ليس هناك عصراً، إكتسبت فيه " الميديا" زخماً وإهتماماً وتاثيراً، كما هو حاصل هذه الأيام في عصر الاعلام الرقمي، الذي لعبت فيه التقنية الحديثة، دوراً مؤثراً في حياة المجتمعات، والشعوب والدول، فالتواصل أفقياً ورأسياً، اصبح متاحاً وسهلاً، من خلال الهواتف الذكية، التي كسرت الحواجز واخترقت الموانع، بجانب الفضائيات التي تمطر عقولنا بالاخبار والمعلومات والتحليلات ليل نهار..! الميديا، أصبحت هي التي تصوغ الرأي العام، في العالم كله، وهي التي تقرر السياسات العامة، وأحياناً تصعنها، وتتحكم في مجرياتها وتؤثر في نتائجها، إنه نوع من السيطرة على العالم بأيد ناعمة..! الانقاذ بعقليتها المأسونية، لم يغب عنها أهمية دور الاعلام، فوظفته ضمن أسلحة أخرى، لإطالة عمرها في السُلطة..! وفي ضوء لعبة المواقع وسياسة الفوضى الخلاقة، أو بالأحرى الهدامة..! شهدت المنطقة العربيّة، ثمة تغيرات وتطورات، لم تكن تخطر على بال الكثير، لعبت الميديا، دوراً خطيراً فِيهَا، وربما الدور الحاسم.. ! بلد صغير في الخليج، مثل قطر، لا جيش ولا صناعة ولا زراعة، فقط بالمال والإعلام أصبح بلداً مهاباً، يرهب ويخيف الآخرين مثل أية دولة عظمى..! قطر بلد صغير، من حيث المساحة وعدد السكان، لكنه في مجال الفضاء، اصبح بلداً كبيراً، من خلال توظيفه لأمواله في مجال الفضاء، ممثلاً في الخطوط الجوية القطرية، التي تهبط في اغلب مطارات العالم، وتتميز بخدمات عالية، مقارنة بغيرها من خطوط الطيران، وهذا اكسبها سمعة طيبة في هذا المجال..! ووظفت قطر ايضاً اموالها في عالم آخر له علاقة بالفضاء، وهو عالم الاعلام..! ممثلاً في قناة الجزيرة. مجرد اعلان، من تلك القناة، أعلنت فيه نيتها، بث لقاء كانت قد سجلته مع الراحل، د الترابي..! بدأ الخوف يدب في أوصال النظام، خوفاً من فحوى اللقاء، وتأثيره على استقراره وبقائه في السلطة، التي وصلها عبر طبخة، أعد كل مكوناتها وأشرف عليها الترابي، الذي كان ملماً بكل خفايا النظام، إبان وجوده في قمته، او من خلال عيونه داخل النظام بعد إنشطار كابينة القيادة، الى مؤتمر وطني، ومؤتمر شعبي..! اللقاء الذي أعلنت قناة الجزيرة عن رغبتها بثه، إشاع الخوف في قلوب التنظيمين لاسيما المؤتمر الشعبي، الذي كان يتزعمه الراحل د حسن الترابي..! يا إلهي.. الى هذا الحد أصبحت الميديا مخيفة..؟ نتيجة للدور الذي لعبته، إبان الأحداث التي عصفت بالمنطقة العربية منذ عام 2011 وحتى الان في ضوء الأوضاع التي تعيشها المنطقة، والمواقف التي أصبحت تتغير بسرعة لا يتخيلها العقل..! منذ ذلك التاريخ أصبحت كل الأشياء في المنطقة العربية، تتحرك بسرعة هائلة، بحيث يصعب علينا اللحاق بها..! مواقف اليوم لا تشبه مواقف الامس، ولا ندري ما ستكون عليه غداً..؟ في ظل هذه المتغيّرات والتطورات ..! جاء اعلان قناة الجزيرة ببث اللقاء..! وهنا ربما يتساءل المرء، لماذا الإصرار من جانب قناة الجزيرة على بث اللقاء..؟ وما الجديد في اللقاء ..؟ ولماذا الإصرار من جانبها لبثه برغم توسل النظام وحزب المؤتمر الشعبي، بعدم بث اللقاء ..؟ ودوافع التوسل من جانب الطرفين معروفة ومفهومة، كونهما كانا صناع الشر والخراب والدمار في السودان منذ 1989وحتى الآن.! لكن ما نحن في حاجة لمعرفته، هو، ما هو الدافع وراء اصرار قناة الجزيرة على بث اللقاء..؟ هل بغرض إظهار الحقائق..؟ ام ضغط لتحقيق مصالح ..؟ ام لتغيير مواقف ..؟! وبرغم أهمية بث اللقاء، والذي يتشوق اليه كل سوداني، في داخل السودان وخارجه، لكن بسبب الأحداث التي حدثت في المنطقة العربية والمتغيرات منذ 2011 حتى الان، التي لعبت الميديا عموماً دوراً خَطِيراً فيها.. لاسيما قناة الجزيرة، ممّا أدى الى سقوط بعض الأنظمة العربية واستمرار بعضها برغم انتهاء صلاحيته..! الامر الذي أدى الى انقسام الرأى العام العربي حيال موقفها ودورها تجاه الأحداث التي حدثت، في المنطقة العربية، بدءاً من تونس وحتى البحرين... اذ رأى فيه البعض تحريضاً على الفتنة، بينما رأى فيه البعض الآخر، تحريضاً على الثورة .! وفي ظل الأجواء السياسية الغائمة في المنطقة العربية بعد احتلال العراق، وما ترتب عليه من نتائج وخيمة سواء في داخل العراق ، أو في الوطن العربي بمجمله..! من حقنا أن نتساءل ونحن نقرأ ونسمع عن اللقاء المزمع بثه عبر قناة الجزيرة ..! ما الذي تتوخّاه قناة الجزيرة من وراء بثها للقاء..؟ وما الجديد الذي حواه لقاءها مع الترابي الذي لم يعرفه الشعب السوداني حتى الآن..؟ وما الجديد في خط قناة الجزيرة..؟ وإلى أين تتجه..؟ هل تريد ان تغير خطها الاعلامي ..؟ ام لم تعجبها مسيرة النظام المتعرجة..؟ يوم مع إيران.. وآخر مع السعودية..؟ نطرح هذا لمعرفتنا، ان قناة الجزيرة، تعرف تماماً، أن تجربة النظام في السودان منذ يومها الاول، وحتى يوم وساعة بثها للقاء المنتظر... هي تجربة باطلة... لإنعدام شرعية الحكم، ونزاهة الممارسة...! وهذا بيت الداء..! الداء في الرأس وليس في بقية الجسد..! نحن في السودان برغم خيبتنا في قناة الجزيرة، نتيجة انحيازها للنظام، إلا إننا لم نبلغ درجة اليأس والقنوط بعد..! صدرنا رحب وفي وسعنا الصبر، لكن بعقل يقظ ... لذلك نطرح هذه الأسئلة ما الهدف من وراء بث اللقاء..؟ أهو التحريض على الثورة..؟ أم هو التحريض على الفتنة...؟ أم ان الأمر لا علاقة بالاحتمالين..؟ بل هو بغرض التهديد لتغيير موقف..؟ لنفترض ان الموقف قد تغير، وتحقق الهدف.. هل سيبث اللقاء، وإن بث، هل سيبث كاملاً..؟ أم سيبث بعد فلترته من كل المعلومات الخطيرة، التي تهدد أمن النظام، وتفسد مشاعر التقارب بين المؤتمر الوطني الحاكم، والمؤتمر الشعبي الذي يتطلع للمشاركة في الحكم..! تحت لافتة الخديعة المسماة بالحوار الوطني..! عندها تضيع الحقيقة ويكون الخاسر الأكبر المواطن، الذي تهمه معرفة الحقيقة.. لأنه لا يحيا بالخبز وحده، بل له عقل يريد معرفة صحة الخبر، من عدمه..! الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة