|
ماذا تريد الحكومة من الحوار.. و ماذا تريد المعارضة.. و ماذا عن الشعب؟ بقلم عثمان محمد حسن
|
04:17 PM Sep, 02 2015 سودانيز اون لاين عثمان محمد حسن-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
الحكومة تريد بالحوار تمديد عمر سلطانها.. و المعارضة تريد تقصير عمر الحكومة لتحل محلها في لعبة الكراسي.. و الشعب لا يهمه الحوار و لا المتحاورين.. إنه يريد أن يمارس حقه في حياة حرة و كريمة بمعاني الحرية المسئولة.. و توطين الكرامة الانسانية التي فطر الله سبحانه و تعالى البشر عليها..
و قد فشلت الحكومة في توفير ذلك الحق ليس لأنها لا تريد توفيره، بل لأنها تخاف من عواقب توفيره.. فالحرية المسئولة بكمالها تحمل في جوفها من العوامل ما يمكنها من تدمير أي ممارسة حكومية غير راشدة.. و النظام انتهج - منذ البدء- نهج ( التمكين) بكل سوءاته المدمرة للخبرات و الكفاءات، و الطاردة لها من البلد، و هو نهج أثبت تخريبه الماحق لإمكانات السودان المادية و البشرية، و عدم الرشد فيه بيِّن بينونة كبرى..
المعارضة تشرذمت و أوصالها تحتاج إلى رتق معنوي قبل الرتق المادي لتحقيق أهدافها متى تحققت الحرية و العدالة و المساواة في ظل ديمقراطية حقيقية و شفافة، لا ديمقراطية الحزب الواحد الأحد المصطحب للفساد ( المستور) الظاهر للعيان.. مع أن أحزاب المعارضة نفسها غير ديمقراطية و لا شفافة في ممارساتها الداخلية ، و مع ذلك فالحوار بالنسبة إليها فرصة قد تعينها على تحقيق بعض مطالبها في المشاركة لتأسيس شيئ من المطلوب شعبوياً.. لا أحد يقف على الرصيف في الشارع العام برجاء ثمرة تأتيه من ( شجرة) النظام الحالي الذي حوَّل الدولة السودانية من دولة رعاية إلى دولة جباية تنخر في جيب المواطن لدرجة إحداث ثقوب تبعد كل المال الذي يدخل الجيب إلى خارج الجيب بسهولة مريبة.. الكل يائس من أي أمل في الغد.. و اقتصادُ السودان يلعب في ميدان بلا هوية يعتد بها.. فوضىً حرة انطلقت من عقالها بمجرد إطلاق عبدالرحيم حمدي صافرة ( التحرر) من القيود في الأسواق.. و الشركات متعدية الجنسيات تخطف ما تيسر لها و تذهب لتعود أشد شراسة و ضراوة.. و قد وجدت في السودان مرتعاَ للغزلان و الأيائل.. فارتأت أن ترتبط بالرأسمالية الوطنية الطفيلية لتعينها على امتصاص مقدرات السودان بلا جهد منتِج.. و الرأسمالية الوطنية الطفيلية تتغذى ببراعة من عوالق و رواسب و سواقط أسنان سيدتها متعدية الجنسيات في علاقة أشبه بعلاقة الحيوانات و الطيور القمَّامة بالحيونات المفترسة.. ليس للسودان في السوق مصلحة يمكن أن يقال عنها، و إن كابر المكابرون على غير ذلك.. الشعب لا يفقه ما يحدث في السوق، لكن تأثيرات فوضى السوق على قفة الملاح هي التي يكابدها، فيكره ( اللي كان السبب) و هي الحكومة.. الحوار المجتمعي لن يغير شيئاً، سيداتي آنساتي سادتي الذين فوق رؤوسنا.. أنتم لا تعرفون ما نعرف.. لأنكم لا ترون ما نرى.. و لا تسمعون ما نسمع في الشارع العام.. و قد يُنقل شيئ منه إليكم، ليس بكل حذافيره.. و بالتالي تكونون خارج ما يحدث في خط الفقر و ما تحته.. و مسألة الحوار، خاصة الحوار المجتمعي، ترَفُ بالنسبة للقابعين في ذلك الخط.. لا أحد منهم تيثير انتباهه الكلمات التي تلوكها وسائل إعلامكم عن الحوار المجتمعي.. دعك من أن يثيره انتباهه حوار تطلقون عليه اسم ( 7+ 7).. و لا أحد يهمه مكان انعقاده سواء في أديس أو في الخرطوم أو حتى في تل أبيب.. لا يهم.. لا يهم.. و لن يهم! صدقوني، لن يهم ( سكان المستنقع) تلك الكرة التي تطاردون دون محاولة ( تهديف) منظور لدى العامة.. إذا شاء المؤتمر الوطني أن يتحاور مع نفسه، فليفعل.. و إذا شاءت المعارضة أن تدخل بيت الطاعة في حوار مستدام، فلتفعل.. لكن لا برق في الأفق يشي بهطول غيث يُخرج السودان من حالة الجفاف و التصحر الحارقة للأمل.. إبحثوا عن حلول واقعية لأزمة السودان المستفحلة.. إبحثوا عن الحوار بعيداً عن ( الأنا).. و اتركوا ادعاءكم بالجدية في ما هو غير جاد.. إبحثوا عن الحوار خارج صناديقكم الصدئة! غيروا الشكل و المضمون في آن معاً.. و ليكن التحضير في أديس.. و الحوار في الخرطوم.. و ليجلس المتحاورون حول مائدة مستديرة حتى يطمئن الجميع بأن ( التحكيم) لن يكون منحازاً لرؤية أحد أطراف (7 +7 ) حيث يكون الحوار مبنياً على (7) في مواجهة (7 + الرئيس).. و تذكروا أن التاريخ لن يرحم أياً منكم يفكر في ( الأنا) الحزبية دون (نحن) السودان .. و لا تبعدوا أحداً بالاصرار على ( الحوار بمن حضر).. و أنتم تعلمون أنكم تضعون العصي في عجلات عربات ( ذاك الأحد) لتعطيلها عن الوصول إلى ( مكان) الحوار! كثير من المراقبين وجدوا أنفسهم مضطرين للمجاهرة بأن الحوار المراد إقامته في العاشر من الشهر القادم سوف يكون حواراً بلا معنى.. و مضيعة للمال العام و الجهد العام كذلك.. كون الفرضيات التي بُني عليها الحوار فرضيات أساسها هش في الواقع السياسي السوداني الحاضر المتعلق بالنظام من جهة و بالمعارضة من أخرى.. و البيئة موبوءة بجو كئيب من متلازمات عدم الثقة.. و كل طرف لا يقرأ في تصريحات الطرف الخصم سوى النوايا السيئة.. و ربما أخطأ القراءة.. فالثقة المفقودة كثيراً ما تقود إلى سوء الفهم.. و الثقة مطلوبة قبل الشروع في الحوار.. نعم، إنها مطلوبة لإرساء الأساس السليم لأي حوار بناء.. و لهذا فمن اللازم التحضير لبناء الثقة و إظهار النوايا الحسنة ولن يتم ذلك في الأجواء غير الصديقة بالنسبة للبعض في الخرطوم.. فليبدأ التحضير للحوار من أديس أبابا..ليستمر في الخرطوم.. لا تضيعوا السودان أكثر من الضياع الذي هو فيه.. لا تضيعوه.. من فضلكم!
أحدث المقالات
- الحزب الشيوعي السودانى يأكل خيرة ابناءه بقلم شوقي بدرى 09-02-15, 02:55 PM, شوقي بدرى
- كان نصف المشكلة..!! بقلم عبدالباقي الظافر 09-02-15, 02:51 PM, عبدالباقي الظافر
- وفاة الإنقاذ!! بقلم صلاح الدين عووضة 09-02-15, 02:49 PM, صلاح الدين عووضة
- الوطني وسياط الرئيس ! بقلم الطيب مصطفى 09-02-15, 02:47 PM, الطيب مصطفى
- تناقضات ..!! بقلم الطاهر ساتي 09-02-15, 02:46 PM, الطاهر ساتي
- أبكر_بابكر_بكري بقلم كوكو ككيقلية 09-02-15, 05:57 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- مرحبا سبتمبر الاخضر بقلم امير نالينقي تركي جلدة اسيد 09-01-15, 11:53 PM, امير نالينقي تركي جلدة اسيد
- سياسة العزل إعدامٌ للنفس وإزهاقٌ للروح (2) بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 09-01-15, 11:38 PM, مصطفى يوسف اللداوي
- ماذا يعنى بالحوار النوبى النوبى؟؟؟؟ بقلم الزاكى دبة عبدالله 09-01-15, 11:25 PM, الزاكى دبة عبدالله
- أجراس تدق برائحة الحنوط! بقلم هاشم كرار 09-01-15, 10:18 PM, هاشم كرار
- بدلاً من"كلفتة" حوار لايحل ولا يربط بقلم نورالدين مدني 09-01-15, 10:14 PM, نور الدين مدني
|
|
|
|
|
|