كان وزراء الحركة الشعبية القادمين للشراكة في حكم السودان في عام 2005 يتوجسون خيفة من خبث شريكهم المؤتمر الوطني.. و قبل دخول أي وزير منهم إلى مكتبه كان يتم تسليط جهاز الكشف عن أجهزة التنصت للتدقيق و التمحيص في جميع أركان المكتب و سقفه و أرضيته.. و أثاثاته.. و كل شيئ في داخله.. تعجبت أول مرة و أنا أشاهد ما يحدث في أول يوم لي في تلك الوزارة.. لكني سألت الأخ/ روبن صامويل ساتي، مدير مكتب الوزير، عن السبب.. كان مهذباً جداً حينما ضحك ضحكة حوَت أبلغ رد.. و تكرر الكشف الدقيق عن الخبائث مطلع كل صباح بعد ذلك لفترة قبل أن يتوقف..
كانت الثقة لا تتجاوز حدود درجات ما دون الصفر.. و مع أنها ارتفعت قليلاً، إلا أنها لم تتجاوز، رغم ارتفاعها، خط الصفر إلى أن حدث الانفصال!
لا نقرأ النوايا.. و لا ندعي قراءة الغيب حين نشكك في جدية النظام في التعاطي مع الموقعين على خارطة الطريق بأخلاق من يريد خيراً للبلد.. و نعذر بعض ( المسطحين) الذين لا يعلمون ما نعلم..: "و يا ليت قومي يعلمون"!.. نعذرهم عذر العارفين..
لم يكذب النظام تنبؤنا و تصويرنا للتصرفات المتوقعة من النظام.. فقبل أن تجف أحبار التوقيع على خارطة الطريق، بدأ وفد النظام ( الخرخرة) تأكيداً لكل شك قلناه فيه، و سوف نستمر في قوله فيه و في كل من يثق فيه إلى أن نغادر هذه الفانية، لأن النظام لن يتغير.. و ما تلك الخرخرة التي تأتينا أخبارها من أديس أبابا بين الفينة و الفينة سوى ( المناظر) قبل بدء الفلم بقضِّه و قضيضه..!
لم نتفاجأ حين قال السيد/ مني أركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان بكل أسىً: "مازلنا في وكر الشيطان حتى يثبت العكس".. و نهمس في أذن أخينا مني أركو مناوي:- ( هو إتُّو شفتو حاجة؟!).. أمامكم الكثير من الحفر و المطبات ( و الكَتَرابات) من صُنع الشيطان الذي ما زلتم في وكره.. و عليكم اجتياز كل تلك الموانع للخروج من الوكر.. ثم نتساءل عن متى أثبت الشيطان شيئاً يتنافى مع الأفاعيل التي جُبِل عليها يا أخ مناوي؟! لا تتوقع من الشيطان أن يكون أميناً حتى مع نفسه.. حتى و إن خرج من جلده و لبس جلد الملائكة كما يفعل الآن.. لذا عليكم أن تتعاملوا معه على أساس أنه شيطان رجيم ليس غير.. و أن تتحسبوا له كل مرة تخلون فيها معه في حوار قد يؤدي إلى ما قد نحمد عقباه بفضل ( كرامة) الأمريكان.. أو يؤدي بنا إلى شتات و فراق يسخر من ( فراق الطريفي لي جملو!!)..
ليس بوسع أحد أن يسدي إليك النصح في كيفية التعامل مع قوم الشيطان هؤلاء ، أخي مناوي، و أنت الذي تعاطيت معهم في ( قصر) الشياطين الجمهوري ( القديم) بعد اتفاقية أبوجا الموؤودة حيث وجدت نفسك ( مساعد حلة) ليس إلا.. و كم شنفت أذنك وقتها كلمات تضليل و نصب:- الله أكير! الله أكبر!.. يا سبحان الله!.. أحسب أن.. ما شاء الله.. إنشاء الله.. استغفر الله.. و اسم الجلالة يتردد مع كل جملة تزاحم أختها في تأكيد العلاقة الوثقى بين ناطقها من شياطين الإنس و بين خالقه.. هكذا هُم يظهرون تدينهم في تزامن مع الكذب الصراح.. و مع جرائم يرتكبونها ضد الانسان و الانسانية.. و يتكالبون على النهب و السرقة و الفجور و ( خلوها مستورة!).. أنت خبرتهم و دارفور تحترق وقتها... و الموت بأيديهم يتطاول على الحياة بلا وجيع..
إننا لا نتعامل مع الأحداث تعامل المسطحين الذين لا يدرون و لا يدرون أنهم لا يدرون، لكننا نتعامل معها عن تجربة حقيقية عشناها بين الجماعة ، و علاوة على ذلك، نتعامل مع الأحداث و مع ما يحيط بها من اسقاطات محتملة الحدوث وفق قراءات الرسم البياني عن حركات و تحركات الجماعة ارتفاعاً و انخفاضاً على مدى 27 عاماً و نيف.. و أن تعيش في وكر الشيطان و تفهم منهجه في التعاطي مع الآخرين، يجعلك أكثر ادراكاً من غيرك لمقاصد الشيطان..
من هنا ننطلق فنؤكد أن فترة رئاسة البشير سوف تنتهي، إذا طالت الآجال، و الحوار لا يزال في خطواته الأولى إذا لم تعطِه أمريكا دفرة أو دفرتين.. و أن الجماعة المتأسلمة سوف تصر على ترشيح البشير لانتخابات مخجوجة أخرى.. و سوف يفوز البشير كالعادة.. و سوف يستمر في رئاسته لجميع لجان حوار الوثبة، و المفاوضات لا تزال تراوح مكانها و الناس تموت بالرصاص و القنابل و المرض والجوع.. و تستمر هجرة الشباب و الأدمغة إلى بلاد الله الواسعة مجموعات و فرادا..
هذا إذا لم يتدخل ( اليانكي)، ليس حباً في أبرياء السودان، بل حباً في أبرياء أوروبا درءً للارهاب و الارهابيين و تدفق اللاجئين بالملايين من أفريقيا إليهم.. أولئك الملايين الباحثين عن أموالهم التي نهبتها أوروبا في الماضي.. سوف يستمرون في البحث عن تلك الأموال دون أن يدروا أن حتمية التاريخ هي التي تدفع بهم لاستراد حقوقهم المسلوبة، و تلك سنة الحياة.. و سوف يستمر تدفقهم إلى أوروبا و أمريكا بكل السبل.. يموت من يموت منهم و يصل من يصل.. و يستمر التدفق دون توقف رغم أنف الأمريكان و الطائرات التي بدون طيارين في الحدود الليبية مع دول جوارها.. و رغم الحراسة المشددة التي تقدمها ميليشيات حميدتي لحدودنا الشمالية الغربية..
أخي، مناوي، العبوا مع الشيطان في وكره لتحقيق ما تهدفون إليه.. و ربما يكون هو نفس ما نهدف إليه في نهاية المطاف.. و لن يكون ما تهدفون إليه بعيداً عن تطلعاتنا، على أي حال..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة