في بلادنا التي باتت فيها العجائب و الغرائب و ( الترهات ) أصلاً و الحقائق و الموضوعية وجهاً ثانوياً ، ما زالت الكثير من المؤسسات و الهيئات ذات التسميات ( الفخمة ) و الموحية بأن مضمونها ( نافع ) ، و هي في الحقيقة مجرد مظهر أخاذ لا يثمن و لا يغني من جوع و ينطبق عليها المثل الشعبي ( من بره هلا هلا و من جوه يعلم الله ) ، فضلاً عن ذلك تجد القائمين على أمرها من أكثر العاشقين لمكبرات الصوت و كاميرات الأجهزة الإعلامية يخطبون و يصرحون و يهتفون بتلك الشعارات ( المهرجانية ) التي سئمت البلاد و العباد سماعها و نفضوا عن كاهلهم عناء الإيمان بها و في ذلك ينطبق عليها المثل العربي القائل ( أسمع جعجعةً ولا أرى طحيناً ) ، كماً هائلاً من المنصرفات و المُقدَّرات الفنية و اللوجستية و المرتبات و البدلات و المخصصات تُهدر كل يوم بلا عمل و لا إنتاج ، في حين أن ما تمُر به بلادنا من عثرات وجب أن يتطلع فيها الشعب من المسئولين تجاوز مرحلة الإنتاج و الإقتدار إلى مرتبة أعلى هي ( الإبداع ) ، من هذه المؤسسات التي تم وصفها سابقاً على سبيل المثال ما يُسمى جزافاً و إعتباطاً بالهيئة العامة للمواصفات و المقاييس ، و التي على ما يبدو هي مجرد شعار وواجهة تحاكي بها حكومتنا البلدان الخارجية التي هي بالفعل شكلاً و مضموناً تهتم بجودة و أمان ما يستهلكه مواطنوها و مشروعها الإنتاجي و التنموي العام من واردات ، و للحقيقة فإن المتفحص لمُجمل ما يدخل البلاد من واردات سواء أن كانت غذائية أو طبية أو أجهزة أو معدات و غيرها لا يفوت عليه بأية حال سوء الجودة و قلة الإلتزام بالإشتراطات الدولية المتعارف عليها ، كما أن وجود الهيئة يكاد يكون معدوماً في المصانع و الأسواق و المراكز الإستهلاكية و يقتصر دورها فقط في إعطاء التراخيص الخاصة بولوج البضائع الواردة بإمكانيات ( فحص و إختبار ) غير مواكبة و غير قادرة على إعطاء نتائج حقيقية ، هذا الدور يخلق نوعاً من التداخل في الإختصاصات و إزدواجية في التكلفة إذا ما نظرنا إلى جهات أخرى تقوم بنفس الدور كإدارة الجمارك مثلاً ، ومن تلك المؤسسات التي أعتبرها أيضاً عاجزة عن الإنتاج الفعلي و الميداني و فاعلة في ( الإشهار الإعلامي ) ، ما يُسمى بالهيئة العامة لنظافة الخرطوم و التي لا ينقطع مديرها و من حوله عن كافة المنتديات و المهرجانات و الفضائيات و الإذاعات ، يتكلمون أكثر مما يعملون ، و يُبشِّرون كل يوم بفتحٍ وهمي جديد في المجال و العاصمة الخرطوم تغرق في أرتال من النفايات و القاذورات ، والمستشفيات و المراكز الصحية و المختبرية تجأر بالشكوى من حيرتها في أمر النفايات الطبية و التي تمنعهم الهيئة من التصرف فيها و في نفس الوقت هي غير قادرة على إيجاد الحلول الناجعة لمعالجتها ، كل هذا وميزانية الدولة تُستنزف يوماً بعد يوم في ############ات تلك المؤسسات ذات التسميات ( الرنانة ) ، و لا حياة لمن تنادي ، أمور كثيرة هي في عداد العادية و من صُلب إختصاص المحليات تُسن لها القوانين و تُنشا لها الهيئات و المجالس ، فيُهدر الإنتاج و العمل الميداني الفعلي بين فكي الروتين و الإمضاءات و صراع الصلاحيات و التداخل الوظيفي بالقدر الذي يدفع المواطن المغلوب على أمره إلى التوجس و الشك و عدم الثقة في كل شعار أو سلعة أو خدمة تقف وراءها الهيئات و المجالس العليا .. مقترح علاجي : تكوين و تدشين ( الهيئة العليا لإعادة ثقة الشعب في مهرجانات الوعود الحكومية ) !!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة