الحديبة... تلك البقعة الطاهرة الهادئة الصغيرة الوارفة الظلال ... تتربع في أفئدتنا، لا ننساها ولا نذكرها إلا بكل خير... الحِديبة بإمالة الحاء نحو الكسر عند الأهالي هناك.. أصبحت عرفاً هكذا والصواب بالطبع بضم الحاء.. والحُديبة.. أو.. محطة أبحاث الحديبة تقع جنوب الدامر بولاية نهر النيل بعد بلدة الشعديناب.. والشعديناب هذه منسوبة إلى جد الأهل هناك (شاع الدين) مع التحريف قليلاً إلى اسم الشعديناب وإضافة (آب) كالعالياب والزاكياب والدروشاب والمسياب ونحوها هلم جراً كما يقول ذلك الزعيم. بالحديبة الأبحاث كان المولد والترعرع الأول.. عشت فيها أروع أيام حياتي مما كان لها الأثر القوي والجيد والممتد في مقبل أيامي إذ بدأت تتشكل حياتي من هناك وإن لم تتضح بعد ولكن كانت البداية من هذه البقعة المباركة إذ انطبعت في ذاكرتي العديد من تلك الصور للأحداث التي عشتها وصورة ذلكم المنزل الذي كان فيه المولد والذي هو من ضمن صف "الأوضة" كما يحلو أن يسميها الأحبة هناك.. والأوضة بمعنى الغرفة أو الحجرة. وصف الأوضة يقع جنوب الورشة تماماً والتي يجاورها النادي الثقافي الاجتماعي الرياضي.. والنادي لنا معه عودة.. والورشة كان لها الدور الفاعل في صيانة كل ما يتعلق بمتحركات الأبحاث من عربات وغيرها بالإضافة للحدادة والتجارة والسباكة وإن لم أدخل للورشة إلا لماماً وما أدري عنها شيئاً سوى أنها الورشة وبها الجرس الذي يرن صباحاً عند الساعة السابعة بداية الدوام اليومي وعند التاسعة ثم العاشرة موعد حصة الفطور ثم نهاية الدوام وكنا نعرف التوقيت مثل صافرة القطار في الزمن الجميل. النادي العتيق.. الثقافي الاجتماعي الرياضي.. فهو أحد معالم (حُديبتنا) إذ كان ولا يزال يأخذ مساحة معتبرة وما يميزه تلك الخضرة والأشجار البواسق عالية الارتفاع إذ ما كان أحدنا يستطيع إحاطة جذع تلك الشجرة بذراعيه إلا بعد أن يتجمع اثنين أو ثلاث نلتف حولها حتى نجعلها محصورة بيننا ولا تنسوا أننا كنا آنذاك صغاراً وبأجسادنا النحيلة أو النحيفة فالنادي روعة بل تحفه من الجمال في غاية الخضرة حتى النجيلة هنا وهنالك وأشجار الزينة التي تتخللها أشجار الظل الباسقة والعجب كُلهُ أن السور الخارجي كان من الأشجار أيضاً ربما كان من أشجار التمرهندي على طول امتداد السور باتجاهاته الأربع مع السلك الشائك. وفي داخل النادي كان المسرح وغرفة الإدارة.. ولا أدري ما الذي يحتويه النادي أيضاً ولكن كان فريق النادي ينطلق منه لأداء مبارياته المهمة لاسيما في المناسبات والمواسم الرياضية فعندما يكون الفريق منتصراً حينها نسمع صياح الديكة عفواً صياح النصر في عنان السماء بالمناسبة هناك فريق أوروبي اسمه أو لقبه (الديكة) فيما أظن أنه الفرنسي إن لم أكن مخطئاً في ذلك.. أما عند الهزيمة فلا تسمع إلا همساً وصمتٌ مُطبق.. وفي ليالي الحديبة يشاهدون التلفاز داخل النادي مع لعبه "الكُتشينة" و"الضُمنة".. ويتسامرون متواصلين مع بعضهم البعض بل تأتي أنفاس دخان السجائر متصاعدة إلينا إذ كنا نسكن بالقرب من النادي بالناحية الشرقية حينها نعلم أن النادي ممتلئ على بكرة أبيه بالرواد. وكان بالنادي نشاط آخر ربما كان يحدث مراراً لكني قد شاهدته مرة واحدة وكان ذلك في خواتيم السبعينات أو بداية الثمانينات إذ تم تنظيم دورة تدبير منزلي.. وفي هذه الدورة التي كانت تهدف إلى تعليم النسوة صنع بعض الأشياء في المنازل مثل الحلويات وصنعها وغيرها كتدبير منزلي وكانت هذه الدورة أكثر من يوم وكانت تقام في وقت الضحى منذ العاشرة وحتى بعيد الظهر.. ولأول مره نتذوق أنواعاً جديدة وعديدة من الحلوى مصنوعة داخل الحديبة رغم أنني رأيتها داخل سوق الدامر وعطبرة.. والنادي يستقبل مناشط أخرى قد لا أتذكر منها شيئاً.. هذا ما تركته لأبناء الأبحاث البررة لإيضاح ما لم أذكر منه شيء. ومدرسة الحديبة لها وقع خاص في نفوسنا إذ تعرفت على فك الخط إذ تَحبّب إلينا العلم كما أحببناه وكانت المدرسة أروع جمالاً من زهرة النادي وبهجته وجماله إذ كنا ندلف نحو الفصل مخترقين أجواء المدرسة ونحن نسير على أرضها الخصيبة ولمن لم يكن يعرف أبحاث الحديبة فالمدرسة تقع شمال الأبحاث خارج المدينة إذ كنا نغدو إليها صباحاً عابرين الطريق الذي يجاور النادي والورشة ثم مكاتب الأبحاث ثم أرض خلاء ربما كانت ذات شجر ثم إلى داخل المدرسة. وأول يوم لي في المدرسة أتيت إليها مع شقيقي الأكبر وكانت السنة الدراسية في خواتيمها وكان الغرض من حضوري للمدرسة هو تسجيلي للصف الأول المقبل لحظتها أو حينها كنت منتسباً تلميذاً في روضة الحديبة البعض يعتقد أنها خلوة كما هو الحال في الولاية الشمالية آنذاك ولكن للعلم كانت روضة الحديبة كانت لنا بها أيما أيام إذ كانت (الطوطحانيه) (والمزلقان) والكثير من (لُعب) الأطفال ذات الألوان المختلفة. وما لا أنساه في سنة أولى كان أستاذ الحساب يطلب أن نكتب العدد على الهواء ثم نمسحه بأيدينا وكان هذا في حوش المدرسة بعد أن نتعرف على الأعداد داخل الفصل وكان هذا أيضاً مع أستاذ اللغة العربية وأذكر جيداً أن الدراسة كانت في اللغة العربية والحساب أي الرياضيات والتربية الإسلامية لا شيء غيرها وعند وصولي لسنه ثالثه وكنت ضعيفاً جداً في النتيجة وذات صباح لحظتها كنا مع أستاذ الحساب وكنت أجلس في الصف الأمامي مع السبورة وضع أستاذنا اختبار جمع وطرح على أن نقوم بواجب التصحيح خلال اليوم. فعلاً ذهبت لإجراء عملية التصحيح فعرضت على الأستاذ كراستي فبدء هذا الأستاذ يحدق في وجهي وعلى كراسة الإجابة مع مقارنتها مع بعض كراسات الطلاب بعدها أمرني بأن آتيهِ آخر النهار بعد الانتهاء من الحصص وبالطبع أتيت إليه فاستخرج ورقة بيضاء وبدء يكتب خطاباً (ورب الكعبة) ما عرفت ما فيه فأمرني أن أعطيه لأبي عند عودة أبي من العمل وألّا أضيعه. وبالطبع عند عودة أبي حفظه الله أعطيته الخطاب فقرأه وعرف ما فيه وفي صبيحة اليوم التالي أخبرني بأني مصطحبه إلى عطبرة لإجراء فحوصات طبية فدخلنا في عيادة بصريات صغيرة الحجم وقد أخذ تجهيز النظارة سحابة نهار ذلك اليوم وفي المساء رجعنا إلى تحفتنا (الحديبة) والتي وصلناها بعد المغرب والكهرباء مقطوعة والظلام الدامس يلف البلدة بردائه الداكن وبنظارتي ما أكاد أتبين شيئاً. وسبب دهشة الأستاذ في تحديقه في عيوني وكراستي إذ لاحظ أني قد نقلت بعض الأرقام خطأ فالأرقام التي في كراستي ما هي تلك التي على السبورة مع أن عمليات الجمع والطرح صحيحة ما كنت أراها جيداً.. هنا تنبه هذا الأستاذ إلى أنه ربما هنالك مشكلة في العيون مما فطن إلى أهمية مراجعة الطبيب. وفي صبيحة اليوم التالي توجهت نحو المدرسة بنظارتي وأنا أتلفت بها لأعرف الفرق التي أحدثته النظارة وكانت شيئاً جديداً ومدهشاً إذ أني كنت الوحيد الذي البس النظارة وسط الطلاب ولاعتقاد الطلاب أن من يلبس نظارة هم كبار السن فقط... ولكن ما أن جاءت امتحانات الفترة الأولى... فكانت المفاجئة الداوية والتي قلبت فيها الطاولة إذ كان ترتيبي الحادي عشر بعد أن كنت الطيش في العشرة الأواخر أو الخمسة عشر (الطَيَشَة). حينها انفتحت نفسي تماماً للدراسة وتراجعت الغَشاوة و انداح البصر.. ونتيجة آخر السنة كانت الفرحة الكبرى.. حيث كان ترتيبي الخامس.. إذ ما وسعت الفرحة ذلكم الأستاذ الذي اكتشف أمر حاجتي للنظارة.. وما حدث يوم توزيع النتيجة كان أمراً عجباً.. فبعد أن أخذنا أمكنتنا يوم الزينة في الطابور.. وفي رواية يوم الفضيحة للبعض.. جاء دورنا نحن في الصف الثالث.. حيث جاء أستاذ الرياضيات.. وهو (أبو الفصل).. ليعلن النتيجة حيث جاء الأول سامي علاء الدين.. ثم الثاني لا أتذكره ثم الثالث هشام بدري برسي والرابع لا أذكره.. ثم ذكروا الخامس وظللتُ أتلفّت يميناً وشمالاً حتى يخرج هذا الخامس.. ثم كرر الأستاذ الاسم مرة أخرى.. فإذا هو أسمي ولم أكد أصدق.. وحين خرجت بدء التصفيق حاراً. وعند وصولي لوسط الميدان لأستلم الشهادة من أستاذنا أبو الفصل.. مددت يدي فإذا بالأستاذ يستلم يدي حتى يتواصل التصفيق.. لاسيما من شباب الحديبة.. الذين عبروا نحو المتوسطة والثانوي.. إذ امتلأت جنبات المدرسة خلف طابور توزيع النتيجة.. إذ كانوا شهوداً لهذا الحفل والحدث المهم.. وبعد استلامي للنتيجة قفلت راجعاً فتعثرت خطواتي وكدت اسقط أرضاً مما دفع الطلاب والحاضرين إلى زيادة جدة التصفيق مما جعلني أزداد اضطراباً حتى وصولي إلى مكاني الأول.. بعدها تواصلت توزيعات النتيجة. ما أذكره جيداً في المدرسة.. أن تلاميذ الصف السادس.. كانوا يعودون يومياً عصراً إلى المدرسة لحضور ما يُسمى بدرس العصر ومن ثم المذاكرة بعد المغرب وحتى التاسعة مساءً.. وكان هذا يومياً ومجاناً.. مما جعل المدرسة تنافس وبقوة بقية المدارس في الولاية.. وتأخذ مكانها الطبيعي المتقدم في النتيجة كل عام.. مما جعلها ذات سمعه طيبه وجيدة.. ومن روائع المدرسة كان بها حظيرة دواجن تقع جنوب حوش المدرسة من الناحية الغربية.. وما لا أنساه أن منازل المعلمين تقع شمال المدرسة أظنها متواجدة حتى يومنا هذا. ومن بدائع ذلك الزمان.. أننا كنا نملأ أقلامنا بالحبر السائل من المكان المخصص له أسبوعياً.. وأذكر جيداً أن حصة الإملاء ما كنت أخطئ فيها إلا قليلاً.. ومن الأخطاء التي وقعت فيها أن أضفت حرف الألف إلى لكن فصارت (لاكن) رغم حبي للعربية.. وكذلك حصة القصة المسموعة والمقروءة كما كنا تُخلىِ الطريق لأي أستاذ يمر بالطريق الذي نتواجد فيه.. وكان هذا من عادة طلاب ذلك الزمان الجميل. بعد يوم دراسي شاق وممتع في آن واحد.. وبعد منتصف النهار أو في الظهيرة كما يحلو للبعض.. نرجع إلى بيوتنا في رحلة العودة.. والتي نصل "إلى البيوت" في فرحه بائنة.. حيث نمكث وقت القيلولة داخل المنازل.. ولا نخرج منها إلا قليلاَ.. إذ نتواجد داخل راكوبة بيتنا ذات العمود المشرّم.. وكثيراً ما تأخذني "نومة" حتى قبيل صلاة العصر.. أما صديقي محمد حسن يوسف "حفظه الله" ما كان ينام إلا قليلاً.. ذات يوم نام واستيقظ قريباً من المغرب.. ذهب ولبس "هدوم" المدرسة وصلى الصبح ونادى أمه كي تعطيه الشاي.. شاي الصباح.. بالطبع وقد التفح شنطته و "المخلايه".. سألته أمه أين أنت ذاهب؟ وماش وين؟ عرفت أنه ذاهب للمدرسة وضحكت فيه وسألته ومتين الدنيا صبحت؟ متى أصبح الصبح.. وما درى صديقي محمد أنه شرب المقلب بدلاً من شربه لشاي الصباح فكانت ابتسامه عريضة وضحكة مجلجلة!. وبعد العصر مباشرة.. نذهب إلى المعمل لإحضار اللبن من هناك.. والمعمل هذا هو مكان توزيع اللبن.. لا أدرى لماذا هذه التسمية.. وهو تابع للغيط حيث نجد بجوار المعمل حظيرة الأبقار التابعة لأبحاث الحديبة وهذا المكان "الغيط" والمعمل وحظيرة البقر والمكاتب الحكومية بالحديبة هي مربط الفرس حيث تكون الركيزة الأساسية للأبحاث الزراعية وهذا موضع بحث علمي ليت علماؤنا وخبراءنا وعارفونا يدلُونا بما لديهم من علم وأخبار بهذا الموضِع أو الموضوع. وفي هذا "الغيط" يتم زراعة الأعلاف وإجراء البحوث أو الأبحاث الزراعية.. وكذلك زراعة الخضروات وغيرها.. ولمعلومية من لا يعرفون أبحاث الحديبة هذه فقد تم افتتاحها في العام 1959م على يد الفريق إبراهيم عبود رئيس الجمهورية آنذاك.. وهي محطة متخصصة زراعياً ومرّ عليها علماء وأفذاذ سنذكرهم لاحقاً إن شاء الله.. والأبحاث الزراعية تقع جنوب الشعديناب وشمال الحديبة الحلة والمنطقة الزراعية هذه يسمونها "بالغيط".. وبها حظيرة بقر.. والعجيب أنهم يُنادون كل بقرة باسمها فتأتي مسرعة لحلبها.. وذات مساء وجدت علفاً.. في شكل جبل كبير.. عبارة عن لوبيا معروف باسم "لوبيا عفن" شبيه بالفاصوليا ولونه لون الفول المصري. وبعد الرجوع للبيت أتيت راجعاً ومعي ماعون كبير.. لأجمع أكبر قدر من هذه اللوبيا.. الثمار العالقة على أغصان اللوبيا.. فأخذت أجمع وأجمع أكبر كميه محترمة.. وكانت كثيرة وجميلة.. وعند وصولي للبيت قبيل المغرب كنت حاملاً حصاداً وفيراً.. أخذنا إفراغ الحبيبات من جرابها.. والتي أخذت زمناً معتبراً.. وضعته بعدها والدتي "رحمها الله" على النار وكنا في انتظاره لنلتهم منه ما قدر الله لنا أن نلتهم. ومالا أنساه مع رحلتي مع الغيط.. أننا.. أنا وشقيقي الأوسط نذهب إلى هناك نهاراً.. وهذا في الإجازة المدرسية لنأتي بالعلف.. ما يسمى ويعرف بالنجيلة.. وقد اشترط علينا بعض أفراد "الغيط" بأن نتجنب البرسيمَ وأبو سبعين.. وكنا نأخذُ النجيلة من جداول الماء بالمنجل.. وبعد أن نعبئ جوالين أحدهم صغير نسبياً ونذهب بالتراكتور التي تجر وراءها ترلة.. ومحطتها الأخيرة هي الورشة التي تقع شمال المنزل مباشرة.. ومن الممنوعات في الأبحاث إطلاق سراح الماعز لتتحول في الطرقات.. وكل ماعز بلا قائد تصادر وعند إرجاعها لصاحبها يدفع غرامة.. وكان هناك غفير أو حارس أو عامل مخصص لهذا الغرض. قصتي مع العقرب إذ لدغتني إحداها وأنا أحاول رفع حجر.. إذ كنا في المعمل لإحضار اللبن وما عرفت أنها عقرب إذ أن شيئاً يسري في يدي وربطتها أو مسكتها بيدي الأخرى وانصرفت إلى البيت مسرعاً وأعطيت ماعون اللبن لأحد أصدقائي هناك وأحضر معه اللبن مشكوراً وهذا يوم في الذاكرة محفورٌ لا أنساه. ثمار التمرهندي أعشقها جداً.. إذ نأتي به وتستهويه أنفُسنا أيام نُضجه في موسم حصاده.. وكان جميلاً جداً ورائعاً.. ومن ذكرياتي في البادية عفواً.. ذكرياتي في الحديبة.. كنا نأتي بكل غصن نجده في الطريق.. صغيراً كان أم كبيراً.. وهذا باعتباره وقوداً "لعواسة الكسرة والقراصة".. ولعواسة الحلومر لرمضان عند اقتراب الشهر الفضيل. • نحن ورمضان في الحديبة: لرمضان مذاق خاص في نفوسنا.. لاسيما ونحن صغار يافعين.. لنا فيه ذكريات جميلة.. منها موضوع حطب الحلومر.. ومن تلك الذكريات.. دخل رمضان ونحن في الصيف وربما الخريف.. إذ تقرر أن تبدأ الدراسة عند التاسعةِ صباحاً.. أو العاشرة لا أذكر.. ولكننا كنا نتناول وجبة الفطور ثم عندما يحين الوقت ننصرف نحو المدرسة.. وكان أخي الأوسط يكون أغلب وقته صباح تلك الأيام خارج البيت.. إذ لا أدري أين يذهب وماذا يفعل.. فهو "زول حوام". ومن شدة حرّ ذلك الزمان.. كانت أُمي تتغطى بثوبها المبلل.. لكنه سرعان ما يجف.. وفي صبيحة كل يوم كنا نجمع نواة التمر من مكان الإفطار.. إذ كانوا يرمونه بطرفي المصلى.. لا أدري لماذا كانوا يمنعون الصغار من حضور الإفطار آنذاك.. وذات ليلة رمضانيه لا أنساها.. كان الموعد المضروب بيني وصديقي محمد حسن.. أن يحضر إليَّ بعد الأذّان مباشرة.. وبرش الإفطار بعيد عنا قليلاً.. وبعد حضوره إلى منزلنا.. قفزنا عبر الحائط الشمالي نحو الطريق الفاصل بين البيوت والورشة.. ثم اتجهنا شرقاً.. ولا احد في هذا الوقت في أي مكان خاصة في المكان الذي نود الذهاب إليه.. وكنا مضمرين شيئاً في نفوسنا. كان الغرض من هذا المشوار.. هو تخريب بعض "الأُوض" الصغيرة الحجم والمصنوعة من الأعواد والقش.. وكان بعض الصبية ممن هم أكبر منا سناً.. قد جاءوا إلى هذا المكان لرعي أغنامهم.. إذ كانت وفيره المرعى وصنعوا تلك الراكوبة أو "الأوضة" من القش حتى يستظلوا من هجير الشمس.. وأتينا أنا وصديقي محمد لرعاية غنيمات لنا.. فطردنا أولئك الصبية شر طردة.. فقررنا رد الإعتبار.. وفي اليوم الثاني تفاجأ الصبية أولئك بالهجوم الليلي.. فأجروا تحرياتهم سريعاً.. ووضعوا كميناً لإسقاط المجرمين.. ولكن سقط صديقي سامي.. لأنهم قاسوا رجلَي سامي وذلك الأثر.. ولكنا كنا نسرع في الخطى.. وبعد ساعة من نهار أتينا معترفين بعد المسامحة لاستخلاص صديقنا سامي من العقوبة التي كانت بانتظاره. • العيد في الحديبة: للحديبة في العيد.. أو العيد في الحديبة.. طعم خاص.. برغم اختلاف العيدين الأصغر والأكبر.. لكن العيد في الحديبة.. أو الحديبة في العيد.. كلاهما صحيح.. له طعم خاص.. وكانت الصلاة في ساحة الحديبة الحلة جنوب الأبحاث الحديبة أو الكمبو كما يسمونه.. كنا نغدو زرافات ونروح زرافات منذ الصباح الباكر.. والفرحة تغمرنا للحد البعيد.. لاسيما ونحن مع اللبسة الجديدة.. حيث كنا نطوف البيوت في العيد الأصغر.. وجيوبنا تمتلئ بالحلوى والبسكويت والبطون.. وما أكثر البسكويت.. وفي العيد الأكبر كانت الفرحة بصديقنا الخروف ولكم كانت فترة صداقة لم تدم طويلاً. • وقفتنا مع المسجد: لمسجد الحديبة وقفة إجلال واحترام.. حيث رأيناه ووجدناه منذ أن تفتحت أعيينا على الدنيا.. ربما عايش ذلك من هم أكبر منا سناً.. حيث لا أنسى أياماً لنا مضت عندما يؤذن لصلاة العصر.. كنت أضع خطاً على الحائط حسب الفاصل بين ظل البرندة وضوء الشمس على الغرفة المجاورة للبرندة.. وكنت كلما مر وقت "أشخبط" على الحائط حتى أصبحت بضعة خطوط إلى أعلى قليلاً أو أسفل.. ولا أنسى أن أبي يحفظه الله كان يتبادل مع الشيخ عثمان يوسف "رحمه الله" في رفع الأذّان.. ربما معهما آخرون.. وكنت أحضر صلاتي المغرب والعشاء.. وذات مره أسمع مندهشاً خواتيم سورة عم يتساءلون.. وكنت مستغرباً لآخر آية (يا ليتني كنت تراباً) إذ كانت دهشتي في عبارة (كنت تراباً) ولم أكن أعرف معناها آنذاك. أذكر تماماً ختام المرحلة الأخيرة للمسجد الجديد.. لم أكن أعرف أو لا أعرف متى وكيف كانت البداية.. ولكني أذكر اليوم الذي بدأ فيه العمل للردميات إذ تذهب عربة "التراكتور" بالترلة إلى شرق الحديبة.. ويتجمهر شباب الحديبة هناك حيث الرمال الممتدة يملؤون "الترلة" على بكرة أبيها.. ثم تفريغها في حوش المسجد.. ثم العودة من حيث أتوا لشرق الحديبة للتعبئة مرة أخرى.. كان هذا يومياً عصرَ كل يوم.. ويوم الجمعة يكون النفير عاماً لكل الأهل والأحباب بالأبحاث. وكان العمل رائعاً.. إذ كان العم عثمان يوسف "رحمه الله" يرتب عملنا.. وبعد أن تمت الردمية وعمل الصبة الخرسانية رأيت العم عثمان يصب الماء على الخرسانة بالجردل.. ربما اخذ كل ساعات تلك العصرية. أما يوم الإفتتاح.. فكان من أيام الله.. صباحٌ مشرقٌ وضاء.. حيث كان استنفار الكثير من النساء لطهي الطعام وهذا بعد ذبح الذبائح.. وكانت جمعة مشهودة.. جاء ضيوف من الدامر وغيرها.. وبعد الصلاة المشهودة وافتتاح المسجد الجديد كانت الصُحون قد تم توزيعها وهي مملوءة باللحم والرغيف والشوربة إذ لم يغادر أي شخص إلا بعد أن شبع وحمد الله.. كان هذا فيما أذكر في العام 81 أو الذي يليه 82 في بداياته. الشيء بالشيء يذكر.. في جمعة افتتاح المسجد الجديد.. كان أبي ينوي تقديم وجبه غداء ككرامة لشقيقي الأكبر.. فقد تماثل للشفاء إثر عملية جراحية أجريت له في مستشفى الدامر.. قرر أبي تقديم هذه الوجبة لمصلي المسجد.. هنا طالب أصدقاء أبي من مصلي المسجد تأخير هذا إلى الجمعة التي تلي تلك الجمعة.. حيث تصادف ذلك في يوم واحد.. كرامة أخي وافتتاح المسجد.. فتأجلت وجبة غداء الكرامة للجمعة التالية وقد كان.. ولا أنسى تلك المداعبة من أحدهم.. مطالباً إياي بأن نحضر الجمعة القادمة طعام غداء أيضاً.. وقد تعاون مع أبي العم حسن يوسف في ذبح وسلخ الخراف وهي اثنين أو ثلاث لا ادري عددها.. ولكن للأسف لم نتمتع بالصلاة طويلاً في هذا المسجد.. إذ ما لبثنا إلا الرحيل من الأبحاث إلى حي جبرة جنوب الدامر.. عفواً سادتي جبرة جنوب الخرطوم. وليوم الجمعة طعم خاص في نفوسنا.. إذ كان يوم راحة لنا لا قراءة ولا كتاب ولا مدرسة.. وقبيل الصلاة نتجهز لأداء الجمعة.. وذات مره جاءنا خبر مؤسف أن شاباً دخل بسيارته المسرعة إلى داخل النادي.. إذ اخترق السور الخارجي المسور بالشجر واصطدم بإحدى الأشجار البواسق.. إذ لم تتأثر تلك الشجرة إلا بإزالة لحاءها.. وقد تحولت العربة إلى كوم من حديد.. وخرج الشاب سالماً.. هذا الشاب سرق مفتاح والده وقد أخذه من تحت "المخدة" التي كان ينام عليها والده.. وكان حديث المدينة لأيام. وبعد.. بعد كل هذا التطواف.. المدرسة والورشة والنادي و"الغيط" والمسجد.. فللحديبة حديث أشواق ممتع ورائع.. إذ انصهر الناس كاليد الواحدة.. حيث كنا نحن صغار البلدة نتسامر تحت ضوء القمر جوار البيوت.. أو نهاراً تحت ظلال أشجار النيم الظليلة الوارفة الظلال على طرقات الحديبة.. ومن هم أكبر منا يلعبون شليل وينو.. شليل وين راح. ولدكان التعاون والطاحونة والجزارة تاريخ جميل.. حيث كان لنا وُد وتبادل تاريخ معها.. يتذكرها كل من رأى الأبحاث وسكن بها.. وما كنا نحتاج إلى شيء قط إلا القليل فمن سوق الدامر.. ولا ننسى الطابونة.. حديثة عهد بالأبحاث.. حيث تفوح منها الرائحة الزكية للخبز والرغيف.. خاصة والوقت شتاء صباح كل يوم.. نشتم الرائحة من مسافة كبيرة.. وقبلها كان الرغيف يأتينا من الدامر بعربه هايس.. كانوا يسمونها بالثلاجة؛ لأنها تشبه الثلاجة. إلى هنا.. دعوني أيها الأحبة أن أخرج سريعاً لأني أود العودة للأبحاث بعد خروجنا منها يوم 8/5/1982م.. والعودة للأبحاث.. بعد ثمانٍ وعشرين عاماً.. أعلم أنني قد أهملت ذكر كثير من الأشياء أو تغافلت عن ذكر الكثير من الأسماء.. هذه تركتها إما بعد العودة أو، في حاله أني نسيتها أتركها لمن أراد التوضيح أو الاستزادة في تفاصيل تلك الفترة.. أرجو العذر وقبول التوضيح. • العودة.. بعد 28 سنة: منذ يوم الرحيل.. لم أنسى الحديبة ولم تنمحي من ذاكرتي.. ولا زالت عالقة بذاكرتي.. ونفسي تتوق لزيارتها حتى كان اليوم الذي جاء.. إذ كنت حزيناً منذ يوم 8/5/1982م اليوم الفاصل.. إذ ما كنا نعرف أنه آخر يوم لنا في التحفة.. كانت في خيالي ونومي وسويداء قلبي.. حتى جاءت خواتيم شهر فبراير من العام 2010م.. بعد أن بلغت من العمر عتياً.. ذهبت للولاية الشمالية لأداء واجب أسري خاص لأربعة أيام.. ففي اليوم الأول كان السفر والوصول إلى مدينة مروي.. وفي صبيحة اليوم التالي فرغت مباشره بعد ساعتين من أداء المهمة التي ذهبت إليها.. وعند الواحدة بعد الظهر كنت في الطريق الذي أجد فيه المواصلات التي تسافر للخرطوم.. لكني فكرت سريعاً للذهاب إلى دامر المجاذيب. من هناك.. اتصلت بصديقي أحمد سليمان.. الذي كان يقيم في الخرطوم حسب عمله.. وأرشدني بكيفية التصرف.. إذ وصلت إلى الطريق الذي يربط بين مروي وعطبرة.. في قرية "القرير" حيث صليت الظهر والعصر جمعاً وقصراً هناك بطريق مروي - عطبرة.. وبعد قليل جاءت سيارة سألت صاحبها عن وجهته فأخبرني ولم أتوانى فصعدت معه.. ولأول مرة أسافر بهذا الطريق حيث لا ماء ولا قرى ولا طير ولا يحزنون.. صحارى وجبال سوداء.. حتى دخل الليل وصلينا المغرب أنا وصديقي صاحب البوكس.. إلى أن وصلنا إلى "أم الطيور".. وعبرنا النهر عبر "الكبري".. ثم الطريق الرابط بين عطبرة - الدامر عند الصينية الرابطة بطريق بورتسودان.. نزلت من السيارة وشكرت السائق وحمدت الرحمن الرحيم على نعمة الوصول والحفظ. حينها اتصلت بالأخ أحمد سليمان و أخبرته بوصولي.. فأرشدني بأن أركب مواصلات الدامر القادمة من عطبرة.. على أن أتصل عليه عند وصولي إلى سوق الدامر.. ففعلت وأعطيت الهاتف لسائق الركشة.. وقد وصف لسائق الركشة المنزل الذي يريد.. منزل والده الكريم. وبعد قليل من الزمن أجد نفسي أمام أحد أعمده الأبحاث و "العم سليمان رحمة الله" حفظه الله ورعاه.. في "الشعديناب" الذي استقبلني استقبال الفاتحين هذا الرجل صاحب الكرم الرجل المضياف فسلمت عليه.. إذا أدخلني مباشرة إلى داره العامرة بالخير والإيمان.. إذ غمرني بالتحية وحسن الاستقبال.. وأخبرته بعدها أني أريد الأبحاث صباح اليوم التالي.. فأعطاني أسماء من هم فيها.. بقية ممن نعرفهم.. أمثال الفضلاء نادر عبد الرحيم.. حسن عمر عبد الرازق وأشقاؤه، وحمزة خضر وبعض أسماء قد نسيتها. وفي الصباح.. صباح الجمعة الأغر.. استأذنت "العم سليمان رحمة الله" لأني أود الذهاب أولاً شمالاً إلى سوق الدامر.. لمقابلة العم "محمد صالح".. وهو من الحسناب وهو أحد أصدقاء الوالد.. لم أجده وكان دكانه مغلقاً.. وقد تجولت قليلاً في سوق الدامر العجوز.. ومنها إلى مواصلات الحديبة.. استغلّيت "برينسة" وهي "البوكس" وأخبرت السائق بوجهتي وكنت أجلس بجواره وتحركت العربة وظللت أطيل النظر متلفتاً يميناً ويساراً هنا وهناك.. عسى أن أتذكر من معالمها شيئاً. فجأةً توقف الرجل وأخبرني بأني في أبحاث الحديبة.. سألته أين هي هذه الأبحاث.. أشار بيده نحو الطابونة في اتجاه الغرب فنزلت.. إذ جاءني شعور قوي بأن الرجل خدعني وأنزلني في صحراء جرداء.. وعند دخولي لتلك "الحلة" سألت رجلاً: أني أقصد أبحاث الحديبة.. وكان هذا الرجل يمتطي فارهةً له.. وعندما سألته نزل من فارهته.. وهي من ذوات الأربعة أرجل.. يحمل عليها علفاً لحماره هذا لأغنام له.. فأجابني الرجل بالإيجاب هذه هي الأبحاث !! سألته عن بعض الأسماء مثل حمزة وحسن عمر وغيرهما فأوصلني إليهم مشكوراً. ربما تستغربون لدهشتي تلك.. حين أنزلني الرجل في الصحراء الجرداء.. لأنه كنا قديماً ندخل الحديبة من شمال المكاتب ونمر عبوراً بالنادي والورشة.. أما "الظلط" الجديد فيمر بشرق الطابونة.. ما لم أكن أتصوره أن الطريق قد غُيِّر مساره شرق الحديبة ليربط تلك القرى جنوب "الكمبو" أبحاث الحديبة.. حينها وجدت نفسي داخل الأرض الحنون.. بعد ثمانٍ وعشرين سنة. فكانت مفاجأة سارة من العيار الثقيل.. إذ وجدت نفسي في أرض الحديبة.. وتفاجأ حمزة ومجدي عمر وأشقاؤه بمقدمي.. وكان حسن الاستقبال والترحاب إذ قضيت سحابة يومي ذلك.. وصليت الجمعة لأول مرة في مسجد الحديبة.. الذي كنا فيه صغاراً.. حيث التئم شمل الأسرة في منزل الأخ حسن عمر وكانت حضوراً الخالة الحنون والأم الرؤوم.. "الحاجة بخيتة بنت العبد" رحمها الله.. إذ كانت جمعةً جامعة.. وبعد الصلاة وقبيل الغداء.. أخذت جولة سريعة وخاطفة في أرجاء الأبحاث.. المدرسة والنادي والروضة.. ووقفت عند دكان التعاون.. وكان فيه الحبيب نادر عبد الرحيم.. لحظتا رن الهاتف بأن أسرع للغداء والجميع في الانتظار. عند وصولي.. كانت المفاجأة في انتظاري.. إذ تقابلت مع الحبيب محمد عمر عبد الرازق صديق الطفولة.. إذ خيرني أخوته أن أعرف محمداً وما كنت اعرف شخصيته قبل هذا اليوم.. منذ عام 82.. فأعطَوني ثلاثَ خيارات فألهمني ربي الرحمن الرحيم بأنه محمد.. قلت لهم أن خياراً واحداً أمامي وليس ثلاث.. أنه محمد عمر.. من لحظتها كانت صداقة حميمية لأبعد الحدود ودخلنا في "ونسه" من العيار الخاص.. وتوثقت عُرى الصداقة من جديد وعادت الذكريات ولكن.. فما عادت الورشة تلك الورشة ولا المدرسة تلك المدرسة.. التي كانت زاهيةً خضراء.. رغم تماسك الحوائط وترابطها.. لكنها تحتاج إلى تجديد.. وإلى غرس الشجر مرة أخرى داخل المدرسة والنادي وطرقات الحديبة.. البعض هناك يحاولون مجتهدين.. في وضع لمسات حانية للمدرسة.. والعمل كبير يحتاج إلى تضافر. والنادي.. ما عاد ذلك النادي مثلما كان.. إذ أصبح صحراء جرداء قاحلة.. وما عادت البسمةُ والنسمةُ في الأرض اليباب.. والصواب أن يقال: هنا كان نادي الحديبة الثقافي الرياضي.. والمسجد رغم صموده إلا أن يد التجديد لم تمتد إليه.. إذ يحتاج إلى كل شيء.. من مفارش وأجهزة صوت كاملة ومئذنة قوامها عشرون متراً من ارتفاع الأرض. أسماء لامعات مرت على الحديبة.. "العم عثمان يوسف" رحمه الله.. الأعمام "عمر عبد الرازق".. "جعفر المواطن".. الدكتور "صالح حسين".. "بدري برسي".. "محمد الأمين" رحمهم الله.. أسرة شمام.. و "محمد سيدون".. الكثيرُ الكثير من الأسماء.. والتي لها الدور الكبير في الحديبة. ختاماً.. هذه الحديبة.. في الخاطر دوماً.. ما ذكرته من ذكريات وأسماء من الله والحمد لله.. وما نسيته فمن الشيطان ونفسي.. وإن كان لابد من طلب.. فهو التسامح إن أغفلت اسماً للشخصيةٍ لم أذكرها أو موقف.. وهذا ما يدعوني لأن أفتح الباب واسعاً لمن كانت لهم بديهة وذاكرة حاضرة أن يتمموا من نقص.. كما كان يمدني دوماً ببعض ما نسيت من معلومات أمثال الأحبة "محمد حسن يوسف" حفظه الله.. كذلك "أحمد سليمان رحمة الله".. وأيضا الأستاذ "الطيب حسن" من الحديبة الحلة. هذا وقد أغفلت ذكر أسماء تلك القرى مثل الحديبة الحلة والمسيّاب والحصايا والمكابراب.. إلى آخر قرية.. نسبةً لأني أشعر بأن الأمر يحتاج إلى بحث علمي جامعي.. يتحدث عن منطقة جنوب الدامر.. جذورها وتاريخها وأصولها.. ويتضمن هذا البحث في فصلٍ كامل محطة أبحاث الحديبة.. وما تُنتجه من محاصيل.. مثل الموالح بكل أنواعها وكافة المنتوجات الشتوية.. نرجوا أن نكون قد قدّمنا ما يرضي أرضنا الحنون وأهلها الكرام ممن تخرّجوا من جامعة أبحاث الحديبة العالمية بالدامر!. مع فائق احترامي وتقديري.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة