بعد مخاض طويل و مؤلم و إجراءات مفروضة من قبل السلطة و هيكلة لحوارها بحيث يتناسب و أهدافها منه، خرج مؤتمر الحوار الوطني في السودان المعروف بحوار الوثبة، بوثيقة أسماها الوثيقة الوطنية، نود أن نورد حولها بعض الملاحظات العامة دون الخوض في التفاصيل:
1- كتبت الوثيقة بألفاظ عامة و إنشائية تسمح بتعدد التفسيرات و تعطي الفرصة لمن يريد أن يتنصل من بعض بنودها. فعلي سبيل المثال قرنت الوثيقة الديمقراطية بالشورى التي يمكن أن تكون معلمة أو ملزمة، مما يعطي فرصة لمن يريد أن يقصر الأمر فيما يخص الديمقراطية على الإنتخابات و يقيد النشاط البرلماني ، أن يفسر ورود المصطلحين معاً على أن الشورى بسماتها المعلمة تشكل قيداً على الديمقراطية ذات الطبيعة الإلزامية. فالمعية و التعداد قد يعني المماثلة، و التطبيق المتزامن لمصطلحين غير مترادفين يفتح الباب للإجتهادات المختلفة و إن كانت بعيدة.
2- نصت الوثيقة صراحةً على أنها تهدف لتجاوز الماضي و جراحاته، دون أن تحدد أو توضح كيف يمكن تجاوز ذلك الماضي بدون تشخيص أزمته و تحديد أسبابها و معرفة جذورها و من ثم معالجة تداعياتها. إذ بدون ذلك تأتي المعالجة مبتسرة و ناقصة لأنها تخاطب التداعيات و تهمل جذور الأزمة و لا تعالج الأسباب. و بهذا تفصح الوثيقة عن رغبتها في المحافظة على دولة المؤتمر الوطني (الرأسمال الطفيلي) و عدم رغبتها في تفكيكها أو مجرد تحميلها المسئولية عن تردي البلاد في الوهدة التي تردت فيها. فحديثها المعمم عن تباين وإختلاف و صراع أبناء السودان صراعاً مسلحاً و مدنياً دون تحديد أسباب و جذور هذا الصراع و تشخيصه تشخيصاً صحيحاً، يعني إعفاء المؤتمر الوطني من المسئولية ومباركة جميع خطوات تمكينه و معالجة الأوضاع في المستقبل دون مخاطبة أسباب التردي وتركها تفعل نفس مفاعيلها من مواقع السيطرة.
3- لم تتعرض الوثيقة من قريب أو بعيد لملامح الأزمة السودانية المتمثلة في سيطرة تنظيم واحد على السلطة و الثروة لأكثر من ربع قرن من الزمان و لا إلى سياساته الإقتصادية أو الإجتماعية أو حتى الدولية، بل شرعت مباشرة في الحديث عن معالجات لدولة مستقبلية تبنى فوق الركام الذي خلفته هذه السياسات، دون أن تفكك المؤسسات التي بنيت أو تعالج الأزمات التي خلقت أو تضمد جراح من تضرروا من تلك السياسات. فهي تحدثت حديثاً مبهماً في توطئتها عن إصلاح أجهزة الدولة، ولم تحدد كيفية هذا الإصلاح. فربما يعتقد المؤتمر الوطني أن الإصلاح يعني توسيع الجهاز التشريعي و زيادة عدد النواب، مع حشر بعض المتطلعين حشراً بحكومته الجديدة، و إعادة السيطرة على السلطة القضائية عبر توسيع دائرة منسوبيه فيها بدلاً من السيطرة المباشرة عليها من قبل الجهاز التنفيذي. ترك الحديث عن الإصلاح مبهماً يعني أن يتم هذا الإصلاح المزعوم وفقاً للتقدير المطلق للمؤتمر الوطني و بالكيفية التي يراها مناسبة.
4- نصت الوثيقة على تجاوز عقوداً اتسمت بعدم الإستقرار بأبعاده المختلفة سياسياً و أمنياً و إقتصادياً و مجتمعياً، ولم تحدد كيف يتم هذا التجاوز دون مناقشة أسباب عدم الإستقرار و معالجة جذور أزمته، و محاسبة من تسبب فيها و إلغاء مفاعيلها المستقبلية بعد معالجة تداعياتها البادية للعيان. عدم تشخيص الأزمة و تحديد جذورها يعني ترك مسبباتها قائمة بحيث تمنع تطبيق أي معالجات مستقبلية ، لأن المعالجات لن تطبقها قوى لتنفي نفسها و تسقط مكتسباتها، و هنا تبرز ضرورة مرحلة الإنتقال.
5- أقرت الوثيقة بالتنوع و اعترفت بالتعدد الثقافي و الإجتماعي لمكونات الشعب السوداني، و لكنها لم توضح مترتبات هذا الإقرار. إذ أن هذا الإقرار يتوجب أن يترتب عليه الإعتراف بحق أقطاب هذا التعدد في ممارسة ثقافاتهم، و حماية هذه الثقافات و دعم تطورها و إدماجها في تشريعات الدولة بمستواها الدستوري، فهي إن كانت لغات أو فنون أو قيم أو أديان، تحتاج لأن يترتب على الإقرار بوجودها إعطائها حقها بالشراكة الفاعلة و التأثير في مؤسسات الدولة التشريعية و الثقافية ، و في تحديد مصادر التشريع التي صمتت الوثيقة بشأنها ، و هذا أهم سمات المحافظة على دولة التمكين كما سنبين لاحقاً.
6- تحدثت الوثيقة عن مساواة في الحقوق كأحد متعلقات الهوية، و لكنها لم توضح كيف ستتم هذه المساواة. هل سيتم مساواة المسلم بغير المسلم و المرأة بالرجل ؟ و كيف ستقيم ذلك مع دولة الشريعة الإسلامية التي من الواضح أن الوثيقة قد تمسكت بها بالرغم من ورود تسريبات في المخرجات تشي بقبولها التنازل عنها. فالوثيقة لم تتعرض من قريب أو بعيد لمصادر التشريع، و هذه المصادر هي أساس الدولة الدينية التي تلغي رابطة المواطنة و تخلق دولة قائمة على أساس الدين، هي بالذات المشروع الذي دمر بلادنا و أدى لكل هذه المآسي. و سكوت الوثيقة عن تحديد مصادر التشريع بوضوح أو على الأقل ذكر أنها لا بد أن تكون متعددة و ألا تتعدى على حقوق المواطنة و أن يخضع التشريع على أساسها لمبدأ الدستورية ، يعني إستمرار دولة التمكين أو دولة الشريعة الإسلامية كاملة غير منقوصة بلا شك. و بذلك يكون حديث الوثيقة عن إعلاء قيم المواطنة مجرد حديث مجاني لا علاقة له بالواقع من قريب أو بعيد. و لا ندري كيف ستكون المواطنة هي الأساس و المعيار لكافة الحقوق و الواجبات لكل أبناء السودان كما تقول الوثيقة، في ظل دولة الشريعة الإسلامية الماثلة و المستقبلية.
7- الحديث عن إعمال الشفافية والمساءلة المحاسبية والمؤسسية و سيادة حكم القانون، جاء منسوباً إلى المستقبل دون التعرض من قريب أو بعيد لإعمال هذه المبادئ على فترة أكثر من ربع قرن مضت، التصرفات و السياسات فيها هي أساس و جوهر الأزمة. و هذا يقودنا للحديث عن خلو الوثيقة من أي إشارة لعدالة إنتقالية لأنها بالأساس لا تقبل مبدأ الإنتقال الذي رفضه صراحةً المؤتمر الوطني. و في غياب الإنتقال تغيب العدالة الإنتقالية و يغيب الإعتراف بالجرائم المرتكبة و إسقاط المحاسبة عليها و إسقاط حق الضحايا في المطالبة بحقوقهم القانونية بإتخاذ ما يلزم من إجراءات في مواجهة المجرمين و بالتعويض عما أصابهم. و بذلك تنتفي أي فرصة لتضميد الجراح و تجاوز الأزمة و إعادة رتق النسيج الإجتماعي الذي تمزق.
8- الحديث عن الحريات و الحقوق جاء معمماً جداً و غير منضبط ، فمثلاً حرية الإعتقاد قرنت بممارسة الشعائر و لم ينص بوضوح بأنها تمثل الحق في إعتناق الأديان و تركها، كما لم ينص على منع تقييدها و الإنتقاص منها بنصوص القوانين. و ينسحب نفس الأمر على حرية التعبير و التنظيم و التجمع و التنقل و المشاركة في الحياة العامة، فهي وردت عامة و لم تعزز بالنص على ضرورة عدم إنتقاصها أو تقييدها. و إذا نظرنا إلى القيود المفروضة الآن في ظل دستور نيفاشا المعدل الذي ينص على هذه الحقوق بل هو أشمل من هذه الوثيقة فيما يخص الحقوق و الحريات، نجد أنه برغم وجوده قانون الأحزاب يقيد حق التنظيم، و قانون الأمن يسمح بمصادرة الصحف على سبيل المثال لا الحصر. لذلك النص على عدم تقييد الحقوق أو الإنتقاص منها بنص أي قانون أمر ضروري و لازم لحماية الحريات و الحقوق، وهو مالم يرد بالوثيقة الوطنية.
9- برغم تخصيص الوثيقة لقسم للسلام و الوحدة، إلا أنها لم تشر من قريب أو بعيد للحروب العبثية القائمة و لا لأسبابها و لا لكيفية إيقافها أو معالجة تداعياتها أو محاسبة من إرتكبوا جرائم حرب فيها. بل أنها حتى لم تتكرم بالإشارة إلى ضرورة درء آثارها و تعويض المتضررين منها، و إعادة إدماجهم في الحياة، لتضميد جراحهم و السماح لهم بالإنخراط في حياة كريمة. كذلك لم تتكرم بتوضيح أسس الوحدة التي عنونت بها قسمها ذاك، و لا ضرورتها و لا كيفية تعزيز ثقافة السلام التي دعت إلى تعزيزها في ظل حروب ما زالت أسبابها قائمة. أيضاً لم توضح كيفية و آليات بناء و تمتين النسيج الإجتماعي دون معالجة الظلم الإجتماعي القائم و القصف المستمر على مناطق الحروب الثلاث. و لا ندري لماذا قررت حشر تأمين و تمكين و تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة في محور السلام و الوحدة فقط و هو أمر مطلوب في كل مناحي العمل العام حتى في صياغة الدستور و هيكلة الدولة. عموماً هي لم توضح لنا كيف سيتم هذا التأمين و التمكين في ظل دولة المؤتمر الوطني المتمكنة و التي يرفض تفكيكها لبناء دولة كل المواطنين.
10- تحدثت الوثيقة عن الإقتصاد و لم تقل شيئاً. إذ لا حديث بها عن فلسفة الإقتصاد الراهن القائم على التطفل و تهديم البنية الإنتاجية و بيع القطاع العام و تفكيك مؤسساته و التبعية المطلقة للإمبريالية العالمية و الإنفاق البذخي على جهاز الدولة و الحروب العبثية و رفع الدعم و تخلي الدولة عن مسئوليتها الإجتماعية في قطاعي الصحة و التعليم و النهب المنظم لثروة البلاد و بيع أراضيه للأجانب و إثقال كاهل البلاد بالقروض الأجنبية و السياسات المالية المدمرة. و غياب كل ما تقدم يعني أن ماورد من عموميات و إنشاء كلامي، لم يخاطب الأزمة الإقتصادية القائمة على الإفقار المنظم و إهدار موارد البلاد و تجيير إقتصادها للرأسمالية الطفيلية، و مؤدى ذلك هو إستمرار دولة الرأسماية الطفيلية أيضاً و التي هي جوهر دولة التمكين ، و إستحالة معالجة الأزمة الإقتصادية.
11- في مناقشتها للعلاقات الخارجية، لم تورد الوثيقة حديثاً عن وجوب عدم الإنتماء للمحاور الإقليمية أو الدولية و الإلتزام بسياسة عدم الإنحياز و عدم المشاركة في التحالفات الحربية و التدخل في حروب الدول الإقليمية أو المجاورة. كذلك لم تقدم الوثيقة أي مراجعة لسياسة الدولة العدائية تجاه دول إقليمية و عالمية، كلفنا العداء معها كثيراً و أقعد بالدولة عن الوفاء بأدنى متطلبات شعبها، في مساندة و تعزيز لسياستها الداخلية المعادية للشعب و أدى لتكريس المعاناة. كذلك لم يرد بالوثيقة أي حديث عن الإرهاب و المنظمات الإرهابية و الدينية العابرة للحدود و العلاقات معها و عدم الدخول معها في علاقات دعم أو مساندة أو تحالف أو إتصال بها بأي صورة من الصور، و العمل على محاربتها ووقاية البلاد من شرورها. فالعلاقات الدولية لم تعد تقتصر على العلاقات مع الدول و المنظمات الدولية ، بل تمددت لتشمل العلاقات مع التنظيمات و المؤسسات الفاعلة في السياسة الدولية.
12- إعتماد النظام الرئاسي و إختيار الرئيس بالإنتخاب الذي دعت له الوثيقة، يعني إستمرار دولة المؤتمر الوطني بصيغتها الراهنة و بقيادتها الحالية دون إنتقاص من السلطات المهولة و شبه المطلقة للرئيس البشير. و استمرار الحكم بمستوياته يعني أيضاً تثبيت هيكل دولة التمكين بصورته الحالية المكلفة ، و الإحتفاظ بجهاز دولة مترهل لا ضرورة له يشكل عبئاً على المواطن و لا يقدم الخدمات الضرورية اللازم تقديمها له . و الغرض من ذلك هو تأكيد إستمرار دولة التمكين حتى على مستواها الشكلي و الأداتي من ناحية، و من ناحية أخرى الإستمرار في سياسة الترضيات و شراء الولاءات بالتعيينات في مراكز السلطة و تكريس أزمة الإنفاق الحكومي البذخي على جهاز لا ضرورة لتوسعه بهذا الشكل بالأساس.
13- تحدثت الوثيقة عن إصلاح شامل لأجهزة الدولة مرة ثانية في قضايا الحكم، و لكنها أيضاً لم تشر إلى كيفية و آلية هذا الإصلاح في ظل سيطرة المؤتمر الوطني على هذه الأجهزة. فهي لم توضح كيف سيتم إصلاح جهاز الأمن أو القوات المسلحة أو حتى الخدمة المدنية، في ظل سكوتها على ظاهرة الفصل التعسفي الواسع للصالح العام الذي تم، و عدم معالجة مشكلة المفصولين تعسفياً، و سكوتها عن ظاهرة التهجير (الهجرة و الإغتراب المزعومين) و نزيف العقول الذي نتج عن السياسات الإقتصادية و السياسية و الأمنية للنظام، و عجزها عن توضيح كيفية توفير المورد البشري المؤهل الذي دعت إلى توفيره في ظل هذه الظروف. و انسحب تعميمها و قصورها أيضاً على حديثها عن الإعلام الذي أرادته أن يكون مسئولاً ، دون أن تؤكد حريته و تمنع تدخل الأجهزة الأمنية في نشاطه و مصادرته و فرض القيود عليه. كذلك أنسحب أيضاً في إطار تكريس الغموض غير الإيجابي على الحديث عن نظام التعليم الذي أرادته أن يكون تربوي و فعال، دون التعرض لمجانيته و إلزاميته و دون النظر في أسباب تدهوره و أزمته الراهنة، القائمة على سياسة الدولة الرامية لخصخصته و تحويله لنظام آيدلوجي يخدم آيدلوجيا السلطة و يكرس بقائها. و نفس الأمر ينسحب على الخدمات الصحية الوقائية العلاجية المتطورة و المتوازنة و المستدامة و الشاملة التي أشارت الوثيقة لتوفيرها ، دون أن تشير لمجانية العلاج صراحةً و دون أن توضح أسباب تدهور الخدمات الصحية و الآليات اللازم تبنيها لمعالجة هذه الأزمة. فحاصل الأمر هو أن الدولة التي خلقها الرأسمال الطفيلي هي دولة غير مسئولة، تخلت عن جميع واجباتها تجاه المواطن، و لا يمكن بالطبع أن تغير نهجها ذلك ذو الصلة و الوثيقة بقواها الإجتماعية و طبيعتها التي لا يمكن تغييرها.
14- لم تشر الوثيقة من قريب أو بعيد لمصادر التشريع أو لوضع الشريعة الإسلامية في دستور البلاد الدائم المزمع سنه، و هذا يعني إستمرار الحال كما هو عليه من سيادة مصدر وحيد للتشريع هو الشريعة الإسلامية، مما يعني إستمرار مشروع المؤتمر الوطني الحاكم و تكريس الدولة الدينية التي يصبح معها الحديث عن مواطنة و ديمقراطية، مجرد لغو لا طائل من ورائه. فالمعروف أن دولة الرأسمال الطفيلي المتدثرة بثياب الدين ، ركزت و منذ سن دستورها الأول في العام 1998م على تكريس دولتها الدينية عبر النص على مصدر وحيد للتشريع هو الشريعة الإسلامية الذي نصت عليه في المادة (65) من ذلك الدستور. و عادت لنفس السلوك حين إستغلت المادة (5) من دستور نيفاشا لتكريس دولتها الدينية المستبدة و إبطال مفاعيل كل الحقوق و الحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور. وصمت الوثيقة عن هذه المسألة المهمة، يعني تكريس دولة الرأسمال الطفيلي، وهو وحده يجعل من هذه الوثيقة مجرد ورقة لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به.
15- خلت الوثيقة من أي آليات أو ضمانات لتنفيذ ما ورد بها، و تركت الأمر لمن بيده السلطة لتنفيذها (المؤتمر الوطني). و إذا نظرنا لكمية الإتفاقيات التي وقعها المؤتمر الوطني بالفعل – ناهيك عن وثيقة حوار- نعلم ما هو مصير هذه الوثيقة بالحتم. فالإتفاقيات التي لم يحرسها السلاح و المجتمع الدولي كإتفاقية نيفاشا ، راحت شمار في مرقة. و مثال لذلك إتفاقية القاهرة و إتفاقية الشرق. بل حتى إتفاقية نيفاشا نفسها في الشمال، نفذت وفقاً لتصور المؤتمر الوطني و كرست برنامج حكومته المعادي للجماهير. و هذا يعني أن هذه الوثيقة المليئة بالغموض و التي كرست بالفعل دولة المؤتمر الوطني و منعت الإنتقال لدولة كل المواطنين، مصيرها معلق برغبة و مزاج و مصلحة المؤتمر الوطني و رئيسه. و ما كان لها أن تكون غير ذلك و هي نتيجة لحوار غير متكافئ حدد المؤتمر الوطني سقفه مسبقاً.
16- الوثيقة أيضاً استبقت الحوار المزمع مع القوى التي وقعت على خارطة الطريق، بغرض تجاوز القضايا التي يجب مناقشتها بالفعل بهذه التعميمات المكرسة لدولة المؤتمر الوطني بغرض التمنع عن الحوار المطلوب أولاً، و استخدامها لدعم موقفه التفاوضي بمحاولة إدخال تلك القوى تحت سقفها بإعتبارها إجماع أهل السودان ثانياً.
و مفاد ما تقدم هو أن الوثيقة الوطنية موضوع الملاحظات تحدثت كثيراً و لم تقل شيئاً في ما يخص مشاكل المواطن السوداني. فلا هي أسست لوضع إنتقالي صريح يفكك دولة المؤتمر الوطني لمصلحة دولة كل المواطنين، و لا هي غيرت شكل الحكم و أدواته، و لا هي وفرت عدالة إنتقالية تنصف المظلومين و تعيد رتق النسيج الإجتماعي، و لا هي وضعت محددات و موجهات واضحة لمخاطبة الأزمة الإقتصادية ووقف ظاهرة الإفقار و التبعية و القروض، و لاهي عالجت مشكلة التعليم و العلاج ، و لا هي تصدت بجدية لأسباب الحروب العبثية، و لا عالجت مشكلة دولة الشريعة الإسلامية الإستبدادية، و لا حددت آليات و ضمانات تطبيق حتى ما اتفق عليه على غموضه، و فوق ذلك سوف تستخدم لعرقلة الحوار المزمع مع قسم من المعارضة التي قاطعت حوار الوثبة، و الضغط على ذلك القسم من المعارضة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة