وزير الداخلية الفريق أول عصمت عبد الرحمن قال أمام البرلمان إنّ مليشيات شبه عسكرية قوامها (3000) رجل تحكم السيطرة على جبل عامر.. حيث مناجم الذهب.. وتضم عدداً كبيراً من الأجانب.. ولمزيدٍ من تأكيد خُطورة الموقف قال الوزير، إن الشرطة لا تقدِر وحدها على التعامل مع الأمر الواقع هناك.. بما يتحتم الاستعانة بقوة من الجيش مُزوّدة بالدبابات. بكل تأكيد الجزء العسكري في هذا الخبر متروكٌ لأهل الشأن.. فالعسكريون يجمعون المعلومات بما يفي لاتخاذ القرار المُناسب، ولهم تقديراتهم التي لا يجب أن تخضع للجدل الإعلامي.. لكن الذي يدعوني للتعليق هنا.. هو تقديري أنّ رقعة التعدين الأهلي مُتمدِّدة على اتساع جغرافية السودان، تكاد تكون في كل متر مربع عمليات تعدين أهلي نشطة.. بل وانتشر المُعدِّنون في صحاري قاحلة ربما لم يمر عليها بشرٌ في تاريخها.. وعدد المُعدِّنين الكلي على امتداد السودان قد يقترب من المليونين.. فيصبح السؤال.. لماذا في (جبل عامر) بالتحديد من دون كل السودان تحتشد المليشيات المُدجّجة بالأسلحة الحديثة؟ رغم أنّ بعض المناجم بعيدة للغاية.. فهناك منجمٌ ضخمٌ في منطقة (العوينات) على مثلث الحدود بين السودان ومصر وليبيا.. لماذا هنا وعلى بُعد (100) كيلو متر فقط شمال مدينة الفاشر تحوّل منجم التعدين إلى منطقة عسكرية عالية التسليح والحساسية الأمنية؟ هذه الأسئلة مُهمّة لتكييف السبيل الأسلم والأضمن لتفكيك قُنبلة (جبل عامر) بلا حاجة لتدخل الجيش أو الشرطة.. أي باستخدام الرافعة (المدنية).. بدل الآلة العسكرية.. فبالضرورة وجود هذه المليشيات هنا لم يكن بسبب الذهب وحده.. وإلاّ لتحوّل كل منجم ذهب في صحاري السودان إلى ثكنة عسكرية أيضاً، خَاصّةً المناطق البعيدة.. هناك عاملٌ آخرٌ أدى لعسكرة ذهب جبل عامر.. ما هو؟ في تقديري هو عامل (سياسي) بامتياز.. ولذا يتطلّب المُعالجة السياسية الشاملة.. وكلنا يدرك تماماً حمامات الدم التي أُريقت في جبل عامر.. ليس بين القبائل والسكان المحليين وحدهم، بل حتى من قواتنا النظامية التي حاولت فرض النظام في المنطقة. لا أرغب هنا في تقديم "روشتة" الحل السياسي، لأني أعلم أنّ الحكومة على دراية كاملة بها.. بل ربما قدّمت الحكومة وُعوداً سياسية تتعلّق بهذه المنطقة لم تتحقق بعد ذلك.. فأدى إلى مزيد من تعميق الأزمة.. الحل (سياسي) لا يحتاج إلى دبابات أو دماء.. والأوجب أن تُعجِّل الحكومة بما يجب عليها أن تفعله.. فكل يوم يمضي يُعقِّد الوضع أكثر. حتى هذه اللحظة الأمر تحت السيطرة وسهل مُعالجته.. لكن الانتظار يفوِّت القطار..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة