طرح الكاتب شوقي بدري، في مقالٍ بعنوان " لماذا لا تحمل شوارعنا أسماء النساء منا ؟"، تساؤلاً ينعي فيه على الدولة تجاهل الدور الكبير الذي لعبته المرأة السودانية على المستويين الأكاديمي والوطني. ذلك العنوان دفعني لأن أفترع عنواناً يصب في ذات المنحى -أي التجاهل والإهمال- والعنوان هو"لماذا يسكن الطيب صالح في شارع أوماك بالإيجار؟". ويبدو أن ما أثار شوقي بدري ودفعه إلى ذلك الاقتراح – أي إطلاق أسماء نسائية على الشوارع والأحياء (مع "تحفظي" على "بعض" الأسماء)- هو ما نما إلى علمه حول اعتزام الحكومة إطلاق أسماء على الشوارع والأحياء، حيث توقَّع أن يحظى بالتسميات "رجال" ممن ينتمون أو من لهم صلة بالنظام. وفي هذا الإطار، أقول أنه طالما هناك إجراء سيتم بتوزيع أسماء على الشوارع والأحياء، "فأرجو" أن يُدرَج اسم الطيب صالح ضمن "القائمة" فيصبح بذلك "صاحب مِلِك" بدلاً من مستأجر "مجهجه". ففي "لفتةٍ بارعة"، (جاءت بعد محاولات ومناشدات)، قررت ولاية الخرطوم إطلاق اسم الروائي "العالمي" الراحل "الطيب صالح" على شارع "أوماك" بالرياض..ذلك الشارع الذي لا يتعدى طوله الـ 2 كيلو متر يمتد من شارع "عبيد ختم" غرباً حتى شارع "الستين". ولما كان الساكن القديم "أوماك" قد رفض مغادرة الشارع بعد أن ترسَّخ في أذهان الناس، وأصبح من العسير محوه من ذاكرتهم، ولما كان "أوماك" قد اصبح المالك الشرعي للشارع "بوضع اليد"، فقد غدت اللافتة التي تحمل اسم "الطيب صالح" عديمة الجدوى. ولإضفاء المزيد لتلك الكوميديا السوداء رأت ولاية الخرطوم أن تكتب بجانب اسم الطيب صالح كلمة "الأديب"، ربما حتى لا يختلط الأمر على المارة فيعتقدون أنه اسمٌ لصاحب بقالة أو صالون حلاقة. وعلى نفس المنوال من "التكريم" الذي لا يقل فداحةً عن الإهمال، تمّ "تكريم" شخصيات كبيرة أسهمت في بناء الوطن بإطلاق أسمائهم على شوارع جانبية ضيقة شبيهة بأزقة الحارات، بينما ذهبت أسماء الشوارع الكبيرة لغيرهم بغض النظرعن حجم إنجازاتهم، إلا إذا كانت تلك الإنجازات تُقاس بحجم الولاء للحكام. في الدول المتقدمة أمثال الطيب صالح من المبدعين تُخلّد ذكراهم وتُنحَت أسماؤهم على الصروح والمعالم البارزة في بلادهم. و من هنا فإننا نطالب والي الخرطوم بإزالة تلك اللافتة المعيبة فهي تسيء للبلد أولاً قبل أن تسيء للطيب صالح. وتحفيزاً لوالي الخرطوم بالإسراع في إزالة تلك اللافتة المهينة، نطمئنه أن تلك العملية لا تحتاج الى وقتٍ او مجهودٍ كبيرين فقد تكفلت العواصف والامطار بالدور الأكبر، واللافتة الآن على وشك السقوط ويلزمها فقط "دفعة" خفيفة و... "بيدي لا بيد عمرو".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة