اعترف أن سؤال الأستاذ عثمان ميرغني كان ماكراً ..الحكاية تقول كنا أول البارحة في لقاء مفاكرة مع بروفسور هاشم سالم، أمين عام الحوار الوطني..الرجل قدم إفادات قيمة عن مسيرة الحوار الذي انتظم لعدة أعوام بقاعة الصداقة ..لكن رئيس تحرير التيار سأل الرجل عن من يحرس مخرجات الحوار عقب تكوين مؤسسات تشريعية وتنفيذية جديدة حينما عدت في مساء ذات اليوم طالعت نسخة من التعديلات المقترحة للدستور والتي دفعت بها وزارة رئاسة الجمهورية..التعديلات تتحدث عن ثلاث محاور ..الأول يقع في تسمية الحكومة والثاني عن تكوين نيابة عامة لا تتبع لوزارة العدل..اما المحور الثالث فيتحدث عن استحداث منصب رئيس وزراء ويفيض في شرح المساحة التي يتحرك فيها رئيس الوزراء لن أقف كثيراً في اسم الحكومة بل اقترح أن يحذف هذا النص من دستور السودان..لا يهم اسم الحكومة حتى يصبح نصاً دستورياً فيما استحداث وزارة كاملة لا يكلف سوى مرسوم رئاسي..لهذا من الأوجب تقييد سلطة إنشاء الوزارات وربط ذلك بموافقة البرلمان في محور النيابة العامة أعتقد أن الحكومة أفلحت في استيعاب الإصلاحات القانونية التي نادى بها وزير العدل..لكن الذي استوقفني أن النائب العام رغم سلطاته القضائية إلا انه يعين بواسطة رئيس الجمهورية وليس له أي حماية أو خصوصية كما في الدستور المصري أو غيره من الدساتير..في بعض البلاد ينتخب النائب العام مباشرة من الشعب ..وفي دول أخرى يشترط موافقة البرلمان على تولية المنصب استحداث منصب رئيس وزراء شد انتباهي..الملاحظة الأولى أن التعديلات لم تمس سلطة رئيس الجمهورية في المادة ٥٨ ..كما ان التعديلات نصت على إشراف الرئيس علي ملفات الاقتصاد والعلاقات الخارجية والأمن والدفاع والحكم الاتحادي ..وإذا علمنا أن التعديلات جعلت رئيس الوزراء يعين ويعزل بواسطة رئيس الجمهورية..وأن القرارات داخل مجلس الوزراء تتخذ بالأغلبية ولم يمنح رئيس الوزراء حتى مفهوم الصوت، المرجح إذا تساوت الكفتان في مسالة محددة.. وإذا حضر رئيس الجمهورية على رئيس الوزراء ان يتنحى عن رئاسة الجلسة.. هذه التعديلات تجعل رئيس الوزراء مجرد وزير أكبر ينيب عن مجلسه في الملمات الوطنية والمناسبات الرسمية. صحيح أن التعديلات المقترحة جعلت للبرلمان الحق في استدعاء رئيس الوزراء.. إلا أنها سكتت عن تبيان سبل المحاسبة ..وهذا يعني أنه ليس بمقدور البرلمان سحب الثقة من رئيس الوزراء او التوصية بذلك لرئيس الجمهورية.. هذا الواقع لا يختلف عن السلطة الحالية التي يتمتع بها البرلمان .. إذ بمقدور البرلمان استدعاء أي وزير وتقريعه على الرأس كما حدث مع وزير المالية..لكن المحاسبة ينتهي مفعولها بانتهاء الجلسة البرلمانية في تقديري إن علينا إمعان النظر في تجارب الذين حولنا في توزيع السلطات ..كلف ملك الاْردن قبل شهر الدكتور هاني الملقي بتكوين حكومة جديدة..ذات الامر حدث في مصر حيث كلف المشير السيسي رئيس وزراء جديد ليكون حكومة عقب استقالة حكومة ابراهيم محلب..ذات النظام يسري في فرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول التي تأخذ بالنظام المختلط بصراحة..الاصلاح يبدأ بتوازن السلطات ..ولن يتحقق اي نجاح في إدارة السودان ان لم ننتهج اُسلوب تفويض السلطات مع المراقبة الدائمة والمحاسبة الصارمة .. هل من المعقول أن تكون نتائج ألف يوم من الحوار مجرد (ألفة) يجمع كراسات الوزراء ويدلف بها نحو قبة البرلمان؟! akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة