على الرغم من أن الكثير من الناس يظنون أننا شعب عابث ولا يضحك كثيرا وتغلب على طبيعته الصرامة والجدية ، كأننا في مدرسة عسكرية ، ونعيش حياتنا بصورة جادة أكثر من اللازم ، حتى حواء السودانية تشكو من أن الرجل السوداني لايعبر عن شعوره نحوها في غالب الاحوال ، على الرغم من تصرفاته التي تؤكد انه يحبها ويموت فيها عشقا. الا أنه يظل صامتا ويلغي التعليمات العسكرية لها ولأولادها. ولكن نحن نقول ان خفة دم الشعب السوداني من نوع آخر. وكلنا يعبر بطريقته عن ذلك. وقد اظهر الكثير من السودانيين أنهم عكس ذلك مما جعل الكثير الناس يغيرون نظرتهم في السودانيين. واقرب مثال لذلك مروان تلودي الذي يأتي إلينا كلما حاولنا الدخول للشبكة العنكبونية ، وكل ما تفتح الكمبيوتر يأتيك هذا التلودي ، بعبارته الشهيرة ( مرحبا ..أنا مروان تلودي) وعلى الرغم من أنه ليس فيها مايضحك ، لكنني وغيري الكثيرين يضحكون من ذلك ولانمل هذه العبارة كلما فتحنا الكمبيوتر. وقد سبقه التاج المذيع في قناة عجمان ، الذي خلب الملايين من المشاهدين بقفشاته وخفة دمه ، قبل أن يتحول الناس من التلفزيون إلى وسائل التواصل الاجتماعي. وفي مجال السينما فقد قدم المخرج السوداني سعيد حامد مدرسة كوميدية جديدة في السينما العربية من خلال افلام محمد هنيدي وهاني رمزي ومجموعتهم من الممثلين الشباب الذين أدخلوا اشياء جديدة للكوميديا بقيادة هذا المخرج السوداني سعيد حامد خفيف الدم ، وقامت هذه الكوكبة بكسر احتكار عادل امام وسعيد صالح للأفلام الكوميدية الذي استمر لفترة طويلة. وكذلك الفنان السوداني عصام كاريكا الذي شارك في فيلم (عايز حقي) مع هاني رمزي ، كان رائعا بجد وقدم دورا كوميديا رائعا واعجبني كثيرا. وأما في مجال الصحافة فقد كان للأستاذ جعفر عباس دورا كبيرا في ابراز خفة الدم السودانية ، حيث كتب في اعظم واكبر الصحف والمجلات العربية المعروفة ، وقد تميز قلمه بخفة الدم التي لفتت إليه الانظار ، وقد كانت مقالاته تنشر في العديد من الصحف اليومية في العديد من الدول متزامنة في وقت واحد ، وهذه الميزة لم تتحقق الا للقليل من الكتاب الكبير ، ولا اظنه اقل منهم.
وكما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة اطلاق نكات وقفشات سودانية عن ثورة الانقاذ والاخوان المسلمين، بعد ان ضاق بهم الحال ، وتناقض تصريحات المسؤولين ، واضفاء الصبغة الاسلامية على أي تصرف يقومون به حتى لو كان خاطئا في حق البلاد والعباد . وهذه النكات والقفشات مضحكة جدا وتؤكد مدى خفة دم هذا الشعب ، الذي يتهمه البعض بالجدية والصرامة . وحتى الفنان الكبير عادل الامام اكد خفة دمنا وتجاوبنا مع نكاته ، وقال إن الشعب السوداني اكثر الشعوب تجاوبا مع نكاته وأننا نحب الضحك. وعدم معرفة الآخرين بنا وبمميزاتنا ليس عيبهم ولا عيبنا ، لكن عيب مسؤولينا الذين لم يبذلوا ما يكفي لإبراز شخصيتنا وابراز حضارتنا ، وما تحتويه بلادنا من موروث وحضارة. وعندما نجلس مع الكثير من الاخوة العرب وغير العرب من مختلف الطبقات نجدهم يجهلون تماما السودان وما يحتويه ، ولايعلم الكثير أن جامعة الخرطوم تأسست منذ اكثر من قرن من الزمان وان الصحافة السودان انطلقت منذ اكثر من مائة عام وأن اجهزة الاذاعة والتلفزيون في السودان كانت الرائدة في افريقيا والعالم العربي والعالم الثالث . ولايدري الكثيرين أن للسودان الفضل في انطلاقة بطولة الامم الافريقية . وأن السودان لديه مواقف مشهودة في تأسيس حركة عدم الانحياز ، ومساعدة الكثير من الدول في كفاحها من أجل الاستقلال. وفرقة الاكروبات السودانية التي تأسست في مطلع السبعينات من القرن الماضي كانت الرائدة في افريقيا والعالم العربي والعالم. وهناك الكثير من الاشياء السودان كان له فيها الريادة. ولكن ضعف الاعلام السوداني وعدم استطاعته غزو العالم من حوله ، افقدتنا الكثير في ابراز الوجه الحقيقي لهذا البلد الرائع ، وعلى الرغم من أن الانسان السوداني الذي خرج من بلاده بعد ضيق الحياة فيها ، استطاع أن يعكس هذا الوجه المشرق بسلوكه واخلاقه وعلمه وثقافته وأمانته. التي اشاد بها الكثير من شعوب الارض الذين اختلطوا بالسودانيين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة