*اليوم الجمعة هو الذي نصوم فيه عن السياسة.. *وعوضاً عنها نحكي حكاية ما زلت أذكرها كل جمعة وأخرى.. *فقد وقعت أحداثها في مثل جمعتنا هذه قبل سنوات عدة.. *وخلاصتها أن رفيق صبا- من غير أهل حلفا- لم يكن يكف عن البكاء.. *فمنذ أن حل والده بحيِّنا منقولاً من كسلا وهو يبكي.. *فقد كان يعشق كسلاوية قال إنه لم يرَ أحلى منها في حياته.. * رغم أن حياته هذه- آنذاك- لا يُعتد بطولها.. * ثم كان يطلق عليها اسم (منقة كسلا) إعجاباً بأغنية شعبية قديمة.. *أغنية يقول مطلعها: منقة كسلا حلوة وصافي لونا... تومتي بريدا غرب القاش سكونا... * وحين ازدادت حالته سوءاً- جرَّاء دمعٍ أشبه بالطرفة (البَكَّاية)- قررنا زيارة كسلا.. *ورأينا أن نضرب عصفوريْن بحجر.. *أي أن يزور (البكَّاي)- حسبما سميناه- (منقته) ليجف دمع عينه من جهة.. * وأن نزور نحن (عيناً) لا يكاد يجف (دمعها) من جهة أخرى.. *وحين توقفت العربة في (قلب) سوق كسلا كاد (قلب) صاحبنا أن يتوقف بدوره.. * فقد تنسم (الدُعاش) ذاته الذي هو من أنفاس فتاته.. *والسحب قد كفكفت (دموعها) في تلكم اللحظات من نهار الجمعة.. *وبقية القصة التي أشرنا إليها في كلمة بعنوان (منقة كسلا).. *ولكن (الجديد) هو ما أفادنا به (بطل الحكاية) نفسه هاتفياً.. *قال إن زيارة عمل لكسلا جعلت دمعه ينهمر كما في السابق.. *وإن كان السبب- هذه المرة- غير ذي صلة بما مضى.. *فقد أبصر في زقاق بالحي (العتيق) شبحاً يتخبط يمنة ويسرى.. *ثم تشكل أمامه- عندما اقترب منه- (حطام امرأة).. * وعندما تمعن في وجهها فوجئ بأنه ذو ملامح تبدو (مألوفة) لديه.. * بل هي مألوفة إلى درجة أن قلبه كاد يقع بين رجليه.. *أو طفق (يضرب) حين استعاد ذكرى (ضربات) سابقات.. *وذلك يوم (ضرب) البرق سماء كسلا لحظة توقف العربة بنا في سوقها.. * ونظرت في عينيه عميقاً - يقول- ثم مضت وهي تغمغم.. *ولم يفهم من غمغمتها تلك كلمة واحدة.. * وسألني: (لماذا رمقتني بنظرات غريبة ثم أعطتني ظهرها)؟.. *وأردفه بآخر: (وهل يمكن أن يفعل الزمن هذا بمن كانت أحلى واحدة في الدنيا؟).. *فسألته بدوري: (ولكن ماذا فعلت أنت بها مما لا نعلمه؟).. *ولا أدري إن كان قد سمع سؤالي هذا أم تجاهله عمداً.. *كل الذي سمعته: (غمغمة لم أفهم منها كلمة واحدة).. *ثم...................... (بكى!!!). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة