أستمعت يوم الجمعة الفائت الى برنامج مصرى اسمه " مع منى الشاذلى " أستدعت فيه مقدمة البرنامج وزير الصحة المصرى الدكتور محمد عمادالدين والذى لفت انتباهى في الرجل تلك القدرة الفائقة على خدمة الناس وبجهود لا تخطئها العين ومن خلال الدراسة المتأنية للحاجات الماسة لقوى المجتمع والوقوف بشدة مع حاجة المواطن المصرى وتذليل كافة العقبات فى وجهه حتى تتم خدمته بالصورة المطلوبة . تطرق من خلالها الوزير المصرى مع مقدمة البرنامج عن كيفية محاصرة مرض اليرقان " فايروس سى " تحديداً والذى يصيب 10 الى 14% من مجموع الشعب المصرى ويعطل قدرات المرضى ولكنه كما قال عندما أصبحت وزيراً للصحة كانت عدد حالات المرضى أمامى 200 الف حالة . قال قمنا بالدراسة اللازمة لتكلفة العلاج لهذا المرض فوجدناه 700 الف دولار للفرد الواحد من دواء أمريكى و فى دول أوروبا الغربية ، ووجدنا أن تكلفة انتاجه بمصر تبلغ 10 ألف جنيه مصرى فمن أين للمواطن المصرى بهذا المبلغ الضحم . وجدنا كذلك المعاناة التى يتكبدها المواطن المصرى عندما يكتشف المرض بالأقاليم ، فلا بد له من الحضور للمركز بالقاهرة مرتين : مرة لاستكمال الفحوصات والمرة الأخرى لأخذ العلاج خلال فترة ثلاثة أشهر وهى معاناة شديدة تكلف المواطن الكثير من الجهد والمال والوقت ، وحيث أنه لا توجد بالجمهورية الا 52 مركز اً فقد قمت باِنشاء مائة مركز زيادة ليصبح العدد 152 مركزاً ودعمنا هذه المراكز بالأطباء المتخصصين فى علاج الكبد وكذلك الأجهزة اللازمة للفحص ، قررنا محاصرة المرض فى مكانه وبدأنا بالدخول فى البيوت لفحص المرض كى لا ننتظر المواطن حتى يأتينا للعلاج فى مراحله المتأخرة وبذلك نفقد عضوا فاعلا فى المجتمع . بدأنا فى الخطوات اللازمة حتى نجعل الدواء فى متناول اليد وبتكلفة رخيصة ليتم تصنيعه محليا ووجدنا أن المواطن يحتاج لثلاثة علب من واحد من الأدوية وقيمة العلبة الواحدة 1470 جنيه مصرى ولن يستطيع الفرد المصرى الحصول على هذا المبلغ الضخم ، قمت حينها باستدعاء شركات الأدوية المصرية وعمل اجتماع معهم لعمل ممارسة بينهم لتنزيل قيمة الدواء . جلست بمكتبى بعيدا عنهم لأخذ الحرية فى تناول الموضوع وقاموا باجراء الممارسة حتى وصل سعر الدواء الى 61 جنيه فقط تصوروا !!!! وبدأنا فى التصنيع وأصبح الدواء فى متناول اليد لكل مصرى ليس هذا فحسب ولكن قللنا وقت صرف العلاج من ثلاثة أشهر الى ثلاثة أسابيع وفى الحالات المستعجلة البدء بالعلاج فى أقل من اسبوع . الخطوات التى أتبعها ذلك الوزير الهمام : - الهمة الزائدة فى خدمة المواطن . - الأخذ بالدراسات العلمية للوصول لنتائج تخدم صحة المواطن . - التصميم والمثابرة والمتابعة اللصيقة حتى تحقيق الهدف . - الأخذ بمبدأ الوقاية خير من العلاج ومحاصرة المرض قبل استفحاله وشل قدرات المريض . - الاهتمام بقضايا الشرائح الضعيفة فى المجتمع لأنها تمثل الجزء الأعظم من المجتمع المصرى . - التفاعل الشديد من قبل كتلة المثقفين مع قضايا الشعب الملحة غض النظر عن النظام القائم والاحتكام الى الارادة الوطنية فى خدمة المجتمع . هل يمكن أن نحظى نحن السودانيين بمثل تلك الهمة للوزير المصرى لخدمة شعبنا أم نتناطح فى كيفية افراغ مستشفياتنا الكبرى مما كانت تقدمه من خدمات للمواطن المغلوب على أمره .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة