الشفافية والمساءلة وجهان لعملة واحدة ، فمع غياب الشفافية لن تتأتى المساءلة ، وإذا لم تكن هناك مساءلة فلا معنى للشفافية . كما أن المساءلة هي التي ستكشف موطن الخلل . أهو نتاج إشكال إداري؟ .. إهمال؟ .. فساد ؟ .. أم تخريب متعمد مع سبق الإصرار والترصد ؟
ونذكّر بإن زيادة كل من الشفافية والمساءلة والنزاهة يؤدي إلى تقليل الفساد وفقا للمعادلة : الفساد= ( الاحتكار للسلطة+حرية التصرف)- ( مساءلة+ شفافية+نزاهة) . وتتم المساءلة ـ مؤسسيا ـ من خلال النظام الأساسي لمنتدى شروق الثقافي ولائحته الداخلية .
النظام الأساسي:
تمت صياغة نظام أساسي للمنتدى منذ الدورة الأولى . جرى تعديله بنهايتها ، في اجتماع الجمعية العمومية الذي انعقد بدار المعلمين بتاريخ /3/2008 ، وذلك بإضافة فقرة (تكتمل العضوية باكتساب حق حضور اجتماع الجمعية العمومية وحق التصويت والترشيح بحضور 25% على الأقل من مناشط المنتدى) من آخر جمعية عمومية ، وتمت زيادة أعضاء اللجنة التنفيذية من سبعة إلى عشرة ، وهي زيادة لم يكن مخططا لها مسبقا ، وإنما تم اقتراحها لحظتها .
ورفضت الجمعية العمومية في اجتماعها بنهاية الدورة الثانية ، الذي انعقد بنادي القضارف بتاريخ 21/3/2009 ، رفضت مناقشة التعديلات المقترحة في خطاب الدورة ، باعتبار وجود خطأ إجرائي يتمثل في أن الإعلان عن الجمعية العمومية لم يشتمل على بند مناقشة تعديل النظام الأساسي رغم أن التعديلات المقترحة تم تضمينها في خطاب الدورة الذي أتيح للأعضاء قبل وقت معقول .
تم الإعلان عن اجتماع الجمعية العمومية ، بنهاية الدورة الثالثة ، واشتملت أجندة الاجتماع المعلنة على تعديلات النظام الأساسي بجانب الأجندة الأخرى ، وانعقد الاجتماع بمنتزه الشهيد بتاريخ 1/5/2010 ، حيث تم تعديل النظام الأساسي تعديلا ملموسا ، فقد تم تغيير الديباجة ، بالإضافة إلى تعديلات أخرى من ضمنها في واجبات الأعضاء (دفع اشتراك شهري قدره خمسة جنيهات) مع السماح باستثناء الطلاب وغير العاملين ، وكانت اللجنة التنفيذية تتضمن ثلاثة أعضاء فتم تحويلهم إلى سكرتير إعلامي ، ونائب سكرتير عام ، ونائب سكرتير ثقافي ، كما تم تعديل غير مخطط بإضافة عضو جديد للجنة التنفيذية . ولم يحدث تعديل من بعد ، إلا في نهاية الدورة الثامنة ، حيث تمت إضافة عضو آخر للجنة التنفيذية ، ولم يكن التعديل مخططا له مسبقا ، فلم تتح الفقرة المقترحة قبل وقت كاف ، ولم يكن النظام الأساسي هو المرجعية ، وإنما مسجل الهيئات الثقافية ، وهذه التعديلات لا تتوافق مع النظام الأساسي . ورغم أن الجمعية العمومية هي أعلى سلطة في المنتدى لكنها محكومة بالنظام الأساسي الذي يتضمن طريقة تعديله .
تمت زيادة عدد أعضاء اللجنة التنفيذية ثلاث مرات ، مع ملاحظة أن كل التعديلات لم يكن مخططا لها مسبقا . في البدء زاد أعضاء اللجنة من 7 في الدورة الأولى ليكون عددهم 10 في الدورة الثانية ، فأضحى 11 في الدورة الرابعة ، ثم صار 12 في الدورة التاسعة . وتناقص ـ في ذات الوقت ـ عدد أعضاء الجمعية العمومية الذين يحق لهم التصويت من عدد يربو على الثمانين بنهاية الدورة الثانية ، تناقص تدريجيا حتى وصل إلى 40 بنهاية الدورة الثامنة . أي إنّ عدد أعضاء اللجنة التنفيذية ظل يتناسب عكسيا مع عدد أعضاء الجمعية العمومية ، وهذه مشكلة ـ رغم وجود واقع موضوعي أدى إلى ذلك . لكن يتطلّب الأمر عدم زيادة عدد أعضاء اللجنة التنفيذية في ظل هذه الأوضاع ، وفي ظل العزوف عن دخول اللجنة مؤخرا ، بل يتطلّب الأمر العمل على زيادة أعضاء الجمعية العمومية أفقيا ورأسيا ، أفقيا بإضافة عضوية نوعية فاعلة وإن قلّت ، ورأسيا باستعادة العضوية ذات القدرات التي ابتعدت .
ورغم أن دفع اشتراك 5 جنيهات شهريا أصبح ملزما ـ وفقا للنظام الأساسي ـ من بداية الدورة الخامسة ، إلا أن تسديد الانشراكات قد انخفض ابتداء من هذه الدورة تحديدا ، مما يدل على انعدام المساءلة في هذا المنحى المهم ، لأن الخط الفاصل بين عضو المنتدى وغيره ، بجانب ملء استمارة العضوية ، هو تسديد الاشتراكات .
اللائحة الداخلية: تجيز اللجنة التنفيذية لمنتدى شروق اللائحة الداخلية وتعدلها ، بينما النظام الأساسي (الدستور) تجيزه وتعدله الجمعية العمومية ، مما يجعل اللائحة سهلة التعديل مقارنة بالنظام الأساسي ونصوصها أقل قوّة . كما أن اللجنة التنفيذية تصوغ برنامج الدورة وفقا للائحة والذي يحقق الأهداف المضمنة في النظام الأساسي . أبرز الإضافات التي طالت اللائحة الداخلية لمنتدى شروق جاءت كنتاج لمواقف ومحكات تعرض لها المنتدى . تم في الدورة الثالثة إجازة لائحة داخلية بواسطة اللجنة التنفيذية ، وفي أعقاب دعوة تلقاها المنتدى ، في الدورة الرابعة ، من الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجّل للمشاركة في فعالية عن الفن التشكيلي ، تمت إضافة الفقرة التي تنص على (يجوز للمنتدى تلبية الدعوات التي تقدم من الجهات غير السياسية (الروابط الثقافية– الجمعيات – المنظمات..... ) و ليس بالضرورة أن تكون المشاركة مكتوبة ومجازة ، فقط يجب مراعاة دور وأهداف المنتدى عند المشاركة . كما يجوز للمنتدى تلبية الدعوات التي تقدم من الجهات السياسية قبل وقت كاف وتكون المشاركة أو ( الخطاب) الذي يقدم مكتوبا ومجازا من قبل المكتب التنفيذي .)
ولعل الإضافة المهمة الأخرى هي أيلولة 40% على الأقل من فائض مصروف مشاركة أعضاء المنتدى في الدورات والورش ، والتي سبق ذكرها ، والتي جاءت تفاعلا مع بداية الدعوات التي تلقاها المنتدى للمشاركة في دورات خارجية . وظني أن الأنسب هو أن يؤول كل فائض المصروف للمنتدى بعد خصم المصروفات الأساسية ، كما ينبغي تعريف "المصروفات الأساسية" بحيث لا تتضمن تكلفة استخراج الجواز (يمكن استثناء الطلاب وغير العاملين) والتأكيد على أنها لا تشمل الترفيه والهدايا وما إلى ذلك ، ويجدر بعضو المنتدى الصرف على الكماليات من ماله الخاص .
إن تفعيل اللائحة ضرورة مُلحّة ، إذ لا معنى لوجود لائحة لا تطبّق ، ولكن واقع حال منتدى شروق يقول أن عددا من نصوص اللائحة ظلّت مجمّدة في حالات كثيرة ، وهنالك نماذج تدلل على ذلك . نصت اللائحة على (يجور للمنتدى إيجار مقر أو دار له في أي مكان مناسب مع توضيح صيغة الإيجار أو العقد كتابة وتحتفظ اللجنة التنفيذية بنسخة منه) لم يتم الالتزام بهذه الفقرة عند استئجار مقر شروق الأول فلم يكن هنالك عقد إيجار مكتوب ، رغم وجود هذه الفقرة وقتئذ ، لم يتم الالتزام بها ولا حتى تعديلها ! مما يدعو للتساؤل حول معنى اللائحة .
ونصت اللائحة على (يجب فتح حساب باسم المنتدى في أي من البنوك الوطنية) كلمة "يجب" توجب فعل ذلك ، رغم أن التقدير الذي ساد وسط اللجان التنفيذية هو تجنب استخدام حساب في البنك ، فكان ينبغي استبدال "يجب" بـ "يجوز" ، أو الالتزام بما أوجبته اللجنة التنفيذية على نفسها .
ونصت على (لا يجوز صرف مالية المنتدى إلا بإذن من الرئيس عن طريق خطاب أو طلب يقدمه السكرتير المالي في بنود وأوجه صرف مجازة من قبل المكتب التنفيذي) وهذا نص يهدف إلى ضبط الصرف فيجب الالتزام به ، أو تخفيف صرامته ، إن كان معيقا ، بحيث لا يخل بعملية ضبط المصروفات .
هذه النماذج تدلل على ضعف الالتزام باللائحة ، وبالتالي ضعف المساءلة ، وهذا هو السبب الرئيسي في تكرار الأخطاء ، مثل تلك المتعلقة بـ "عدم الالتزام الدقيق بتسجيل الإيرادات والمصروفات" ورغم أن خطاب ميزانية الثانية حذّر (وها نحن نعترف بقصورنا وننبه القادمين) إلا أن الخطأ تكرر لثلاث دورات لاحقة ، وما ذلك إلا لغياب المساءلة .
يتم تبرير ضعف المساءلة بحجة طوعية العمل ، إذ تسود فكرة طالما أنا أعمل طوعا فليس لك سبيل إلى محاسبتي ، وهي فكرة خاطئة تماما ، فإذا خرج أي شخص إلى العمل الطوعي فيجب أن يلتزم بالمساءلة . إن العمل الطوعي في منظمات المجتمع المدني ، وإن لم يكن له عائد مالي ، فهو يحقق للعضو فوائد جمة ، فهو يتسبب في قدر من الرضا عن النفس والإحساس بالقيمة ، وهو تدريب عملي يضيف إلى الفرد معارف شتى ، ويكسبه قدرة على العمل بروح الفريق . وقد تقع على عاتق المتطوعين مهام جسام وأموال طائلة ، فكيف لا يخضعون للمساءلة ؟ ولكن في ذات الوقت ينبغي أن تكون الأعباء الملقاة على عاتق الأعضاء معقولة يمكن تنفيذها في وقت الفراغ .
وتتطلب المساءلة أن تكون الاختصاصات والمسئوليات محددة بدقة في اللائحة الداخلية لمنتدى شروق، وأن يكون العضو قادرا على القيام بالتكليف ، وله من الصلاحيات والمعينات ما يمكنه من القيام به . لذلك يحتاج الوصف الوظيفي للسكرتاريات إلى مزيد من الدقة والتفصيل حتى تتم المساءلة على بينة ، خاصة وأن التمييع وعدم تحديد المسئولية أضحى أحد مظاهر الفساد في تعريفات حديثة .
إن ضعف المسائلة هي النقطة التي يمكن أن تصيب منتدى شروق في مقتل ، بسبب تراكم الأخطاء ، أو عن طريق استغلالها بواسطة مخربين يعملون على تقويض المنتدى من الداخل ، لذلك لا بد من المساءلة . لا بد من المساءلة وإلا ستكون قوة الشفافية في منتدى شروق بلا معنى .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة