:: أكرمه الله وإياكم بالعافية، لقد وضع أستاذنا محجوب محمد صالح يده على (جُرح غائر)، وكتب بالنص : ( ايلولة المستشفيات للولايات كانت خطأ كبيرا حتى لو بدأت التجربة بولاية الخرطوم..ولاية الخرطوم هي السودان كله، والمرافق الصحية الاساسية في الخرطوم هي مرافق قومية، والمرضى ياتونها من شتى انحاء السودان، وبعض التخصصات لا توجد الا في الخرطوم، وهذا يستدعى ان يكون امر هذه المرافق بيد الدولة المركزية، على ان تتولى الولاية المرافق الصغرى والطرفية .. لكن بناة الامبراطوريات لا يقبلون الحلول المنطقية، فهم في عجلة من امرهم لكي يصنعوا مجدهم الخاص) :: شكراً أستاذنا، ولكنهم لا يستبينوا النصح إلا ( ضحى الأزمة).. حذرنا وناشدنا ونصحنا - في عام الآيلولة - بالإبقاء على بعض المشافي والمراكز (كما هي)، ولكنهم كابروا وقرروا أيلولة كل المشافي إلى الولايات، بما فيها المرجعية والتعليمية.. والقرار لم يكن منطقياً.. فالتعليم العالي (مركزي)، ومن الطبيعي أن تظل المشافي التابعة للجامعات (مركزية)، ليكون هناك تنسيق ومتابعة ما بين (الوزارتين المركزيتين) ..وكذلك لم يكن منطقياً تجريد الوزارة الإتحادية من سلطة إدارة المشافي المرجعية و المراكز القومية التي تستقبل المرضى من كل أرجاء البلاد..!! :: ثم في طول الدنيا وعرضها، ما عدا السودان طبعاً، وزارات الصحة الإتحادية هي المسؤولة - بالإدارة والتمويل - عن هذه المرحلة العلاجية (المشافي المرجعية)، بيد أن السلطات الولائية والمحلية تكتفي بإدارة وتمويل مراحل العلاج الأولية والثانوية (المراكز الصحية والشفخانات).. ونصحناهم - في عام الأيلولة - بالوقوف على تجارب الآخرين والإقتداء بها..كل دول العالم تقريباً، حتى الدول الغربية التي تقدس الحكم اللامركزي، لم تترك حبال بعض المشافي للولايات والمحافظات ..ولكن السادة هنا - كالعادة - لم يتستبينوا النصح إلا (ضحى الاضراب).. أي بعد إنهيار الخدمات بالذرة و أبوعنجة ومراكز الكلى ومشافى الخرطوم وأمدرمان وبحري وكل المشافي المرجعية والتعليمية بكل ولايات السودان..!! :: لم تسبق قرار الأيلولة دراسة تثبت قدرة الولايات على إدارة المشافي بالتمويل المطلوب والكفاءة الكافية.. وقبل قرار الأيلولة، لم تكن هناك تجربة سابقة بحيث تكون نموذج مستشفي أو مشافي تدار ( ولائياً)، وتصلح تطبيق التجربة على كل السودان .. وكذلك لم تسبق قرار الآيلولة خارطة صحية توزع المشافي المرجعية والثانوية والمراكز الصحية حسب الخارطة المعتمدة في منظمة الصحة العالمية، بحيث يتم التوزيع بعلمية ومهنية و(عدالة)، حسب الكثافة السكانيةلكل ولاية ولكل محلية .. كل الكفاءة والأجهزة والمعدات مكدسة في الخرطوم، فآلت البنايات الفارغة والمسماة بالمشافي للولايات، وكان طبيعياً أن يتوافد مرضى السودان إلى الخرطوم..مثل هذه التجارب تخضع للدراسات قبل تطبيقها، ولكن في بلادنا فأن ( المزاجات) هي (الدراسات)..!! :: وكذلك أزمة الأيام الفائتة فضحت تجربة الأيلولة (الفاشلة)..لقد عجزت وزارة الصحة بالخرطوم عن مواجهة الأزمة بالحلول، ثم شرعت تخدع ذاتها قبل الآخرين بأنها (أزمة سياسية)..وبعد أسبوع، أي بعد تمدد الأزمة وآثارها، تدخلت السلطات المركزية - بالدفارات و القرارات و الأجاويد - وتوصلت إلى إتفاقية الحلول .. نعم، كل الأموال والأجهزة التي تدفقت في المشافي (مركزية)، وكذلك كل السلطات التي ساهمت في الوصول إلى اتفاقية الحلول (مركزية).. وغابت وزارة الصحة الولائية وتبخرت عنترياتها وسياساتها التي هلكت الطبيب والمريض .. وعليه، بما أن المجلس الإستشاري لوزارة الإتحادية كان قد إجتمع قبل أسابيع وطالب بمراجعة قرار الأيلولة، وما لم تكن كل المطالب العادلة والإصلاحية بحاجة إلى (أزمات)، فعلى مجلس الوزراء تنفيذ طلب المجلس الإستشاري (طوعاً)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة