسب الجهل والأمية والتكتلات الاقتصادسياسية ولا أن نتاج هذه الثورة هي في الواقع منح دكتاتورية جديدة أرضية للوجود. إن كان المنادون بالثورة الثقافية مخلصون لمبادئهم فما عليهم سوى العمل على الوصول الى السلطة وبناء تحالفات قوية بغرض نشر الثقافة والوعي ، رغم مافي الكلمتين (أي الثقافة والوعي) من فسحة واتساع وعدم انضباط.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة