جذبني نبأ غير قابل للتكذيب من قِبل ( ناس تاكل عيش).. و النبأ جذب كثيرين من حولي، بلونه الأحمر الخطر، و نحن نحدق في الصفحة الأولى بصحيفة ( الجريدة) الورقية بتاريخ 12/7/2016 و كان العنوان جاذباً حقاً:- " لجنة الطاقة بالبرلمان تكشف عن وجود 24 حاوية نفايات طبية و إليكترونية مسرطنة"..
و تقول الجريدة أن النائبة البرلمانية/ حياة الماحي، رئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان، كشفت عن وجود الحاويات المذكورة و معدات أخرى منتهية الصلاحية بحظيرة السلوم بالبحر الأحمر.. و حددت أصنافها بالأرقام.. و ذكرت أن ثمة خلل في عمليات الاستيراد، بسبب افتقار الميناء للرقم المعياري، أدى إلى تسرب الكثير من المواد المخالفة للمواصفات العالمية إلى السودان.. و اعترفت حياة الماحي بأن السلع و المواد المضروبة و المواد المسرطنة و المنتهية الصلاحية تغرق الأسواق السودانية.. و ذكرت أن بعض الدول تتخلص من نفاياتها بإرسالها إلينا كهدايا- و يا لها من هدايا!
كما أشارت النائبة المحترمة إلى ما كشفه ديوان المظالم عن عدد 210 حاوية دخلت البلاد دون علم إدارة الميناء.. و أن لجنة الطاقة بالبرلمان وجدت 59 حاوية أثناء زيارتها للميناء و أن إدارة الميناء أخطرت أصحابها للحضور لاستلامها- و معنى هذا أن أصحاب الحاويات معروفون لدى إدارة الميناء!
و تقول النائبة أن بحظيرة السلوم 24 حاوية نفايات إليكترونية و مادة السيانايد، و منها حاويتان ظلتا قابعتين في الحظيرة منذ 10 سنوات!
هذا الخبر نوع من الأخبار المخيفة التي تتتالى على السودان و كأنه طفل يتيم مرمي في بئر ملآى بثعابين الكوبرا و بلا منقذ.. و بطون الحاويات ما تزال تحمل المزيد من الأخطار المحدقة بإنسان السودان الطيب.. و هو يأكل بمشقة و يشرب بصعوبة و يضحك على الزمن العابث به كل حين.. يضحك و لا يدري أنه يعيش في أحضان أمراض خبيثة فتاكة لا ترحم.. و سيطرة جماعة لا تخاف الله سبحانه و تعالى..
و لا مساءلة توجه إلى أصحاب الحاويات المتربصة بنا جميعنا.. من يتجرأ عليهم... لا أحد.. و مع أن إدارة الميناء تعرفهم فرداً فرداً.. و تعرف خطورة ما بداخل حاوياتهم.. إلا أنها لم و لن تتخذ ضدهم ما ينبغي من اجراءات قانونية.. و دائماً ما يتم ذبح القانون في السودان لسبب أو لآخر.. و تموت الحقيقة مع القانون الذي مات في جوف نظام أكثر خبثاً من السرطان نفسه، فهو يدمر القيم و الأخلاق قبل قتل الانسان..
لا يمكن أن تكون لفرد واحد كل هذه القدرة على إدخال الحاويات إلى الميناء و إبقائها داخل الحظيرة لكل تلك المدة دون مصادرتها.. لا بد من وجود جماعة (متماسكة) ذات نفوذ ( محليٍّ) متشعب داخل الدولة السودانية الحالية.. و لها علاقات قوية بمنظمات دولية- ربما مافيا متخصصة- مهمتها التخلص من النفايات الأوروبية بتصديرها إلى الدول المتخلفة بواسطة عملاء متخلفين أخلاقياً من أبناء تلك الدول الفقيرة.. و تدل ( الحنية) في التعامل مع أصحاب الحاويات على عِظم لِحاهم و كِبر كروشهم و شدة لمعان أوداجهم المنتفخة.. و ما في كلام!
هذا، و ذكرت جريدة ( الخليج) الإماراتية في إحدى اصداراتها أن بعض الدول الصناعية تعمد للتخلص من نفاياتها بعدة طرق حتى لا تتأثر بيئتها المحلية بآثار المخلفات الضارة، و من بين تلك الطرق تصدير النفايات الصناعية والنفايات النووية إلى بلدان العالم الثالث .و ذكرت الصحيفة كذلك أن تزايد النشاط الصناعي في أوروبا وأمريكا زاد من كميات النفايات الضارة كفضلات من الأنشطة الصناعية. و قد تفاقمت جراء ذلك مشاكل تتعلق بكيفية التخلص من تلك الفضلات، علماً بأن معظم الدول الصناعية المنتجة للنفايات الصناعية لديها قوانين مشددة في ما يتعلق بدفن النفايات في أراضيها .
و تقول جريدة الخليج أن آثار النفايات النووية السلبية على البيئة وصحة الإنسان لا تختفي حتى مع دفنها في عمق أعماق الأرض.. و أن فترة نشاط عنصر البلوتونيوم 239 مثلاً تمتد إلى 48 ألف سنة.. و أن الوصول إلى مرحلة موته وعدم تأثيره يتطلب مرور حوالي ربع مليون سنة قبل أن يصبح عديم الخطورة على الإنسان .أي أن الأضرار التي تحيق بنا سوف تتواصل لآلاف القرون القادمات.. و تتأثر بها أجيالنا المتعاقبة على مدى القرون المذكورة....
و مما جاء في الجريدة الخليجية أن مفتشين اثنين من مفتشي وزارة البيئة الهولندية قاما بزيارة تفتيشية إلى ميناء روتردام الهولندي و قاما بفتح أبواب حاوية شحن حمراء اللون محطمة فوجدا مقبرة من النفايات الإلكترونية الأوروبية في هيئة اسلاك قديمة و امتار إلكترونية مختلطة ببقايا من الورق المقوى والبلاستيك . و أوضح أحد المفتشين، أنه قام بحجز الحاوية بسبب القوانين الأوروبية الجديدة التي فرضت القيود على كل أنواع تصدير النفايات .. و أن تهريب النفايات بطريقة غير قانونية إلى الدول الفقيرة عملاً دولياً ( ضخماً) بسبب محاولات الشركات تخفيف تكلفة دفن النفايات أو معالجتها.. وبسبب القوانين البيئية الجديدة الصارمة، علاوة على الضرائب المفروضة على النفايات أو على إعادة تدويرها أو على التخلص منها بطريقة بيئية مسؤولة .
و إشارة المفتش البيئي إلى ( عمل دولي ضخم) تعني أن التجارة دولية في تهريب النفايات تجارة ضخمة تدر أموالاً طائلة على نطاق الشركات متعدية الجنسيات.. و ربما انضمت جماعة من مستجدي نعمة جماعة ( الانقاذ) إلى تلك المنظومة الخطيرة فجشع المتأسلمين يجعلهم يقبلون أن يموت بنو وطنهم مقابل حفنة من الدولارات و اليورو.. فالجماعة المتأسلمة لا تؤمن بالأوطان أصلاً!
و حسب ما جاء في جريدة الخليج، أن الوكالة الأوروبية للبيئة أفادت بارتفاع نسبة تصدير نفايات الاوراق والبلاستيك والمعادن عشرة أضعاف من 1995 إلى 2007 مع شحن 20 مليون حاوية من النفايات كل عام بطريقة قانوية وغير قانوية،
ويقول جيم بوكيت، رئيس إحدى المنظمات الخيرية المهتمة بالبيئة في مدينة سياتل الأمريكية " نحن الآن نقوم بجمع معلومات أكثر عن تصدير النفايات.. لكننا لا نستطيع منع الشركات من التصدير إلى الخارج، و الناس يتحدثون عن تسرب النفايات.. إنه ليس تسرباً، إنه نزيف حقيقي"!
يا ترى، كم يبلغ نصيب السودان من هذا النزيف النووي الحقيقي؟ لا ندري.. و كل الذي ندريه الآن، أن هناك 24 حاوية في جوفها نفايات طبية و اليكترونية مسرطنة بحظيرة السلوم بشرق السودان.. و بينها
حاويتان ظلتا قابعتين في الحظيرة منذ 10 سنوات!
و نقول أن ذاك قصور إداري يكشف بجلاء مدى الضعف العام في منظومة ( التمكين) الموكل إليها تسيير دولاب الحكم و الإدارة في السودان.. و أنه الضعف العام المسيطر على أخلاقيات من بيدهم تسيير أمور البلاد.. لقد " أصيبت منتسبو ( الانقاذ) هؤلاء في أخلاقهم، فأقيموا عليهم مأتماً و عويلا"..!
لا.. لا.. لا..! أكنسوهم.. و ارموهم في حاوياتهم مع نفاياتهم بلا رحمة!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة