الزول يسوّي السّبعة وضُمّتا، وبعد أن يزحف عليه المشيب، ويفوت بيهو الفوات، يقوم ليهو ضرس العقل. المسئول السياسي في بلاد السودان، أوّل ما يحصِّل الستين، طوّالي يتحَاوى في سيدي الحسن، يتكِل عَصاتو في الضّرا، ويتعمعم بالشّال، ويقيف في الصّف، وينشد مع الختيمة:»ونسطعُ مثل شمسٍ على كل الأنام»! المسئول الحزبي، بعد فصله من الخدمة، أو بعد احالته للصالح العام، طوّالي يقبِّل على التبروقة، يبرُم سِبْحَتو ويدخل الدّارَة، وقريباً جداً، قريباً جِداً يكون شيخ الطريقة.. كما كان مديرا هناك، يمكن ان يكون مقدّماً أو خليفةً هنا. يحدث هذا بعد أن يكون ذلك المسئول التنظيمي، قد شعللها في الجامعة ضد الحزب الفلاني، والحزب الفرتكاني، ناعتاً له بأوصاف الطائفية البغيضة، أوالعلمانية المريضة. هذا الدخول والخروج السلس، وبهذه الكيفية من حركة، إلى طريق، يمكن أن يكون بمثابة تخريب، للانتماءات الفكرية والعقائديية ــ الايدلوجية ــ في زمان سقوط الايدلوجيا. هذا الانتقال من كيان الى كيان، ليس له ما يًبرره، إذ لا فرق يًذكر بين الطوائف السًنيّة الغالبة في البلاد.. تلك هي سلطة الاسلاميين منذ مجيئها، كان هدفها تكبيل الصوفية بالقيود التنظيمية لحركة الأخوان.. تلك السلطة سعت حثيثاً إلى تجريد تلك الكيانات من عفويتها وزهدها وطهارتها. كم شهدنا أجيالاً وأجيالاً من أبناء بيوتات التصوف اصبحوا كيزاناً، يعيشون حياة الجّاه والبذخ الاخواني، يستغلون البسطاء ويحشدونهم في مسيرات وهتافات الجماعة القاصدة، فتحول « بفضلهم» حيران المسيد من كتابة اللّيحان، إلى كورس لأناشيد: «لا لدنيا قد عمِلنا»! في كتابه «الحركة الاسلامية في السودان المنهج والكسب والتطور» تحدث الدكتور حسن الترابي، زعيم حركة الاسلام السياسي قائلاً، أنهم خططوا في تنظيم الجبهة، إلى استغفال الصوفية وتسخيرهم لخدمة التنظيم.. قال بالحرف أن للصوفية «ولاء تقليدي يكاد يخرجهم من التدين، وأن الحركة الاسلامية لم تقنع منهم ابداً في مناسبات التسخير الانتخابي».. وتلك جماعة الذكر والذاكرين، هي لم تكن سوى واجهة تنظيمية للاستثمار في الفضاء الديني، ومحاولة لتجريف ما تبقي من سمعة التصوف السوداني، وذلك ما يطلق عليه شيخ الحركة بـ «الواجهات البرئية». بهذه المساعي وغيرها، تم اختراق الكثير من البيوتات الكبيرة وتكاياها التي أصبحت خلاوي للتنظيم الحاكم.. وتلك خلوة تحفيظ القرآن الشهيرة في قلب الجزيرة، أضحت من أوكار التفريخ والتعميد.. تلك وغيرها ،من الكميونات التي خرّجت كيزاناً في عمائم التصوف، وحيراناً في دائرة اللالوبة... لم يبق صامداً إلا شيخنا الجليل ازرق طيبة، أو «أحمر طيبة» كما يسميه مبغِضوه. يكفي الانقاذ «زهواً» أنها دجّنت أبناء أكبر طائفتين ــ عبد الرحمن والحسن ــ كمساعدين في القصر الجمهوري؟ حدث ذلك تحت سمع وبصر أبويهما، وبارادة الجماعة الحاكمة، في مرجعيتها السلفية الاصولية. إلى متى ننتظر هؤلاء فرداً فرداً، حتى يعقلو ويرجعو الى بنيّة سيدي الحسن؟ إسم الفضيل، في الجماعة ديل، أول ما يشوف ورقها صفّر، طوالي يجي راجع، شايل بُقجتو ويعمل فيها سائح؟ ألم يعد الحج كافياً، ألا يكفي إسلام الله والرسول البنعرفو دا، لمحو الخطايا؟ هل لا بد من دروَشة و تخندُق، داخل طريقة أو جماعة، بغية الوصول إلى الضّفة الأخرى من النهر؟ akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة