*أحد أساتذتنا- بالدراسات العليا- كان يكره الثرثرة.. *ويقول إن السودانيين- بالذات- أكثر العرب عشقاً للثرثرة هذه.. *وهو كان حائزاً على شهادة دكتوراه في الفلسفة من ألمانيا.. *ويضرب لنا مثلا بقصر حديث الألمان وبحوثهم واجتماعاتهم.. *ولهذا فإن سر تفوقهم- يقول- هو أنهم يعملون ولا يتكلمون.. *ويذكِّرنا- في مجالنا- ببحث الفيلسوف كانط الذي اقتصر على وريقات فقط.. *ومنح بموجبها درجة الدكتوراه مع اعتماد معلماً خاصاً للفلسفة.. *وكان عنوان البحث الذي طار بصاحبه إلى السماء (رسالة السماء).. *أما بحوث الدراسات العليا (عندنا)- يمضي قائلاً- فهي في طول خطب العرب.. *ثم هي مثلها تماماً؛ محض جعجعة إنشائية لا قيمة لها.. *وفي منتصف التسعينيات كنت أعمل بصحيفة (أخبار اليوم).. *ومن نهج مدرسة الزميل أحمد البلال الصحفية (الدخول في صلب الموضوع).. *ما كان يحب مط التقارير الإخبارية تحايلاً على انعدام المعلومة.. *فتقرير إخباري يعني معلومة جديدة وإلا صار محض (إنشاء).. *وقبل أيام أعجبتني كلمة كتبها الزميل فيصل محمد صالح في هذا الخصوص.. *قال إن تقاريرنا الإخبارية الآن تفتقر إلى المهنية.. *هي ثرثرة جوفاء تُشيد فوق أساس أخبار (بائتة) فقدت ميزة الدهشة.. *والتقارير في (أخبار اليوم) إنما كانت تحمل جديداً من الأخبار.. *أما الآن فحدث ما كنت أخشاه وحذرت منه قبل سنوات.. *وكان ذلك خلال اجتماع لهيئة تحرير (السوداني) أيام الزميل عروة.. *فقد اقترح زميلنا عثمان ميرغني وضع صورة المحرر أعلى التقرير.. *وكان مبعث تخوفي أن ينصرف الاهتمام إلى الصورة على حساب المضمون.. *سيما الذين يتعجلون الشهرة من صغار المحررين.. *وهذا ما عناه زميلنا فيصل حين عاب على تقاريرنا ضعف المهنية.. *وقال إن التلفزيونية منها تتفوق على الورقية بكثرة (اللولوة الكلامية).. *وقبل وصول تعبان دينق بيوم كتبت كلمة (خمَّنت) فيها أسباب الزيارة.. *وقلت- ما معناه- إنها زيارة تدور حول محور واحد هو رياك مشار.. *فهو يريد أن يكمل معه بالخرطوم ما بدأه في جوبا.. *بمعنى أن يقطع عنه (الموية) هناك، و(النور) هنا.. *وذلك في إطار صفقة تمتنع بموجبها الدولتان عن دعم المعارضتين.. *وبالفعل صدرت صحف الأمس وهي تبرز وعد تعبان بطرد المتمردين.. *وهذا الذي توقعناه لم نجده في تقارير- وأعمدة- صحافتنا كافة منذ زيارة تعبان.. *وذلك باستثناء (أخبار اليوم) التي نفذت- مباشرة- إلى قلب الحدث.. *وكانت مجرد كلام أن وُضع فوق بعضه لبلغ (عنان السماء).. *في حين كانت ورقتان (رسالة السماء!!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة