|
نظرة توحيدية في التجديد الديني (5) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد
|
تجديد فهم الأصول الحركة والتغيير من طبيعة الحياة وهو تغيير نحو الأحسن وإن بدا احياناً وكأنه نحو الأسوء فالإنسان عدو ما يجهل. الفقه الإسلامي ركز على الثابت أكثر من المتغير، مع ان المتغير يؤثر على الثابت بصورة مستمرة بينما الثابت يؤثر على المتغير مرة واحدة الا اذا تم تغيير الثابت بصورة مستمرة. نحن في حاجة لإرجاع عقارب الزمن الفكري لعهد التدوين الأول لإعادة توجيه العقل المسلم من جديد. نحن نحكي عن قول القرءان الكريم وعن اعلانات إبليس الأولى وعن وصف القرءان لحالة الإنسان بعد تلك الاعلانات. ذلك من أجل تجديد الأساس والتجديد من علامات الحيوية والحياة للإسلام. للزمان دورة تطول الف سنة تقل أو تزيد وهو ما يعادل يوم واحد من ايام الله. أي ما يعادل 960 سنة أي ما يعادل 990 سنة قمرية. "...وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)" الحج. "...كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)" الرحمن. فاذا صح الحديث القائل بتجديد الدين على رأس كل قرن "ان الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" (رواه ابو داؤود) فما بالك بما يجب ان يحدث على رأس كل الف سنة. بحسب القراءة التاريخية كل 960 عام تقريباً تكون هنالك محاولة لتجديد انقلابي. وكل مائة سنة تكون هنالك محاولة لتجديد انسيابي. وكما ذكرنا سابقاً جاء في الحديث "يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". وروي عن النبي (ص) أنه قال للإمام علي "انك لذو قرنيها". ذو القرنين: اول القرن ونهاية القرن (والقرن قد يكون الف عام) ولعل فكرة المهدي من آل البيت قد تولدت من مقتضيات هذا النص النبوي. في كل دورة تؤخذ روح النص لتنزل على واقع جديد بأدوات جديدة ومناهج جديدة. بهذه المنهجية القرءانية تحل مشكلة المقدس والواقع ومشكلة الشريعة والزمان ومشكل العقل والنقل. إن الحديث عن التجديد الديني كجزء من تجديد الفكر يعني أن بعض المفهوم السائد للدين وصل مرحلة أصبح من الصعب عليه ان يواكب الحياة العامة للإنسانية والتي تحورت وتطورت بصورة لم يسبق لها مثيل. وتجديد الفكر الديني قد يأتي كدافع ذاتي من داخل المنظومة الدينية او قد يأتي بحسب قانون الدفع الإلهي من الخارج، من خارج منظومة دين بعينه او حتى من خارج المنظومة الدينية ككل مثل التأثير الفكري والإقتصادي والسياسي او حتى الجغرافي. هناك داخل كل دين معاني يمكن إستنباطها لتلبي حاجات كل عصر. وهنا نذكر الحديث الذي يعتمد عليه دعاة الجمود ورافضي التجديد : "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجز واياكم ومحدثات الأمور فان كل محدثة بدعة وان كل بعدة ضلالة" اخرجه ابو داؤؤود والترمذي. هذا الحديث يناقض مناقضة صريحة آيتين من كتاب الله "وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5)" الشعراء. والآية: "وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)" القمر. فالآية وصفت الذكر الإسلامي بالحداثة وعليه لا يكون كل محدث بدعة كما وأن الآية انكرت على الناس التسليم لمستقرات الأمور. التجديد المنهجي الذي ندعو له على قواعد الغزالي وابن رشد (على تناقض مواقفهما من العقل في زمانهما) وهو تجديد المناهج وإصلاحها لكي تقفز بالوعي العربي المسلم فوق درجات القرون الطويلة لتعوضه عن كل السنوات التي ظل فيها نائماً، ولن يتحقق ذلك من غير نقد مناهج السلف الصالح عبر الشك المنهجي. والشك المنهجي ليس من ابتداعنا وانما قامت عليه كل الحضارة الغربية الحديثة الذي اخذته من الغزالي، وهو موجود في الفكر الإسلامي بنص القرءان في شك إبراهيم الخليل. وسندلل (في عمل آخر) على صحة قولنا بأن اشهر اقوال مفكري الغرب الذين قامت على اكتافهم الحضارة الغربية الحديثة ربما يكونوا قد اخذوا عن الغزالي سراً مثلما اخذوا عن ابن رشد جهراً ولقد كان الناس في ذلك الزمان لا يذكرون مصادر علمهم، او ربما لم ينقلوا من بعضهم بإعتبار ان المعلم واحد. ندعوا لتجديد مناهج الأصول لكي يتجنب الإسلام مصير المسيحية، التي اعلنت عن تحرير الإنسان في مشروع جريء لم يتحقق حتى الآن، ولكي ننتج مشروع اخلاقي تحريري ملتزم بأصول الاسلام. بسبب ارتباط الإسلام بوعي المسلمين يكون من اللازم بداية أي عملية إصلاحية من إصلاح فهم الدين وأي عمل إصلاح منهجي في بنية الوعي المسلم يبدأ بإصلاح مناهج المعرفة والوصول للحقيقة والوصول للأحكام في زمن التأسيس الثالث. فالتأسيس الأول هو عصر الرسول الكريم، والبناء الأول هو زمن الخلفاء الراشدين والبناء الثاني في العصر الأموي ثم الثالث في العصر العباسي وتوج البناء بظهور قمة التصوف بحركة اخوان الصفا وحركة الحسين الحلاج الذي حاول ان يضع سقفاً لبناء الوعي المسلم وكما هو معلوم طبيعة السقف واتجاهه ومواده تختلف عن اتجاه ومواد البناء الأول. رفض الحلاج مثلما رفض المسيح (ع) مما استدعى انتقال المشروع برمته إلى غرب اوروبا في العالم المسيحي عبر حركة الإصلاح الديني. فالبيت لديه ثلاث مراحل في البناء، الأساس له مواده وطبيعته وهو في إتجاه البناء الرأسي. ثم البناء الظاهر وهو له طبيعته ومواده ثم السقف الذي له طبيعته ومواده واتجاهه. ومعلوم ان الأساس لا حاجة فيه لأبواب ونوافذ ولكن البناء عند نهوضه يحتاج لأبواب ونوافذ. هذه الأبواب والنوافذ هي تداخل الإسلام مع الثقافات الأخرى واخذه وعطاءه معها. فالمناهج تتطور حسب حاجة المرحلة وضرورتها. البناء الأول لم يتوج بوضع السقف الذي يشكل راحة للوعي ومحطة يستريح عليها ويشكل متانة للبناء، وبدلاً عن ذلك واصل الوعي المسلم في بنيانه مما شكل عاهات خطيرة في استقامة البناء وتطاول بنيانه مما أدى لانهيار بعض اجزائه والذي تجسد في الاجتياح الكامل للتتار لديار الإسلام. اعتبار دالة الزمان في بنيان الوعي المؤمن امر مهم للغاية بدونه يصعب استيعاب جوهر الدين والغاية منه وبدونه يصعب اجراء عمليات الإصلاح والتجديد الكلي. فقد تمكنت المسيحية والغرب عموماً من تحقيق تطور كبير بسبب حركات الإصلاح الديني (reformation) وهي كلمة لا تعني ببساطة الإصلاح، انها تعني اعادة التشكيل، اعادة البناء. فهي اكبر من مجرد التجديد. لذلك اعادة قراءة النص والتاريخ واعادة سيرهما هي اقرب ما يكون لمعنى كلمة Reformation.
- نظرة توحيدية في التجديد الديني (4) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 01-02-15, 02:41 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرة توحيدية في التجديد الديني (3) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 31-01-15, 02:44 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرة توحيدية في التجديد الديني (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 30-01-15, 01:54 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرة توحيدية في التجديد الديني (1) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 29-01-15, 01:43 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- تأملات روحية في مقاصد الشريعة الإسلامية (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 28-01-15, 02:56 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- تأملات روحية في مقاصد الشريعة الإسلامية (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 27-01-15, 04:48 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- تأملات روحية في مقاصد الشريعة الإسلامية (1) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 26-01-15, 01:34 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- هل من سبيل للتقعيد الجمعي لمقاصد الشرع (2) بقلم عبد المؤمن إبرهيم أحمد 25-01-15, 04:53 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- هل من سبيل للتقعيد الجمعي لمقاصد الشرع بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 24-01-15, 03:30 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- قراءة حداثية في النص (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 23-01-15, 01:28 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- قراءة حداثية في النص (1)ن بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 22-01-15, 01:26 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- خروج الإنسان الأول عن النظام الأول (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 21-01-15, 02:03 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- خروج الإنسان الأول عن النظام الأول (1) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 20-01-15, 01:18 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- مقدمة في تجديد فهم أصول الدين (3) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 19-01-15, 01:50 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- مقدمة في تجديد فهم أصول الدين (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 18-01-15, 12:42 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- مقدمة في تجديد أصول الدين (1) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 17-01-15, 03:04 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- مأزق العقل الحداثي (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 16-01-15, 02:06 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نحو منهج جامع للفكر الديني في سبيل اليوتوبيا بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 15-01-15, 12:38 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرة حداثية في أنطلوجيا الخلق والإنسان (3) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 14-01-15, 01:26 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرة حداثية في أنطلوجيا الخلق والإنسان (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 13-01-15, 04:43 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرة حداثية في أنطلوجيا الخلق والإنسان (1) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 12-01-15, 04:57 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نحو منهجية علمية حداثية في فهم الدين (3) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 11-01-15, 02:41 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نحو منهجية دينية علمية تجديدية (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 10-01-15, 05:50 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نحو منهجية علمية حداثية في فهم الدين (1) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 09-01-15, 01:35 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرة حداثية في نشأة الدين (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 08-01-15, 03:39 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرة حداثية في نشأة الدين (1) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 07-01-15, 05:09 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- التصوف وكمال الوجود الإنساني بقلم عبد المؤمن إبرهيم أحمد 06-01-15, 05:10 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- هل هنالك حرب بين الوجود والمعرفة؟ بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 05-01-15, 02:31 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- الوجود الإنساني وجود ناقص (1) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 03-01-15, 06:03 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- معرفة الوجود بين الحتمية والإحتمالات بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 02-01-15, 07:28 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- حدود الوجود بين المعرفة والممارسة بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 01-01-15, 06:58 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- هل من علاج لتشظي الوعي البشري؟ بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 31-12-14, 02:01 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- الذعر الوجودي وأطراف الوجود بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 30-12-14, 07:24 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- نظرات في أوضاع الإنسان اليوم بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 28-12-14, 03:14 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- ظهور الزمان والمكان وخلق الأكوان والإنسان بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 28-12-14, 07:49 AM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- الدين والحداثة والعولمة بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 24-12-14, 11:34 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- الإنسان وجود ممزق بين عالمين بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 24-12-14, 09:34 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
- مأزق العقل الحداثي بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد 24-12-14, 09:30 PM, عبد المؤمن إبراهيم أحمد
|
|
|
|
|
|