قرار حكيم تأخر كثيراً ذلك الذي اتخذه وزير الدفاع الفريق أول عوض ابنعوف حول الخدمة الوطنية التي عانت من تخبط جفت حلوقنا ونحن (ننبح) مطالبين بإزالته تصحيحاً لها مما لحق بها من أخطاء لم تفعل غير الحاق الأذى بالتعليم والاضرار بالاقتصاد الذي ظل ينزف مهدراً عشرات بل مئات المليارات من الأموال في مستنقع العدم بلا فائدة تذكر . آمال عراض نعلقها في وزير الدفاع الجديد الذي سبقته شهرته بأنه رجل ذو قدرات عالية نأمل أن يوظفها في تصحيح كثير من الأخطاء، وفي إحداث ثورة حقيقية يهتم فيها بالمعاني عوضاً عن المباني، تقويةً وتأهيلاً للقوات المسلحة التي لو نهضت وقويت شوكتها وأمنت حدود الوطن وكبحت جماح التمردات التي انهكت البلاد وعطلت مسيرتها لكان الحال غير الحال، ولنعمنا بالأمن والاستقرار ولاحتل السودان مكانته واستعاد هيبته بين الأمم المستقرة لا التي تنهشها الحروب والتمردات. ركوب رأس وهياج ثوري قرر في سنوات الإنقاذ الأولى إضاعة عام كامل من طلاب الشهادة الثانوية (لخبط) التعليم الجامعي وأخل بالتقويم الدراسي وأحدث تداخلاً بين سنوات الدراسة الجامعية بدون أدنى مسوغ غير الانفعال بتجربة (الكديت) المختلفة تمام الاختلاف، والتي كانت تجرى خلال فترة خمسينات وستينات القرن الماضي في العطلة الصيفية مرة واحدة في فترة التعليم الثانوي. كتبنا مراراً وتكراراً أنها عديمة الجدوى ذلك أن المجاهدين كانوا لا يحتاجون إلى خدمة وطنية إنما كانوا يذهبون إلى معسكرات الدفاع الشعبي برغبة واندفاع ذاتي بينما كان طلاب الشهادة الثانوية يكرهون ويساقون بالعصا إجباراً على التدريب من خلال الحرمان من دخول الجامعة وعدم تسلم الشهادة وغير ذلك من السياسات الخاطئة التي كان الطلاب وأسرهم يضطرون إلى الخضوع لها إضطراراً لأداء الخدمة الوطنية التي فوق ذلك لا تغنيهم عن إكمالها بعد انتهاء المرحلة الجامعية!. لم ترفد الخدمة الوطنية لطلاب الثانوي النفرات الجهادية التي لا تأتي بالإكراه لكنها (لخبطت) التعليم جراء عقدة وفهم قاصر لدى بعض العسكريين أن (الملكي) لا تكتمل رجولته ويصبح (زول) سوياً وراشداً إلا إذا خضع لتدريب عسكري!. الحمد لله رب العالمين إننا بعد تجربة مريرة أهدرنا فيها على مدى عقدين من الزمان أموالاً مليارية وربما تريليونية كان من الممكن أن تفيد وزارة الدفاع في التأهيل والتدريب والتسليح نعود إلى الصواب الذي كثيراً ما نفتقده جراء عدم مراجعة السياسات وإخضاعها إلى التقويم والتصحيح. ازيحت معسكرات عزة السودان لطلاب الثانوي والآن تتخذ قرارات تزيح كثيراً من الأغلال المفروضة على الخريجين الذين كانوا يحرمون من الحصول على شهاداتهم الجامعية من خلال إلغاء 14 رسماً وتخفيض سبعة رسوم أخرى ذات علاقة بالخدمة الوطنية وليت الوزير الهمام يخفض فترة الخدمة الوطنية للطالبات إذا لم يستطع إلغاءها تماماً، خاصة طالبات الطب اللائي تضيع منهن سنة في الامتياز وسنة أخرى في الخدمة الوطنية مما يؤخر من دخولهن الحياة العملية بل والزوجية! . كذلك فإن كثيراً من الدول التي تشهد حروباً مثل العراق تخفض فترة الخدمة الوطنية وتمنح فرصة لشراء الإعفاء من أدائها فهلا أفدنا من تجاربها؟. ننتظر انجازات كبرى من الفريق أول عوض ابنعوف خاصة في إنهاء التمردات التي ولدت ولا تزال عشرات الحركات المسلحة ويكفي ما يفقع المرارة ويفري الكبد من توالد وتكاثر لتلك الحركات التي بلغ عدد المشاركة منها في الحوار الجاري الآن بضعاً وثلاثين وربما هناك عشرات أخرى في الطريق فوا حر قلباه!. أقول إن السودان ما كان سيكون على هذا الحال وما كان الرويبضة عرمان وعبد الواحد النور وعقار المتمرغون في نعيم الفنادق المخملية في أوروبا بينما الذين يتاجرون باسمهم يعيشون في معسكرات الذل.. أقول ما كانوا ليجدوا فرصة أن ينالوا من السودان ويطمعوا في إنفاذ مشروعاتهم الاستئصالية التي يزعمون أنها تبتغي (تحرير السودان) لو كنا قد تمكنا من إخضاعهم لسلطان الدولة ولكن!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة