كنت في عجلة من أمري لألحق مقابلة طبية في وسط القاهرة.. سألت شخصاً توسمت فيه الخير عن أسرع وسيلة للوصول لوسط القاهرة في ذاك النهار.. لم يتردد مرشدي وأشار إلى الى قطار الأنفاق (الميترو) الذي ميز القاهرة منذ سنوات طويلة.. بالفعل نزلت إلى حيث الميترو.. رغم الازدحام إلا أن المحطة كانت نظيفة جدا.. عدد من العربات خصصت للنساء.. التذكرة فقط واحد جنيه.. بذاك الجنيه تستطيع أن تتجول في القاهرة الكبرى وتصل أطراف حلوان. عدت في المساء أطالع الصحف.. توقفت عند تحقيق قصير في صحيفة الجريدة.. المحررة تجولت في السوق الشعبي الخرطوم.. رسمت مشاهد صادمة.. النفايات في كل مكان.. السماسرة أكثر من الركاب.. هنالك مكاتب عشوائية لمواطنين يملكون تذاكر ولا يملكون بصات.. ذات الصورة بالكربون تجدها في موقف شندي.. تزيد الصورة قتامة حيث لا توجد مرافق صحية.. المواطنون يقضون حاجتهم أينما تيسر.. بعض النسوة يفترشن الأرض في انتظار بص مبكّر.. ليلة في العراء وفي الهواء الطلق رغم المخاطر على نساء نواعم. تجربة الميناء البري بالخرطوم رغم ما بذل فيها من جهد إلا أنها مازالت تواجه الكثير من المصاعب.. أولى المصاعب من الحكومة التي تمثل الشريك الأكبر في المشروع بنسبة تقترب من الثلثين.. رغم ذلك لا ترغب الحكومة في الالتزام بالقانون الذي خطته بيدها ومن المفترض أن يسير أمر الميناء.. النتيجة أن القطاع الخاص وتحت وطأة الإحساس بالألم الحكومي أحجم عن التوسع في مشاريع مشابهة في محليات الخرطوم الأخرى. استبشر الناس خيراً حينما شرعت ولاية الخرطوم في مشروع قطار الخرطوم.. صحيح أن الحلم أقل من المطلوب ولكنه خطوة في الاتجاه الصحيح.. قبل أن يطلق القطار صافرة الانطلاق كان هنالك غبار كثيف يتحرك في كل الاتجاهات.. البعض يشيع أن الصفقة شابها فساد جعل الولاية ترفض استلام القطارات التي جاءت من الصين.. قبل أن يعرف الناس كل الحقيقة كانت ولاية الخرطوم تفكر في التخلص من العار عبر بيع القطار لوزارة النقل.. تصريحات غامضة تفيد بأن الولاية أعادت دراسة مشروع القطار ووجدته غير ذي جدوى. قبل اشهر معلومات أطلقت دولة اثيوبيا مشروع قطار مترو.. المشروع جعلها الدولة الأولى في جنوب الصحراء في تقديم هذه الخدمة.. المشروع تكلفته كانت نحو خمسمائة مليون دولار ويغطي منطقة محدودة من العاصمة الإثيوبية.. أثره الاقتصادي كبير جداً.. بالإمكان أن تستفيد حكومتنا من التجربة الإثيوبية وتطلق خدمة محدودة تربط أطراف الخرطوم البعيدة بالمركز.. التمويل ليس مشكلة كبيرة بإمكان القطاع الخاص أن يكون شريكاً إن أمِن مكر الحكومة.. من المهم النظر إلى النقل باعتباره بنية تحتية أساسية في أي نهضة اقتصادية قادمة. بصراحة.. تجربتنا الحالية في النقل تحتاج إلى إعادة نظر عاجلة.. من المهم جداً إعادة النظر في المواقف العشوائية.. ومن الملح جداً استحداث وسائل نقل كبيرة مثل (الميترو) لفك الاختناقات.. شوارع الخرطوم مهما اتسعت ستظل عاجزة عن تحمل أرتال السيارات المخلتفة. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة