كره الشعب السوداني ( شريعة) نظام الانقاذ.. و امتد الكرهُ إلى كل مظاهر ( التأسلُّم) من تكبير و تهليل بمناسبة و غير مناسبة.. و من غرر على الجبين.. و المؤكد أن تسقط ( نظرية) الحكم وفق الشريعة الاسلامية أمام الحكم وفق العلمانية إذا أجري استفتاء (حرٌّ و نزيه!) للمفاضلة بينهما في سودانٍ ( حرٍّ و نظيف) من المنافقين المتسترين بمغانم الدنيا وراء الدين ..
إنقضى عامان و ثمانية أشهر منذ نزل الشباب السوداني الشارع، و لم يجد المعارضة الرسمية، في سبتمبر عام 2013 .. و قمع نظام الانقاذ الانتفاضة بفظاعة يندي لها جبين الانسانية للأبد.. و حسِب النظام أن الشباب لن ينتفض مرة أخرى.. و لكن الشباب انتفض في أبريل 2016.. و جابهه النظام بالقمع و الوحشية المعتادة، و المعارضة لا تزال غائبة..
و في عيد العمال العالمي السادس عشر، ظهر البشير مزهواً أمام جمهور المنتفعين من طبقة كبار ( موظفي) النظام الذين تسنموا نقابات العمال دون حرج.. و كانوا قد أعلنوا التضحية بحق ( العمال) في الاضراب، دون حرج، معلنين تنازلهم عن حق الاضراب. ، نيابة عن العمال، و ما هم بعمال.. تنازلوا عن حق ليس لهم لصالح نظام يستحق الضرب بالإضرابات و الإسقاط بالعصيان المدني العام.. و لكن لماذا قرروا التنازل عن حق العمال في الاضراب في وقت يقتل فيه النظام الطلاب و يعتقلهم و يعذبهم؟ و لماذا ربطوا خيل الاضراب في مربط " فك الحصار الجائر على السودان؟!".. يبدو أنهم فعلوا ذلك و هم يرقصون مع البشير برَّة الدارة..
و اقرأوا معي مقتطفات من اعلان ( مدفوع الأجر) نشرته صحيفة ( اليوم التالي) الورقية اليوم 11 مايو 2016:
" بسم الله الرحمن الرحيم
النقابة العامة لعمال التعليم العالي و البحث العلمي
الهيئة النقابية لعمال جامعة النيلين
.......
إلى جماهير الشعب السوداني
تشيد الهيئة الفرعية للعاملين بجامعة النيلين باهتمام رئاسة الجمهورية بجامعة النيلين و المتمثل في إصدار قرارات رئاسية خصصت بموجبها أراضي حكومية لجامعة النيلين......
لذا نهيب نقابتكم بوقوفكم للحفاظ على مكتسبات الجامعة.
بأمر اللجنة التنفيذية
د. معاذ علي فضل
الأمين العام"!!
حامل شهادة دكتوراه، من أصحاب ( الياقات البيضاء)، المميزين بنعومة الكفَّوف، يتولى رئاسة نقابة يُفترض أنها نقابة أصحاب ( الياقات السود) المميزين بخشونة الأكف!
و د. معاذ علي فضل عينة من عينات ( العمال) الذين يفاخر بهم البشير و يدعى أنهم أفشلوا مخططات إثارة الشغب والفوضى بتنازلهم عن الإضرابات والاضطرابات والاعتصامات و حولوا البلد إلى واحة ( للاستقرار!) و ( البناء!) و ( الاعمار!).. و يسخر من المعارضة بشقيها.. و يتهكم بكتاب الصحف الاليكترونية و مواقع التواصل الاجتماعي..
هل كان البشير سعيداً حقاً و هو يستفز ( مناضلي الفنادق و الكيبورد ؟).. كلا، فزهوه و تندره أمام ( جماهيره) افتعال نصر لم يتحقق بالكامل و أشباح ( مناضلي الكيبورد) تلاحقه أينما ذهب.. و كلما أوى إلى فراشه أرَّقت الصحف الاليكترونية مضجعه طوال الليل.. فالواقعَ السوداني الأليم يتكشف من خلال الكيبورد فتتناقله وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة غير مسبوقة.. و تتداوله الألسن في المجالس.. فتتراكم الغبائن في النفوس.. و يعرف الناس يومياً ما خفي من الأموال المنهوبة.. و المزارعَ و الفلل المشيدة للترفيه و تزجية الوقت بعيداً عن أعين الفقراء.. و يكتشف المزيد و المزيد عن أراضي السودان التي باعها نظام الانقاذ بأبخس الأثمان.. و عن عملات صعبة هُرِّبت إلى بنوك الخليج.. و ساهمت في طفرات ماليزيا و زادت الأرصدة في بنوك سويسرا و بلجيكا..
" كلوا و تمتعوا ( قليلاً) إنكم ( مجرمون)!"
ضحكنا.. حتى نفدت الدموع.. ! البشير و أتباعه يدْعون الممانعين للإصغاء إلى صوت العقل و الانضمام إلى الحوار ( الوثني).. و يا لتلك من دعوة.. فالبشير لا يستحي.. و أتباعه مثله لا يتحرجون لذلك يقول و يقولون و يفعل و يفعلون ما يشاء و ما يشاؤون، ( رجالة و حمرة عين) في مواجهة المنطق و العقل..! فأين هو صوت العقل في ( الحوار الوثني) الذي ذابت مخرجاته في ردهات القصر الجمهوري الجديد، و الدنيا حَر..!
و يزهو عمر البشير:- " إن الانتصارات الأخيرة للجيش السوداني في مناطق قوز دنقو و سردبة وسرونق بدارفور حولت حلم المتمردين بالانتفاضة المزعومة إلى انتكاسة جديدة للواهمين والحالمين الذين يديرون معركتهم ضد الوطن من فنادق باريس."
و البشير يعرف جيداً أن جرائمه ضد إنسانية الانسان في جبال النوبة و النيل الأزرق أكبر من انتصاراته المؤقتة في دارفور.. و هي جرائم لا يمحوها التقادم.. و مأساة أطفال هيبان ما تزال تطارد الانسان في كل مكان لأخذ القتلة إلى محاكمات ( عادلة).. فثقافة الضرب بالرصاص و القصف بالقنابل بهدف القتل ثقافة منتشرة بين المنوط بهم حماية المواطن
و يظل المراقبون يتساءلون سؤال العارفين ببواطن الأمور:- هل انتصر البشير و نقاباته على الشعب السوداني حقاً؟..
إن الحرب بين نظام البشير و بين الشعب السوداني حرب طويلة.. و قدت الحركات المسلحة بعض المعارك.. و كسب البشير بعضها.. لكنه لم يكسب الحرب حتى يزهو.. و لن يكسبها.. أما المعارك فسوف يكسب المسلحون بعضها و سوف يكسب البشير أيضاً.. و سوف تستمر الأمور هكذا إذا لم تغير الأحزاب المعارضة تكتيكاتها الجامدة.. فالمعارضة، تعاني من قصر النظر، و تعاني الجهل بمتغيرات الواقع السوداني خاصة من حيث أمن و تأمين النظامً لحمايته بكل وسيلة بما فيها الابادة الجماعية من أجل بقاء النظام.. و النظام يتدهور واقعياً يوماً بعد يوم..
إذن، لا بد من مواجهة النظام بسلاح العصيان المدني و الاضراب السياسي الشامل.. و رُبّ قائل يقول أن ثمة متغيرات حدثت في تركيبة النقابات المختلفة.. و أنها تم ربطها جميعها بالنظام.. و هذا صحيح.. لكنها نقابات بلا عضوية حقيقية.. و يمكن تخطيها بعدة وسائل منها، مثلاً، تكوين لجان في الأحياء.. و استخدام منابر التواصل الاجتماعي لجمع الكلمة.. و عمل ما يمكن لتخطي نقابات النظام التي تتنازل عن الاضرابات ( لحين رفع الحصار الجائر على السودان..) أو كما زعم اتحاد نقابات النظام.. و يا للمهزلة..
الاضراب و العصيان المدني يخيفان البشير.. فابحثوا عن وسائل تحقيقهما.. فالبشير كسب معركة و لم يكسب الحرب.. و لن يكسبها.. و ليس له أن ينتشي!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة