|
وأنا راح أوقع معاكم بقلم الطاهر ساتي
|
:: لمُعمر القذافي، عليه رحمة الله، أقوال وموافق مُدهشة ومُضحكة.. وعلى سبيل المثال، عندماً أعلن شباب ليبيا عن موعد ثورتهم ضده، خاطبهم بمنتهى الجدية: (وأنا راح أطلع معاكم، علشان نبني ليبيا).. وعندما اشتعلت الثورة، وفقد السيطرة عليها، خاطب الشعب: (النسوان تطلع ولادها والرجالة يطلعوا ولادهم، علشان نسيطر على ليبيا).. هذا غير الخطاب الشهير الذي نصح فيه شباب الثورة بالجلوس مع ابنه -سيف الإسلام- ليحل لهم قضاياهم.. هكذا ظل عقله يحدثه بأنه -وكذلك أبناءه- جزء من الثورة والتغيير نحو الأفضل..!! :: ومنذ منتصف الأسبوع الفائت، ينشط بعض الشباب -في مواقع التواصل الإجتماعي والواتساب- في جمع توقيعات لمبادرة تناهض استخدام الفنون والدراما في إثارة النعرات القبلية والعنصرية والجهوية، وتستهدف الحملة الفرق الكوميدية التي تحترف تأليف ونشر ما يسمونها بالنكات والطرائف التي تسخر من القبائل، وكذلك تستهدف الذين يدمنون توزيع هذا النوع من النكات والطرائف عبر أجهزة الهاتف..هي حملة توقيعات ضد العنصرية والجهوية والقبلية، ومراد بها حماية قبائلنا وأعراقنا من الصفات السالبة التي تحملها مضامين النكات والطرائف، فالغاية -من حملة التوقيعات- نبيلة..!! :: ولكن المُدهش في الأمر أن الأستاذ علي مهدي -رئيس مجلس المهن التمثيلية والموسيقية- قد وضع توقيعاً على قائمة (الحملة المناهضة)، ثم أصدر بياناً أو قراراً -لست أدري- توعد فيه الفرق الكوميدية المخالفة للمبادرة بالعقاب.. ثم قال مهدي بالنص: (سوف أتابع مع أصحاب المعالي وزراء الإعلام والثقافة الاتحادية وولاية الخرطوم للمزيد من التشاور لمناهضة وإيقاف هذه الظاهرة).. ولو تأمل علي مهدي في أهداف المبادرة وحملة توقيعاتها مليًا، لاكتشف أنها تستهدف -في إطار المكافحة الشاملة- سياساته ونهجه أيضاً الذي يدير به مجلسه المهني أيضاً..تحت سمع وبصر هذا المجلس المهدي، نشرت الفرق المسرحية -عبر الإذاعة والتلفاز والمسرح والكاسيت- ظاهرة النكات المسيئة للقبائل، فأين كان علي مهدي؟.. ربما كان عاجزاً عن الرقابة أو متجاهلاً أمرها، وجاء يهدد بالعقاب بعد النشر والتوزيع والتوثيق..!! :: ثم المُدهش أيضاً في أمر الحملة المناهضة للنكات العنصرية والقبلية هو توقيعات بعض المسؤولين، وفيهم وزراء ومستشارون بالدولة وكذلك قادة أجهزة الإعلام التي تبث هذه النكات.. هؤلاء -كما القذافي- يظنون أن ثورة الشباب ضد العنصرية والقبلية لا تستهدف سياسات عامة هم مسؤولون عنها.. فالعنصرية والقبلية لم تنبع من المجتمع إلى الحياة العامة، بل تنزلت من قمم الممارسة السياسية إلى أفراد المجتمع وحياتهم.. ولذلك، بدلاً عن التوقيع في المبادرة الشبابية المناهضة للنكات العنصرية، كان على هؤلاء المسؤولين مناهضة العنصرية والقبلية في حياتهم السياسية التي تفكك النسيج الاجتماعي للمجتمع وفي نهج أجهزتهم الإعلامية التي تمزق التعايش السلمي.. إعلان الحزب الحاكم عن انضمام قبيلة إلى قائمة عضويته أخطر من (مليون نُكتة)، وتوزيع المناصب بالموازنات القبلية والجهوية أخطر من (مليار نُكتة)، وهكذا.. وعليه، فإن إصلاح حال قومية المجتمع مقدور عليه بمثل هذه المبادرات وغيرها، فأصلحوا -أيها السادة االمسؤولون الموقعون- حال (قومية نهجكم)..!!
|
|
|
|
|
|