إن كان منع تهريب المهاجرين إلى شمال أفريقيا عبر السودان مهم عند أمريكا و دول غرب أوروبا، فإن منع تهريب الأراضي السودانية إلى مصر و إثيوبيا هو الأهم عندنا.. و على الجميع أن يفهموا ذلك.. هذا الموضوع أثاره وجود الجنجويد في المنطقة الخطأ بالولاية الشمالية.. و الأوضاع الخطأ سمة ملازمة لهذا النظام.. فقد حوّل كل شيئٍ إيجابي في السودان إلى ما يسلبه قيمته، كل شئ، حتى المفاهيم تلاعب بها فصار الدفاع عن الوطن هو الدفاع عن الكرسي بالمرتزقة و الأرزقية.. و تقزيم دور القوات المسلحة.. تقزيماً صار محل تندر محرج..
لا أحد كان يتصور أن يتدنى وضع القوات المسلحة السودانية ذات السمعة الرفيعة.. و ( القلب الحار) داخل و خارج الوطن إلى مستوى ( قفة).. مستوى تابع منكسر الخاطر لميليشيا أطلت علينا كالنبت الشيطاني من اللا مكان بعقيدة قتالية تذبح شرف الجندية.. و تسخر من عقيدة أي قوات مسلحة تحترم كينونتها و تحترم ( شرفها) العسكري! و كنت- في غابر الأزمان- تسمع بعض الضباط يقسمون:-" أقسم لك بشرفي العسكري!".. كان شرفاً رفيعاً.. ده كان زمان... يا حليل زمان!
تساءل أديبنا الطيب صالح:- " من أين أتى هؤلاء؟"! يومَ شاهد عبث ( الانقاذيين) بالدولة السودانية و انكبابهم على تغيير المفاهيم العصرية بمفاهيم أتوا بها معهم من عصور الانحطاط الفكري و القصور في فهم مقاصد الدين الاسلامي الحنيف..
يا ترى ماذا كان سيكون شكل تساؤل الطيب صالح الاستنكاري لو أنه حضر عصراً أشد انحطاطاً عما هو عليه في بداية الانحطاط مع قدوم ( الانقاذ)، و هو عصرنا الحالي- عصر تسليم مهام الدفاع عن الدولة السودانية لميليشيا أسموها قوات العم السريع ؟
قال اللواء عادل حسن حميدة، قائد الفرقة 19 مشاة بمروي، أن مهام قوات الجنجويد في الصحراء الغربية للولاية الشمالية، تنحصر في تمشيط وحماية الحدود. هذا أشنع تنازل لجندي سوداني عن شرفه العسكري لعصابة كي تقوم بالمهام المنوطة بالقوات المسلحة السودانية العظيمة..
المفترض في أي لواء ( حقيقي) مثل اللواء عادل، أن يصمت عند الحديث عن الجنجويد.. فأي كلام يصدر منه يتضمن الاشارة إلى أنهم في مرتبة القوات المسلحة أو مرتبة أعلى منها، ما هو إلا إساءة بالغة للجندية أولاً و للرتبة التي تدل عليها النجوم المرصعة و السيفين المتقاطعين على كتفيه..
و مما زاد النكاية في تقليب الأوضاع أن السيد/ علي عوض محمد موسى، والي الولاية الشمالية، أثنى ثناءً ( رسمياً) على ميليشيا الجنجويد مفاخراً بانتصاراتها " أينما حلت و في كافة الظروف”.. فزاد الإهانة المريرة الملحقة بالقوات المسلحة ( insult to injury Adding) بإهانة رسمية!
وا أسفاي " يا جيشنا.. يا جيش الهنا!".... ( ضيعوك.. ودَّروك).. و أصبحتَ ( ما بتعرف صليحك من عدوك!)
هل يستطيع معارض أن ينتقص- بعد ذلك- الدور ( العظيم) الذي يقوم به حميدتي في تلك الولاية المنكوبة بالوالي و باللواء قائد المشاة الذي تدنت رتبته يومَ تساوت مع رتبة حميدتي لواءً في مقابل لواءٍ.. و حميدتي أعلى قامة من عادل حميدة في ميزان عمر البشير..؟!
مسخرة!
الزمان زمان ( حميدتي) الذي ترقى من بيع و شراء و ركوب الحمير إلى مرتبة ( جناً أحمر راكب جواد و في إيدو جيم ثري).. و تلَّب في قفزات متتالية من الجواد إلى سيارة ( ثاتشر) ذات الدفع الرباعي برتبة لواء!.. و كل شيئ ممكن.. ممكن جداً في زمن قلب الأوضاع بمخطط ( التمكين) و تفعيِل المستحيل لحماية السلطة المسروقة و الحفاظ على المال المسروق..
بعد هذه الشهادة و تلك الاعترافات بقوة شكيمة الجنجويد و وضعهم في غرب الولاية الشمالية لحمايتها.. نسأل الذين تسللوا بليل و سرقوا الحكم في السودان عن لماذا لم يتم وضع الجنجويد شمال حلايب لحماية حدودنا الشمالية في ولاية البحر الأحمر و الشمالية.. و لماذا لا يرسلونهم إلى حيث يعيث الشفتة قتلاً و نهباً و سرقة أراضٍ في شرق السودان؟
الشفتة تعتدي على الحدود السودانية في الشرق.. و مجموعات من حرس الحدود المصري يمنعون المعدنين السودانيين من التنقيب عن الذهب داخل الاراضي السودانية.. و يدخلون الأراضي السودانية و يتصرفون كما يشاؤون.. و هم على مرمى حجر من حلفا القديمة كما تأكد للجميع عقب الحريق الذي شب داخل ميناء حلفا حيث وصلت سيارات الاطفاء المصرية في ثوانٍ- و بلا تأشيرة- و تولت إطفاء الحريق.. و أخونا د. فيصل عوض يصرخ:
" تجاهُل المُتأسلمين الكامل لتوغُّلات المصريين بوادي حلفا، واحتلالهم (الفعلي) لعُمُوديات الصحابة واشكيت ودبيرة وسره (شرق وغرب) وفرص (شرق وغرب) وثلاثة أرباع أرقين! ولم يكتفِ المُتأسلمون بذلك، وإنَّما منحوا المصريين مشروع الكنانة بمساحة مليون فدان، مع الشروع في تقديم المزيد الأراضي في العُمق السوداني بالدمازين وسِنَّار بدعاوي التكامل بين البلدين. كما سَمَحَ المُتأسلمون للجرَّافات المصرية بالصيد في مياهنا الإقليمية بالبحر الأحمر... كانت مصر (آنذاك) مُتوغلة داخل السودان من جهة وادي حلفا بنحو 17 كيلومتر فقط، والآن التهمت (فعلياً) كل العُمُوديات الواقعة شمالها، وما يزال زحفها مُستمراً نحو الجنوب......." يصرخ و يصرخ و لا من مجيب..
ليس من كبريات همومنا تهريب المهاجرين إلى شمال أفريقيا عبر السودان.. لكن أكبر همنا هو تهريب الأراضي السودانية إلى مصر و إثيوبيا.. دعك عن بيع السودان كله لدول أخرى عينك.. عينك!
يا جماعة ( نداء السودان).. لا توقعوا على أي خريطة حوار دون التأكد من أن الثعالب النظام ( لا يستطيعون) أن يلعبوا بالسودان كما يشاؤون..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة