قال تعالى (انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبينا أن يحملنها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا ) صدق الله العظيم ) وقال صلى الله عليه وسلم القضاة ثلاثة قاضيان فى النار وقاضى فى الجنة رجل علم الحق فقضى به فهو فى الجنة ورجل قضى للناس على جهل فهو فى النار ورجل عرف الحق فجار فى الحكم فهو فى النار ) وفى الحديث تحزير شديد من القضاء بالهوى وهو ما يريد الانسان لشهوة أو لغرض فى نفسه دون أن يكون مطابقا للعدل والحق وهذا من الامور التى أصبحت تثير الفتنة لان أجهزة الاعلام صاحبة المصالح توجه الرأى العام ومنهم بعض القضاة الذين يستمعون أو يقرأون عن قصد أو غير قصد أقاويل وأجتهادات مختلفة فى القضايا المنظورة بين يديهم مما قد يجعل البعض منهم يتحامل على بعض الاشخاص أو الجماعات بغير حق فيجلس على المنصة واحاسيسه مضطربة بين ما بين يديه من مستندات وما يسمعه وما يدور حوله من مزاعم وأقاويل وهو أمر شديد الخطورة لانه يتعلق بأرواح أناس الاصل فيها العصمة ولا تزول الا بأدلة راسخة واضحة لذا كان أهل العلم يحزرون من قضاء القاضى بعلمه أو بميله لاحد الاطراف ويطالبونه بضرورة التنحى فورا اذا شعر بذلك كما قد يتعرض القاضى لضغوط من السلطان أو من بعض أصحاب النفوذ والمال فأن كان ضعيف النفس ومال لما يرغبون أصبح متبعا لهواه مما يهوى به الى النار وعدم علم القاضى يشمل أيضا عدم العلم بالحكم الذى يترتب عليه الفعل الذى يظن أن المتهمون قد ارتكبوه فيتبقى عليه أن يقرأ ويتعلم ويتأكد ويستشير ان أعيته الحيلة ويتريث فالامر لا يتعلق بدنيا بل بأخرة ودما ء وحقوق لا يتركها الله بدون قصاص ولعلم الاجيال التى ولدت بعد تجربة تطبيق الشريعة الاسلامية فى السودان فى سبتمبر 1983 والتى عارضها الاستا محمود محمد طه وسماها (قوانين سبتمبر) وقد وجهت اليه ولاربعة من تلاميذه تهمة اثارة الكراهية ضد الدولة وأزعاج الامن العام وهى تهم تستند على قانون أمن الدولة واسند أمر المحاكمة الى قاضى يدعى (المهلاوى ) وهو شاب لا يزيد عمره عن ثلاثون عاما وقد وقف الاستاذ أمامه قائلا ( أنا أعلنت رأى مرارا فى قوانين سبتمبر 83 من أنها مخالفة للشريعة ومخالفة للاسلام أكثر من ذلك فقد شوهت الشريعة وشوهت الاسلام يضاف الى ذلك انها وضعت واستغلت لارهاب الشعب وسوقه الى الاستكانة عن طريق اذلاله هذا من ناحية التنظير وأما من حيث التطبيق فأن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا وضعفوا أخلاقيا عن أن يمتنعوا من أن يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لاضاعة الحقوق وأذلال الشعب ولاجل ذلك فأننى غير مستعد للتعاون مع أى محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداة من أدوات اذلال الشعب والتنكيل بالمعارضيين السياسيين ) وفى نفس الجلسة تم تحديد جلسة أخرى للنطق بالحكم بعد عدة أيام واصدر القاضى المهلاوى حكما بالاعدام على الاستاذ ومن شدة اضطرابه وحتى يعطى نميرى فرصة للتراجع ربط تنفيذ الحكم بما سمى بالتوبة وهو شرط غير موجود فى قوانين أمن الدولة ولا فى القانون الجنائى لعام 83 ولان الاستاذ لم يعترف بالمحكمة ولا بحكمها لم يستأنف الحكم الا أن شريعة نميرى تلزم قاضى محكمة الموضوع برفع الحكم الى الاستئناف أراد المدان أم لم يرد وكان يجلس فى محكمة الاسئناف رجل ليس بقاضى ولا ينتمى الى الهيئة القضائية بل كان يعمل استاذا للشريعة فى جامعة أم درمان الاسلامية ويدعى (المكاشفى طه الكباشى) وهو ثانى اثنين اذ هما فى النار فأنظر الى مخالفات هذا الرجل وتجاوزاته وحكمه بهواه وميله الى ارضاء السلطان فترك التهم التى أدين بها المحكوم وهى تهم اثارة الكراهية ضد الدولة وازعاج الامن العام ووجه للمدان تهمة جديدة لم تكن موجودة أساسا فى القانون الجنائى لعام 83 وهو القانون الذى يحكم بموجبه وحول محكمته الى محكمة موضوع بدلا من مهمته الاساسية وهى تأييد حكم محكمة الموضوع أو تخفيضه أو تعديله أو الغائه وأعادة القضية لمحكمة الموضوع ولاول مرة فى تاريخ القضاء السودانى والقضاء العالمى أن يحاكم متهم مرتين مرة فى محكمة الموضوع (حضوريا) ومرة أخرى فى محكمة الاستئناف (غيابيا) بتهمتين مختلفتين الاولى اثارة الكراهية ضد الدولة والثانية (الردة) ثم استدعى المكاشفى حيثيات محكمة الردة التى انعقدت عام 1968 وأصدرت حكما غيابيا على الاستاذ بالردة عن الاسلام ولم تستطيع المحكمة أن تنفذ حكمها لانها كانت محكمة أحوال شخصية غير مختصة تفصل فى قضايا الطلاق والنفقة والميراث ولنعدد مخالفات هذا القاضى التى ستفضى به حتما الى النار :- 1/ وجه تهمة لمتهم لم تكن موجودة فى القانون المطبق أنذاك –القانون الجنائى لعام83 وهى تهمة الردة 2/ حول محكمة الاستئناف الى محكمة موضوع 3/ حاكم متهم بتهمة واحدة مرتين (مرة عام 68ومرة عام 85) وهذا لا يجوز قانونا 4/ أشرف على تنفيذ حكم الاعدام على رجل تجاوز السبعين من عمره اذ ينص القانون الجنائى نفسه على أنه لا يجوز تنفيذ حكم الاعدام على من تجاوز السبعين وعلى الطفل الذى لم يتجاوز الثامنة عشرة وفى عام 1986 وبعد ان انهار مسرح العبث على نميرى والمهلاوى والمكاشفى رفعت الاستاذ أسماء ابنة الاستاذ محمود ومعها اخرون دعوة للمحكمة العليا لابطال الحكم فأصدرت المحكمة العليا حكمها التاريخى 1986 انحيازا للعدل وانتصارا للقضاء السودانى على نوازع الشر فى النفس الانسانية أصدرت حكمها ببطلان الحكم وقد جاء فى حيثياتها ما يلى :- 1/ هذا الحكم تجاوز كل قيم العدالة 2/ هذا الحكم يرقى لمستوى القتل العمد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة