كانت الدعوة للعصيان المدني مفاجأة علي عقل السلطة السياسي، باعتبار إن الدعوة جاءت من شباب، السلطة الأمنية لا تملك معلومات عنهم بالصورة الكافية، و لا حتى الحزب الحاكم يعرف عنهم الكثير، لذلك كانت الحركة ليست بناء علي الدعوة، أنما لاستجابة المعارضة مع الدعوة، و مطالبة قواعدها أن تلبي الدعوة، فكانت حركة عقل الإسلام السياسي تفكر في كيفية حماية السلطة، لذلك لم يكن هناك فارق بين العقل في المؤتمر الوطني و لا في المؤتمر الشعبي، الكل ذهب إلي حماية السلطة من السقوط،، الأمر الذي يؤكد أن الدعوة قد أربكتهم جميعا، و لكنهم جعلوا الأجهزة الأمنية هي التي تتعامل مع الحدث، فغاب الفعل السياسي، و حتى التصريحات التي خرجت كانت مضطربة، لكي يؤكد الحدث أن الحزب الحاكم لا يملك عقلا سياسيا، أنما يسيطر عليه عقل البندقية، و هو عقل مأزوم ثقافة، و ضعيف معرفة، لذلك لا يستطيع أن يتعامل غير الانتهاكات علي الحقوق. قال وزير الإعلام إن العصيان المعلن من قبل المعارضة و ناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليوم الأحد فشل تماما، و سأل الصحافيين....! أنتم في الإعلام موجودون و ترون ما إذا كان ناجحا أم لم ينجح؟ و أيضا الوزير يعلم تماما إذا كان ناجحا أم فشلا؟ و لكنه للأسف عودنا الدكتور أحمد بلال أن يقرأ الرسالة بصورة مقلوبة، لذلك لا يستوعب مقاصد الرسالة, و كما قال السيد مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمود حامد إن الشعب رفض التجاوب مع دعوة العصيان المدني، هذا قول مردود، باعتبار إن دعوة العصيان من قبل القائمين عليها لم يربطوها بعملية إسقاط النظام، إنما دعوة احتجاجية لقرارات الحكومة الاقتصادية، و كانوا حضاريين جدا بإرسالهم تنبيهات للجماهير بأن لا يستفزوا رجال الشرطة، و أو إثارة عنف أو عمليات تخريب، إنما تكون احتجاجاتهم حضارية جدا، حتى يفوتوا الفرص و مخططات التخريب التي يمكن أن تحصل من جهات بعينها، ثم تحاول أن تنسبها لعملية الاحتجاج، هذا السلوك الحضاري لا تفهمه عقلية الحزب الحكم، و حتى تصريح الرئيس و هو خارج البلاد، تحدث وفقا للقرارات المرفوعة إليه، إن كانت من قياداته السياسية، أو من جهاز الأمن، رغم إن قيادات الأمن تعرف تماما إذا كان هناك تجاوب حصل وسط الجماهير أو لم يحصل، و قيادات الأمن الميدانية، و ليس القابعين في مكاتبهم حيث تصاغ كما يرغب أن يسمع الرئيس، فمقولة إن دعوة العصيان فشلت بدرجة مليون في المائة، هذا قول غير سياسي، و يؤكد أن السلطة كانت بالفعل في حالة من الاضطراب. كما إن هؤلاء لا يريدون قراءة التغييرات التي حصلت في الواقع. حيث أن دعوة العصيان أكدت الأتي:- 1 – أن الدعوة و درجة الاستجابة قد أربكت النظام، و تضارب المقولات تؤكد هذا الاضطراب، حتى القوي السياسية التي أكدت إنها ضد العصيان مثل المؤتمر الشعبي أخرت التأكيد لما بعد العصيان مما يؤكد هي نفسها كانت في حالة من فقد التوازن، و هؤلاء يمثلون الطابور الخامس للسلطة، فالذي تربي تحت إرادة الفرد يفكر له سياسيا و فقهيا لا يستطيع أن يستوعب الحرية و ما تسمح به الديمقراطية سياسيا، لذلك خطابهم الشعبوي دائما ما تفضحه الأحداث. 2- إن العصيان كان رسالة لكل الشباب السوداني، بأنهم لديهم القدرة علي مصارعة النظام و تغييره بالأساليب السياسية، التي لا يستطيع أن يجد فيها مساحة للحجة بأن هناك عنف أو عمل إرهابي و غيره. 3 – بين العصيان إن الشباب قادر علي الخلق و الإبداع، و إيجاد الوسائل و الأدوات التي يحاصر بها النظام، فالصراخ الذي حدث بعد العصيان، من قبل أهل السلطة و حلفائهم، أكد إن عملية الحوار ما هي إلا عبارة عن محاولة لجمع شمل الإسلاميين بصورة فجة، بعيدا عن المطلوبات في الحرية و الديمقراطية، و مأساة المؤتمر الشعبي قد فقد بوصلته بعد رحيل الدكتور الترابي، لذلك يأتي التعليق بعد نهاية الحدث. 4 – بالفعل قد وصلت قيادة الإنقاذ لقناعة، أن عوامل الثورة ما تزال كامنة في الشعب، و إن الشعب رافض القرارات الحكومة، و بالتالي يمكن أن تنفجر الثورة في أية لحظة، دون توقع، كما حدث في تونس. و السلطة لم تجد أية مصادر لإرادات مالية تستطيع أن تخرجها من أزمتها الاقتصادية. 5 – أن محاولة بعض قيادات النظام أن العصيان لم ينجح، هي تصريحات الهدف منها طمأنة النفس، و ليس البحث عن الأسباب التي دفعت هؤلاء الشباب لدعوة الشعب للعصيان، فصاحب الحاجة لا يفكر أبعد من أرنبة انفه. 6 – أثبت الشباب إنهم يستطيعون تجاوز البناءات القديمة، و خلق أدواتهم النضالية الذاتية، خاصة أن أغلبية الذين استجابوا للدعوة، استجابوا لها لأنها خرجت من قيادات جديدة غير المعروفة، أي تلك القيادات التاريخية التي ارتبطت بالفشل. 7 – أن دعوة العصيان من الشباب و تجاوب القوي السياسية معها أيضا كان له الأثر الإيجابي، و المرجو أيضا لكي تتكامل أركان الصراع و العمل، أن يزحف الشباب داخل المؤسسات القديمة و يفرضوا سلطتهم عليها، أن وصول الشباب لقيادات القوي السياسية التاريخية سوف يؤثر ايجابيا في الصراع مع السلطة. 8 – إن وحدة الحركة الجماهيرية، و خاصة الشباب في التصدي للنظام و قراراته غير الصائبة، يمكن أن تحث بعض الشباب حتى داخل المؤسسات القمعية للتحرك من أجل وضع حد لهذه الأزمة التي وصلت قمتها، و ليس هناك حلا غير أن يذهب النظام. الملاحظ تماما أن النظام أعتمد في التصدي في لدعوة العصيان المدني علي مؤسسة جهاز الأمن و المخابرات، المؤسسة التي من المفترض أن تكون مؤسسة قومية ليس لها علاقة بالعمل السياسي، خاصة إن المظاهرات و العصيان تعبيرات جماهير منصوص عليها دستورا، و لكن جعل الجهاز في مواجهة الحركة الجماهير، يعني أن المؤسسة غدت جزءا من المؤسسة الحزبية الحاكمة. لذلك اجتهدت في اعتقال القيادات السياسية و الناشطين السياسيين بهدف قمع المؤيدين للعصيان المدني. و أيضا إن المصادرات المستمرة لبعض الصحف غير المحسوبة علي السلطة الحاكمة، و المؤسسات التابعة لها، تؤكد إن العصيان كان له أثر قوي علي الساحة السياسية، و الدلالة علي ذلك اهتمام القنوات العربية و غيرها بالعصيان المدني، فالمصادرات للصحف لا توقف تداول المعلومة بل تبين أزمة النظام. و بالفعل دعوة العصيان أكدت إن عوامل الثورة مكتملة في الشارع السوداني، ألأمر الذي يخلق الفزع في قيادات السلطة الحاكمة. و عليه يجب علي جهاز الأمن أن يطلق سراح المعتقلين السياسيين، لماذا تحتفظوا بهم و قد قلتم إن العصيان قد فشل، نسأل الله حسن البصيرة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة