مازالت الأزمة المُسلّحة - وغير المسلحة- فى دارفور، تُراوح مكانها، فيما يمتلىء الفضاء الإعلامى السودانى، برسائل شتّى - بعضها متناقضة، وأُخرى مُتضادّة، وغيرها مُتضاربة - لدرجة أنّها تُشوّش على بعضها البعض، مع أنّ الجهة المرسلة واحدة، والمفترض فى هكذا حالة، توحيد الخطاب الإعلامى، وهكذا، تنشط الإنقاذ لتبعث بحزمة من الرسائل المتناقضة، جُلّها إن لم نقل كُلّها، للرأى العام العالمى أوّلاً - وربّما أخيراً- تنشرها عبر طنين آلتها الإعلامية الرسمية، وشبه الرسمية، وكُل هذا وذاك سيعطّل فهم وادراك ماذا تريد دولة الإنقاذ - حقيقةً - بدارفور؟. مع كُل صباح جديد، بل، فى مُستهل كل نشرة أخبار، مازالت هناك أصوات عالية، تتحدّث عن انهاء التمرُّد، وهذه " حدُّوتة " قديمة - جديدة- ظللنا نسمعها، عاماً بعد عام، وبخاصّة، مع نهايات كُل عام ميلادى، فيُطلق على العام المقبل، تيمُّناً بإنتصارات زائفة " عام حسم التمرُّد "، ولم يخل العام الحالى من تلك الدعوات المكرورة، وقد جاءت عليها، من باب زيادة " الشمار" أو " الشمارات الحربية " أحاديث عن " تجفيف " المُعسكرات، و"عودة " النازحين لقراهم، وفى ذات الوقت، تظهر نغمة مُغايرة ، تتحدّث بنبرة هادئة، وأميل للحزن - لإظهار الأسى، من ويلات الإحتراب - عن " تخيير " النازحين، بين العودة لمناطقهم الأصلية وبواديهم المُجدبة - بفعل الحرب-، والبقاء فى أماكن تواجدهم الجديدة، مع الوعد بتعمير تلك وهذه .. وقبل فض الإشتباك والإرباك بين الفكرتين، تظهر فجأةً أصوات أُخرى تردّد ليل، نهار، " كلام الطير فى الباقر" عن قيام ( استفتاء دارفور )، فى موعده " المضروب"، وتحكى من خيالٍ عجيب، قصص عن السلام الذى تحقّق على الأرض، منذ سنوات، و" بات " يعُم دارفور فى السنوات الأخيرة، وكُل هذا وذاك خليط من خُطط مُتناقضة ، يبدو أنّها كامنة فى ذهن صانعى القرار، وبعضها حبيس أضابير كتاب الإنقاذ لصناعة الحرب والسلام. فى هذا المناخ غير الواضحة معالمه، والملىء بالتناقضات، والمتناقضات، و فى غمرة هذا الطحن الإعلامى الكثيف، و " اللت والعجن" الكلامى، يتم تشكيل واعلان (مفوضية استفتاء دارفور)، وتمضى الخًطط فى طريق التنفيذ، على الورق، دون النظر بعينٍ فاحصة، للواقع الذى يتوجّب " استصحابه " فى اقامة ( الاستفتاءات)، ويُمدّد أجل موتمر الحوار الوطنى، وقد " انضمت إليه، حركات دارفورية مسلحة، مُنشقّة من حركات مسلحة، جاءت لـ(مولد ) الحوار الوطنى، وفق" تفاهمات" ثُنائية مع المؤتمر الوطنى، أو بعض أطرافه، و " وعود " بالـ(تمكين)، وما أدراكما التمكين، وهى تفاهمات غير معلومة، بالتأكيد، للرأى العام السودانى، والدارفورى على وجه الخصوص، وهذا يُزيد المشهد الدارفورى تعقيداً، وقتامةً، فيجعل قراءة الواقع أكثر صُعوبة ممّا مضى، و قد يفتح الإصرار على إقامة ( الإستفتاء) بدون تجهيز مستحقاته، أبواب جهنّم على دارفور، فتنزلق عشيّة الإستفتاء بعض مناطق دارفور، إن لم يكن - كُلّها-، إلى حالة جديدة من الفوضى والعنف الجرىء والإحتراب، وهذا ما لا نتمناه لدارفور، فلنرفع الصوت عالياً ضد الحرب، ولنواصل المطالبة بتمكين العدالة والسلام والإنصاف، واحترام وتعزيز حقوق الإنسان فى دارفور، وفى مقدمة الحقوق، الحق فى الحياة، والكرامة الإنسانية. فيصل الباقر [email protected][email protected]أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة