تطرح علينا مرات كثيرة من مواقع سلفية محافظة او من مواقع تدعي التحررية اسئلة حول موقف الحزب الديمقراطي الليبرالي من قضية المثلية الجنسية والمثليين في السودان . وفي الحقيقة فرغم إن الحزب لم يدرس هذه القضية ولم يصدر رأيا موحدا حولها الا إن الاستاذة نور تاور رئيسة الحركة الليبرالية السودانية (التي تضم عدة مجموعات وشخصيات ليبرالية من بينها حزبنا) والرئيسة الفخرية للحزب الديمقراطي الليبرالي قد تطرقت لها في مقال بعنوان " مشكلة المثلية والمثليين من منظور ليبرالى سودانى" نشرته في 1 اكتوبر 2014 تناولت فيه هذه القضية تاريخيا وقانونيا وفي الواقع السوداني بمنهج وصفي ووضعت بعض الأطر العامة لتعامل الحركة الليبرالية السودانية مع هذه القضية. وفي مقال نور تاور الآنف الذكر والذي أعتقد أنه اول مقال لقيادي سياسي سوداني يتناول فيه هذه القضية الحرجة، نجد انها تطلق وصفا محايدا تجاه هذه الفئة وتصفهم بالمثليين ولا تنعتهم بالشواذ مثلا كما يجرى وصفهم بالسودان. كما هي تسرد سردا وصفيا وضعهم في تعاليم الاديان السماوية وفي المجتمعات المختلفة وفي القانون السوداني ؛ ثم تعرج للبحث عن جذور المشكلة فترجعها إما الى شعورهم العاطفي المختلف او الى التعقيدات الجينية التي ولدوا بها أو للظروف الاجتماعية. كما هي عمليا ترفض تغيير واقع المثلي بالقوة (مثلا بالعلاج بعقارات هرمونية كما تطبق بعض الدول(. واشارت الاستاذة نور تاور الى قضية مهمة وهي ضروة عزل المثلية الجنسيىة عن الانتهاكات الجنسية فلا يمكن ان يرتكب احداً جريمة تحت ذريعة انه مثلي مثل اغتصاب الاطفال او اغوائهم الخ - وفي ذلك قالت ( وفى كل الاحوال أن ما يهمنا فى الحركة الليبرالية السودانية هو احترام آدمية المثليين وعدم التدخل فى شئونهم الخاصة مثلما نحجم عن التدخل فى شئون العامة الخاصة. ويعنينا ألا يكونوا مجرمين وإلا يكونوا مصابين بأمراض معدية فتاكة وأن لا يؤذوا الغير بسلوكهم الشخصى وإلا يرتكبوا جرائم مثل الاغتصاب وممارسة الجنس مع الاطفال أو القصر أو الاقارب من الدرجة الاولى الخ . فإن فعلوا وجب عقابهم على هذه الجرائم.) فيما عدا ذلك تقترح استاذة نور تاور تعاملا عقلانيا مع المثليين وعادلا ومنطلقا مع حقوق الانسان يقوم على عدم عقابهم على ميولهم طالما لم ترتبط بجريمة ما وفي ذلك تقول ( هنا نتطرق الى حقوق الانسان المضمنة فى قوانين الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية التى تتناول الميول الجنسية ضمن منظومة حقوق الانسان وتحدد الخيارات الجنسية بأنها حق شخصى.) الا ان استاذة نور تقف ضد اعطاء المثليين حقوقا اضافية كتكوين اسر مثلية او تبني الاطفال حيث تقول (ولكننا بالمقابل سوف لن نكون طرفا فى سن أى قوانين أو تشريعات لتقنين زواج المثليين السودانيين أو تكوينهم الأسر احتراما لكريم المعتقدات وقيم المجتمع السوداني) هذا هو موقفنا كما اعلنته الاستاذة نور تاور وكما يمكن ان نعلنه في أي مكان . وأقول بصورة عامة إني اتفق مع اطروحات استاذة نور مع بعض الاختلاف في الصياغات او المنطلقات. وقد جرت نقاشات مختلفة في الحزب حول هذه القضية عبرت عن آراء مختلفة ولكن لم يتم صياغة موقف محدد وملزم للحزب من هذه المشكلة . واذا كان يمكن تلخيص موقف الحزب الديمقراطي الليبرالي العام من هذه القضية - كما افهمه وكما ظهر في النقاشات - أنه لن يطارد المثليين ولن يعمل على قمعهم وتجريمهم ولا على اجازة قوانين ضدهم ولن يوافق عليها - إن وجدت - . من ناحية أخرى لن يعمل على اعطاء أي امتيازات للمثليين ولن يسمح بارتكاب جرائم من طرفهم أو جرائم ضدهم ولن يكون راس الرمح في الدفاع عن مطالبهم اذا كان لهم مطالب ؛ بل هم من يجب ان يقوموا بهذا الدور إن ارادوا. فواجب الحزب الآنى واولويته هي الدفاع عن وتمثيل مصالح اغلب السودانيين وهم يواجهون قضايا الحرب والفقر والمرض والجهل - وهذه هي اولوياتنا واولويات الوطن . ومن ضمن تمثيل مصالح المواطنين السودانيين نرى في المقدمة حماية الاطفال والقصر وهم أجيال المستقبل من جميع انواع الانتهاكات الجنسية مثل الاغواء والتحرش والاغتصاب الخ ؛ مما يمكن ان يقوم بها الراشدون مثليون كانوا او غير مثليين. هذه قضية اساسية للحزب الليبرالي ولن يتهاون معها ابداً وسيعمل على سن قوانين رادعة تجاه مثل هذا النوع من الجرائم بما فيها الاخصاء الكيميائي للجناة. وهناك اشارات كثيرة وشواهد لقيام بعض المثليين في السودان باغواء او اغتصاب الاطفال والقصر . كما نرى ان الدفاع عن الاسرة السودانية وضمان تطورها السليم واستقراراها واحدة من اولويات حمايتنا لمصالح المواطنين؛ ذلك ان الأسرة هي النواة الاساسية للمجتمع. والحقيقة إن لمجتمع السوداني في حالة أزمة والدولة السودانية في حالة انهيار. ونحن في الحزب الليبرالي قد حددنا هدفنا في اعادة بناء الدولة السودانية كي تكون صديقة للمواطن وفي بناء مجتمع حر وحديث. الفرد مهم في منظومتنا ولكن ايضا الأسرة والمجتمع مهمان. ومن دراستنا لواقع الفرد والمجتمع خرجنا باولويات وببرنامج سياسي وبرنامج للعمل هو ما يلزمنا وما يجب ان يحاسبنا الناس عليه. تصورنا لليبرالية محدود بواقعنا واولوياتنا وبما هي برنامج سياسي - اجتماعي. لا نحجر على الاخرين ليبراليتهم ولا ليبرتارييتهم ولا نفرض عليهم تصوراتنا. لن نقوم كحزب بعمل مجموعات الضغط كلها ولا منظمات المجتمع المدني ولا المفكرين ولا المصلحين الاجتماعيين فلكل مجاله. من اراد أن يضع يده في يدنا من اجل بناء مجتمع ديمقراطي ليبرالي وفق برنامجنا النهضوي التنموي نصل له بالتفاكر والتوافق ومع الجماهير لا بدونها فألف مرحب به ومن يريد فرض تصوراته وتصورات مجتمعات أخرى علينا فلن نقبل ذلك منه. في هذا نسجل موقفنا ضد زواج المثليين او تكوينهم لأسر أو تبنيهم لإطفال في السودان ( كان أول زواج مثلي في السودان في عهد التركية السابقة في الأبيض في عام 1883) لمخالفتها للقانون الطبيعي ولدورها في تهديم الاسرة الطبيعية ولتأثيرها المدمر على الأطفال ولعدم تحقيقها لأي مصلحة اجتماعية أو نتائج قانونية. هذا الرأي ناتج مما اوصل اليه علماء الاجتماع إن اي طفل يتربى في اسرة يأخذ وعيه الاجتماعي بالدرجة الاولى من هذه الاسرة - ومن المعروف ان الاسرة الطبيعية تتكون من أب واُم واطفال ويمكن ان يكون لها امتداداتها في اسرة كبيرة (اجداد وخالات واعمام واقارب) -. كل من الاب والام يلعب دورا اجتماعيا يساعد في صياغة الوعي الجنسي والاجتماعي أو قل الجندري للاطفال . إن ما يسمى بالاسرة المثلية نشاز هنا وهي تهدم النمذجة الاجتماعية الطبيعية التي تتم في الاسرة الطبيعية والتي تصوغ نفسيات الاطفال ووعيهم بادوارهم الاجتماعية والجنسية والجندرية . يقول علماء الاجتماع ان الطفل المتربي دون ابيه او امه يعاني من مشاكل في معرفة النماذج الاجتماعية فما بالك بالطفل المتربى في اسرة مثلية كل الاشياء فيها مقلوبة راساً على عقب . لذلك لا يجب أن يقبل الحزب الليبرالي اي شكل من اشكال تقنين الاسرة المثلية او تبني مثل هذه الاسرة - ان وجدت – للأطفال، حرصا على الاطفال في المقام الاول. واحب ان اشير الى أمر الاسرة أمر خطير وهي في السودان وهي تعاني من ازمات خطيرة حقيقية يجب علاجها - واحدة من هذه الازمات هي عدم توفر شروط تكوين اسر للشباب في عمر الزواج (18-30) - لذلك فإن الحزب الليبرالي عبر السياسة السكنية والتشغيل التام وضمان الدخل الثابت سيساعد الشباب على تكوين اسرهم الخاصة وسيدعم الاسرة الطبيعية وهذا برنامج للعمل لمدة 10 سنوات على الاقل بعد وصولنا للسلطة . من ازمات الاسرة في السودان ايضا واقع الفقر الحاصل على الاسر القائمة وما يسببه من تفكك اجتماعي وقيمي - كذلك تاثير الحروبات وعدم الاستقرار والازمات الامنية على الاسر - ايضا من ازمات الاسرة عدم المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات ووجود امراض اجتماعية وتجاوزات دستورية وقانونية مثل تعدد الزوجات وزواج القصر والزواج القسري والعنف الاسري تجاه المراة والاطفال الخ - كل هذه الأزمات سنقوم بعلاجها وفق قانون علماني للاسرة يحوّل المساواة الدستورية الى مساواة قانونية ويضمن حقوق المراة والرجل والاطفال في الاسرة ويضمن تطور الاسرة الطبيعي والسلمي في اطار مجتمع حديث وديمقراطي. وفي مواجهة من يقول ان منهجنا غير ليبرالي في التعامل مع قضية المثليين او غيرها نقول اننا نعرف تماما قيم الليبرالية وتاريخها وملتزمين بها ؛ ونعرف مآلات اللببرالية الحالية والمستقبلية في السودان وافريقيا . فقيم الليبرالية عالمية بينما الاولويات محلية. ونحن عكس ما يقول البعض ندعو لقانون جديد تماما لتنظيم الاسرة اعلنّا عن خطوطة العامة قبل عدة سنوات والان نعمل على صياغته التفصيلية. أما في قضية المثليين فنحن نهتم بواقع هذه القضية في السودان واسبابها وامكانية علاجها ؛ وليس لنا علاقة مع ما هو منتشر في العالم عنها – قضيتنا هي مع المشاكل الموجودة في السودان واولوياتها وامكانيات واولويات الحزب الليبرالي. في الوقت الحالي برنامجنا يطرح انهاء التمييز والتجريم تجاه هذه الفئة الاجتماعية ونعتبر هذا واجبا ضمن واجبات انهاء التمييز المختلفة في المجتمع – لكننا لا نطرح ولا نؤيد ولن نشارك في تقنين قوانين تمييزية لصالح هذه الفئة هي اصلا لم تطرحها ولم يطرحها التطور الاجتماعي السوداني - ما يتم في امريكا واوروبا لا يهمنا الا بمقدار ما تهمنا الهموم الانسانية الكونية - بالنسبة لاطروحاتنا وبرنامجنا واولوياتنا نصوغها وفق واقعنا ومشكلاتنا الملحة والتطور الاجتماعي الموجود . الخلاصة المفيدة : الحزب الليبرالي يقف ضد مختلف انواع التمييز بما فيها التمييز على اسس جنسية ويدعو لمساواة جميع المواطنين امام القانون والغاء تجريم المثليين ومطاردتهم والغاء كل العقوبات المتعلقة بحرية الانسان الشخصية، ولا نتدخل فيما يفعله الفرد في بيته الخاص وسريره ما دام راشدا ولا يرتكب جريمة مثل اغتصاب القصر او اغوائهم الخ. الحزب الليبرالي مع ذلك ليس معنيا باعطاء اي امتيازات للمثليين من نوع تقنين زواجهم او اعطائهم حق التبني ولن يكون طرفاً في هذا لأنهم اولا لم يظهروا ولم يطرحوا مثل هذه المطالب وثانيا لانها تتناقض مع فلسفة الحزب الاجتماعية ودوره في علاج ازمة الاسر والمجتمع السوداني وثالثا لأنها ليست من اولوياته ولا من اولويات الجماهير العريضة صاحبة المصلحة في الخيار الليبرالي.
عادل عبد العاطي عضو الحزب الديمقراطي الليبرالي 28/1/2016
المراجع: • نور تاور كافي ابو رأس : " مشكلة المثلية والمثليين من منظور ليبرالى سودانى". • شوقي بدري : "المسكوت عنه - الشذوذ الجنسي في السودان". • شوقي بدري : "الشذوذ الجنسي واغتصاب الأطفال" مقال من جزئين.
وانت المتحدث الرسمي لنور ولاشنو!! وبعدين لازم مواضيع ذي دي للفت النظر ولا الفهم شنو؟ هناك قضايا اهم تشغل الرأي السوداني اهمها مايسد الرمق ويجعل هذه الحياة ممكنة فما تعمل لينا فيها اوباما السياسي الشاطر يجب ان لا يتجاوز سقف توقعات سامعيه ........ داك الله لما يحبه ويرضاه
02-10-2016, 11:58 AM
Ammar Makki
Ammar Makki
تاريخ التسجيل: 01-18-2013
مجموع المشاركات: 650
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة