تم نشر هذا المقال في جريدتي الراية والشرق القطريتين تحت عنوان (أغلى نصيحة قانونية مجانية) لكن تمت سودنة العنوان هنا لظروف سودانية قاهرة! قد يعتقد المجرم أن بإمكانه ارتكاب جريمة جديدة والهروب من مسرح الجريمة بالغنيمة والافلات من قبضة العدالة الجنائية إذا استخدم ذكائه الاجرامي بفعالية وقد يعتقد شخص عادي ، له سجل عدلي نظيف ، أن بإمكانه ارتكاب مخالفات جنائية مرورية كتجاوز السرعات القانونية أو قطع الاشارات الحمراء أو التحدث بالجوال أثناء القيادة دون أن تصطاده أي رادارات ولكن هذا اعتقاد خاطيء تماماً لأن تطور علم الادلة الجنائية قد قضى على مفهوم ارتكاب الجريمة الكاملة والمروق من المسؤولية والعقاب كمروق الشعرة من العجين!! الآن أصبح ارتكاب الجريمة لا يفيد المجرم بل يعود عليه بسلسلة من الاضرار المؤكدة كالقبض والمحاكمة والسجن أو الاعدام وأصبح القبض على المجرم الهارب مجرد مسألة وقت بفضل تطور وسائل الضبط والمراقبة والمتابعة الجنائية، الآن اصبح من المستحيل الافلات من قبضة العدالة الجنائية!! علم الأدلة الجنائية يؤكد أن العثور على بصمة اليد في مسرح الجريمة سيكفي وحده للقبض على المتهم ومحاكمته وإدانته ، سيقول أحدهم سألبس قفازات في يديّ وسيستحيل ربطي بالجريمة أو يقول من الممكن تفادي عيون كاميرات المراقبة بوضع قناع على الوجه وعندها يستحيل إثبات شخصية المجرم لكن علم الأدلة الجنائية سيفحم القائل بالحقيقة التي مفادها أن البصمة الوارثية ، التي تتساقط من فروة رأس المتهم ومن جميع أعضاء جسمه ، ستكفي وحدها لربط المتهم بالجريمة وكل الدول أصبحت لديها قاعدة بيانات لبصمات اليد والبصمات الوراثية ، فجسم المتهم يشهد ضده ونفسه تشهد عليه والشهادة حاسمة ولا تحتاج إلى تعضيد بأي دليل آخر!! قد يقول قائل لن يتم ربط المجرم بالجريمة إذا وقف بعيداً عن مسرح الجريمة وأطلق النار على الضحية لكن سيأتيه رد حاسم مفاده أنه بعد فحص المقذوف الناري ، يستطيع خبير الأسلحة أن يحدد نوعية ورقم السلاح والمسافة التي أطلق منها وإسم صاحبه ويُمكن اكتشاف البصمة الوراثية في المقذوف الناري نفسه ، الآن أصبح من المستحيل سرقة البنوك والاسواق والمحلات التجارية الضخمة فقد أصبحت هذه الأماكن الحساسة مرتبطة بشبكات مراقبة أمنية فعالة مع وزارات الداخلية ناهيك عن كاميرات المراقبة والتحصينات الأمنية القابعة بداخلها، كما انتشرت في العالم تقنية بصمة الصوت وحتى إذا تمكن لص من سرقة أي خزانة فلن يستطيع فتحها لأنه لا يمتلك الصوت الوحيد الذي يفتحها وسوف يجد نفسه معتقلاً بصورة مفاجئة بفضل البصمات التي تركها خلفه كبصمة اليد أو البصمة الوراثية أو بصمة العرق!! الآن أصبح لدى شرطة المرور في مختلف دول العالم رادارات محمولة في سيارات لا تحمل شعارات شرطة المرور وبإمكانها تسجيل أي مخالفة مرورية في أي مكان وزمان وبذلك أصبح الاعتقاد بإمكانية الهروب من تبعات المخالفة المرورية الجنائية هو اعتقاد وهمي إلى أبعد الحدود!! من المؤكد أن أحدث تطورات علم الأدلة الجنائية تقول لمن يفكر في ارتكاب أي جريمة والهروب من مسرح الجريمة دون التعرض لمخاطر المسؤولية الجنائية ، هناك طريقة واحدة فقط تمكن الانسان من تفادي هذه المخاطر الجسيمة وهي ألا يفكر أي إنسان في ارتكاب أي جريمة مطلقاً وأن لا يرتكب أي جريمة أبداً لأن إمكانية ضبط الأدلة الجنائية قد أصبحت متاحة تماماً بفضل التطورات العلمية السريعة والمتلاحقة في مجال علم الأدلة الجنائية ، أما من لا يرغب باتباع هذه النصيحة المجانية الغالية فسيقع حتماً في قبضة العدالة الجنائية وعندها سيقول له رجال القانون بسخرية (وقعت يا فصيح فلا تصيح)!! فيصل الدابي/المحامي
الأخ العزيز الدابي التحيات لكم وللقراء الكرام لا تتوهم كثيراَ في إعجازات العلم المتسرعة والأكيدة طالما كان ( الإنسان ) هو المسيطر على المجريات ،، ذلك المخلوق الذكي الذي يعتلي دائماَ صهوة التفوق ، العلم قد يقول : ( والله لو طرتا السماء حيقبضوك حيقبضوك ) .. وذلك ( الإنسان ) يقول : ( والله لو أنا عايز ما حيقبوض ولن يقبضوك ) .. فأين الجناة في جريمة ( جون كندي ) ؟؟ .. وأين الجناة في جريمة ( جون قرنق ) ؟؟ .. وأين الجناة في جريمة ( الزبير أحمد صالح ) ؟؟ .. وأين الجناة في الكثير والكثير من الجرائم الكبيرة العالمية ؟؟؟ .. فقد طاروا دون السماء ولم يقدر عليهم أحد .. فدعونا من تلك الخزعبلات الإعلامية التي لا تقدم ولا تؤخر عندما يمكر ويريد ذلك الإنسان .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة