|
صداع اليوناميد يكسر رأس الحكومة - بقلم يوسف الجلال
|
هبوط اضطراري
"لن نرضخ للحكومة، ولن نغادر دارفور قريباً!"، هكذا قال رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة "هيرفيه لادسو". ومضى الرجل الى أبعد من ذلك مؤكدًا، أن بعثة "اليوناميد" ستظل باقية في دارفور طالما أن الأزمة حاضرة، وأنه ليس في جدول أعمال البعثة مغادرة دارفور قريباً، والحكومة تعلم ذلك".
حسناً، فرجل الأمم المتحدة حسم كثيراً من الجدل، وأزاح الكثير من الغموض. فبعد ان هيأت الصحافة نفسها للتعامل مع ما أذاعته الحكومة من أنها أخطرت اليوناميد رسمياً بضرورة الترتيب لخروج تدريجي، وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع موقف اليوناميد الجديد، خصوصًا أنه حمل معلومات جريئة، لا تخلو من عنصر المفاجأة. ويبدو أن الوضع لن يكون على ما كان عليه، إذ أن الدبلوماسية لن تكون هي لغة التفاهم بين الحكومة وبعثة اليوناميد، لأن الأخيرة وجدت دعمًا ومؤازرة كبيرة من تشكيلات دولية مهمة. انظر إلى الأسرة الدولية ممثلة في أمريكا تجد أنها تساند بلا مواربة بقاء اليوناميد، وهذا هو موقف الأمم المتحدة ومن ورائها مجلس الأمن أيضاً.
الأكيد هنا أن المخاشنة الكلامية التي دخلت فيها الحكومة واليوناميد ستلقي بظلال سالبة على العلاقة بين الطرفين، وربما أوجدت حالة من القطيعة، التي ستنسف التوادد القديم بينهما. وظني أن الحكومة ستجد نفسها مضطرة لتكييف موقفها مع التطورات الجديدة بحيث تلبس هندام المخاشنة فعلاً لا قولاً، وهي من ظلت تتحدث بلغة تبدو عدائية في ظاهرها، بعد أن أوهمت الجميع بأنها أخطرت اليوناميد بضرورة الرحيل بأعجل ما يمكن. الآن الحكومة ستجلس للإجابة على سؤال القدرة في ورقة امتحان الأزمة الماثلة حالياً، إذ أن اللغة التي تحدث بها رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة "هيرفيه لادسو" تبدو أكثر ثقة، ولا تخلو من صدام معلن مع الحكومة. فقد كشف الرجل عن حقيقة عظيمة وهي أن الخرطوم تعلم بأن بعثة الأمم المتحدة لن تغادر دارفور، بل إن الرجل قال بصحيح العبارة وصريحها، إن اليوناميد لن ترضخ للحكومة..!
يبدو أننا – فعلاً لا قولاً - أمام فاصل جديد من التحدي والتحدي المضاد، على النحو الذي حدث إبان إعلان مجلس الأمن نيته إرسال قوة هجين، بدلاً من قوة الاتحاد الافريقي التي فشلت – حينها - في وقف العنف بدارفور. فالحكومة تقول إنها ستجبر اليوناميد على المغادرة بعدما ثبت تورطها في الترويج لمزاعم اغتصاب نساء قرية "تابت". وبالمقابل تتمنّع اليوناميد عن الخروج، وتصر على أن وجودها في دارفور سيطول طالما أن هناك تزايداً في العنف، وطالما أن هناك نزوحاً وتشرداً. وعليه يبقى السؤال هنا "هل ستصمد الخرطوم في موقفها الداعي لخروج اليوناميد تدريجياً، أم إنها ستضطر لسحب موقفها، بمثلما فعلت سابقاً، وتحديدًا بعد أن قرر مجلس الأمن إرسال أصحاب القبعات الزرقاء إلى دارفور، بدلاً عن أصحاب القبعات الخضراء..؟!"
|
|
|
|
|
|