الكتابة بأنواعها المختلفة سواء كانت بحوث علمية أو كتابات توثيقيّة أو حتى الكتابات الصحفيَّة يجب أن ينأى الكاتب فيها بنفسه عن تزييف الوقائع وتزوير الحقائق فذلك بداية السقوط ، وحتماً سيظهر ذلك جليَّاً طال الزمن أو قصُر ، وما من منقصة في الكتابات أسوأ من ذلك. ومن المعيب أيضاً إسقاط الدوافع المرتبطة بمواقف شخصية على الكتابة واقحامها بشكل مُخل في متن الموضوع.مما سيفسد أهميته و إن عظمت في ظاهرها ويجعله واهياً كبيت العنكبوت كما ورد في القران الكريم بأنه اوهي البيوت علي صيغة التوكيد والجزم وهذه واحدة من صور الاعجاز العلمي للقران الكريم ورغم ان العلم اثبت ان الخيوط التي تصنع منها العنكبوت بيتها اقوي من مثيلاتها من الفولاذ ولكن يظل بيتها واهيا من الناحية المادية اذ انه لا يقي من الحر والمطر والرياح والبرد ومن الناحية المعنوية هو بيت مفكك لا تربطه اواصر الاسرة المعروفة من تعاطف وتراحم ومودة اذ ان الانثي او الصغار يلتهمون الذكر الذي هو رب البيت ويتخذونه طعاما لهم .
والمدخل اعلاه اوردناه ليكون تمهيدا مناسبا لوصف اعمال الكاتب فتحي الضو و هو رغم براعته في اللغة واستخدامه لشتي أساليب البلاغة في كتاباته واختياره لمفردات منمقة و جُمل مموسقة إلا أن هذه الكتابات تفتقد الي الموضوعية ، لأنه يكتب بدوافع (الغبينة )والمرارات الشخصية كما يقول هو في إحدى مقالاته(تعلمون - يا سادتي - أنه لم يخلُ مقال لنا من مرارة منذ أن تسنمت العُصبة ذوو البأس السُلطة في هذا السودان الصابر أهله ، وبالتالي لن يكون غريباً إن جاء حديثنا في هذا المقال حامضاً ولاذعاً ومفرطاً في نقده). تلك هي شهادته عن نفسه ودوافعه الشخصية.
وعليه فإن كتاباته في أغلب الأحوال لا تفرق بين أن تصوِّب مدفعيتها الي المؤتمر الوطني وحكومته او تصوبها نحو الوطن كله – والفرق واسع جداً والبون كبير بينهما - ولأنه فاقد للبوصلة التي توجه كتاباته ولا يدفعه حافز ولا يحركه هدف فكري او سياسي محدد لأنه عاش جل عمره الصحفي مغتربا ومدعيا لصفات المعارضة والنضال التي لم يعرفها ولم يألفها الامن ساحات الفنادق ومواطن المهجر المتعددة والمتنوعة والتي تمثل مبلغه من التجربة السياسية فقد أضحى لا يحسن التصويب ولا يحفل بأن تصيب رشاشاته الهدف أم تخطئه فالأمر عنده سيان ، وهذا يدل علي عدم التركيز وتحديد الوجهة والهدف.
وإن كانت شهادة الضو على كتاباته مسببة بالمرارة كما أشرنا ، فإن الدكتور محمد وقيع الله صاحب المساجلات الكتابية المشهورة مع فتحي الضو يورد سبباً آخراً لهذه الكتابات الطائشة اذ يقول((ولكن الأستاذ الضو، كعادته، لا يقرأ وهو في كامل وعيه، ولذلك لم ينتبه إلى ما ذكرته في ثنايا مقالي، متعلقا بهذا الأمر. ولذلك فإنني أعذره لهذا السبب وحده، وأعذر به كل من يكون على حالته تلك!)).
ومن ناحية أخرى فإن الأستاذ فتحي الضو جنح مؤخرا إلى الكتابات المتخصصة في شئون الأمن والمخابرات رغم ضعفه في هذا المجال وعدم اطلاعه علي فنون وأساليب العمل السري ورغم انه كان مراسلا حربيا في القرن الافريقي بعد انتقاله من الكويت ايام الغزو العراقي ليستقر في اسمرا مراسلا حربيا للصحف الخليجية حتى بداية الالفية الحالية مما جعله يجنح الي كتابة مؤلفات تصب جميعها في خانة العداء السافر للإنقاذ ويتم اخراجها وسط هالة من احتفالات مدعي النضال وأدعياء المعارضة في صورة انها تمثل قاصمة الظهر لحكومة الانقاذ ولذلك نجده في كتاب (سقوط الاقنعة ) الذي يصوره بأنه يمثل اسرار انقلاب الانقاذ ولكن ما ان تنفذ الي داخل الكتاب إلا وتسقط اوراق التوت عن فتحي الضو نفسه ثم يأتي كتاب ( الخندق ) في صورة زائفة يخيل الي صاحبها انه هتك كل اسرار جهاز الامن ليهبط فتحي الضو بعد ذلك الي بيت العنكبوت
ونجد ان الكاتب فتحي الضو قد انضم الي تنظيم التحالف السوداني بزعامة عبد العزيز خالد ولكنه لم يستطيع معرفة أن زوجته الراحلة كانت عضوا بذلك التنظيم إلا بعد فترة كبيرة وهو يعترف بذلك في خطابه الخاص بحفل تأبينها في العاصمة الخرطوم في العام 2011 إذ يقول أن العميد عبد العزيز خالد كان قد زارهم سراً في أسمرا في عام 1994 في منزلهم والتقي بزوجته الراحلة ووصف نتيجة تلك الزيارة بقوله (وأعتقد أيضاً إنه منذ ذاك الوقت وضع عينه عليها في ضمها لصفوف التنظيم ، بالفعل كنت آخر من يعلم ، ولم أعلم حقيقة بأنها أصبحت واحدة من كوادر التنظيم إلا بعد وقت طويل وبعد أن أصبح عمل التنظيم علنياً ، وتقلدت فيه المناصب المذكورة في التحالف النسوي وكذلك التجمع النسوي فيما بعد. ولكن أصبح الأمر مصدر فكاهة بيننا فقد كنت أداعبها بقولي : في بيتنا كادر سري) .
ومن كانت هذه أحواله وصفاته التي يغلب عليها ضعف الحس الأمني بحيث لايعرف أسرار النشاط السياسي لزوجته التي تشاركه السكن فلا يمكن له أن يحسن التحليل والغوص في وثائق جهاز الأمن والمخابرات السوداني كما ادعى في كتاب (الخندق) ولا يسهل عليه معرفة أسرار الحركة الاسلامية كما زعم في كتاب (بيت العنكبوت)، بل سيكون صيدا سهلا لأجهزة المخابرات لتوجيهه وتشغيله لخدمة اجندتها بوعي منه أو بغيره ، وخاصة إذا كانت مهنته الكتابة الصحفية التي يمكن من خلالها تنفيذ أهداف التضليل الاعلامي ، ولذلك يسهل تضليله كما هو شائع في عالم المخابرات ، والشخص المتلهف للشهرة وفش الغبينة مثل الضو ما أن يجد مادة توصف بأنها سرية سيتلقفها مهما كانت علي درجة عالية من وضوح أشكال التزوير الذي يعتبر شاناً مألوفا في عالم المخابرات وحيلها التي ترمي الي إثارة الشكوك والشائعات وفق استراتيجية متكاملة للخداع الاستخباري كما يقول الصحفي المصري فتحي غانم صاحب كتاب بيت العنكبوت (الأصل) الذي يحوي حوارات صحفية مع قادة أجهزة المخابرات الاسرائيلية ، والذي حاول الكاتب فتحي الضو تقليده او استنساخ كتابه بذات الاسم .
ويزعم فتحي الضو أن كتابه بيت العنكبوت يحتوي علي أسرار مايسميه بجهاز الأمن الشعبي التابع للحركة الاسلامية وإن كان الإعلامي عمر عبد القادر المنتمي للحركة الاسلامية قد أورد تفنيداً وتعقيبا علي كتاب فتحي الضو فحواه أنه لا وجود حاليا لجهاز الأمن الشعبي وشرح بأن الموجود هو أمانة للمعلومات والإحصاء تتبع للأمين العام للحركة الإسلامية وتقدم تقاريرها في مؤتمرات الحركة بشفافية ووضوح وعلى الملأ كغيرها من الدوائر الأخرى. ولو فرضنا جدلاً صحة ادعاء فتحي الضو بأنه حصل علي معلوماته من وثائق من مصادر فكيف نضمن انها ليست مزورة ومضروبة تهدف الي التضليل الإعلامي وتشويه سمعة الحركة الإسلامية من جهة وإشباع رغبة الكاتب المتعطش للتشهير بالحركة الإسلامية بأي شكل وأي وسيلة من جهة أخرى وتحقيق أهداف وأجندات الجهة أو الجهات التي مارست معه التضليل الإعلامي من جهة ثالثة .
تحياتى قرأت ما كتبه الأستاذ عمر في موضوعه هذا عن الأستاذ فتحى الضو وكتابه بيت العنكبوت وهو قد رغب كما هو واضح من العنوان في تسلسله الى حلقتين وكنت قررت ان لا اعلق الا بعد ان يكتب حلقته الثانية ولكنى بعد ذلك فضلت ان اعلق على الحلقة الأولى التي جاءت كلها عن الكاتب فتحى الضو وليست عن موضوع الكتاب ، ولما ان رأيت ان صاحب البوست عمد في مقدمة موضوعه الى وسيلة في البداية وهى تحقير الكاتب والتنقيص من قدراته والتشكيك في كفاءته ومصداقيته وذلك كى يسهل له بعد ذلك النفاذ الى عقل القارىء وهو يستدرجه بعدم مصداقية الكاتب وضعفه وقد عمد الى ذلك بقوله ان الكاتب يكتب وهو في ضغينة ومرارة عن علاقته بزوجته وذلك انه لا يعرف أمور بيته وناهيك عن أمور الوطن أورد كلام وقيع الله الذى كتب ان الكاتب لا يقرأ وهو في كامل وعيه انه لا يحركه هدف فكرى او سياسى لانه عاش جل عمره مغتربا يعمد صاحب البوست الى استدراج القارىء بتمويهات الى الإيقاع بالقارىء في حبائل مشروعه وخطته وجره الى ملعبهوذلك لتغيير سلوك المخاطب القارىء هنا وتكييفه وفق وجهته لا ادافع هنا عن الأستاذ فتحى الضو فهو اقدر منى على الدفاع عن نفسه وكتاباته سهود على ذلك ولكنى أوضح ان القارىء السودانى اعلم بواقعه الخاص بحقوقه وحرياته منذ الأول من يوليو 1989 وحتى تاريخ اليوم وان كنا نحمد للأستاذ فتحى الضو كتاباته وتوثيقه الا اننا نعتقد جازمين ان ما زالت صدور الرجال والنساء تحوى الكثير ، ولا تنتطح عنزان ان الواقع الحقوقى في السودان مزرى مما حدا بالأمم المتحدة لأن تفرض عقوبات متعددة على السودان وان تعين مبعوثين خاصين للشأن السودانى وان تحدد مقررين بمهمات مختلفة منذ كاسبرو بيرو حتى اليوم وان تحول ملف السودان الى المحكمة الجنائية الدولية ، هذا عن الشأن الدولى اما في الداخل فيغرف المهتمون والحقوقيون ماهى القوانين التي تحكم البلاد والعباد وتعرف الاسر افرادها الذين فصلوا من أعمالهم من غير جريرة ومن اعتقل وعذب ومن هاجر غصبا عنه ونفى ومن مات قتلا وغيلة ، لقد اعترف رموز هذا النظام نفسه بانتهاكاتهم التي لا تحصى ولا تعد ، اقر بها بعضهم بعد المفاصلة واقر بها رمز النظام نفسه .الأستاذ فتحى الضو كاتب رصين ووطنى لا يستطيع احد ان يزايد عليه في وطنيته وان محاولة الطعن في وطنيته او كفاءته بدعوى انه خارج البلاد فهذه دعوى باطلة ومتهافته لأنها سوف ترتد الى صدور أصحاب هذا النظام نفسه ومن يشايعونهم في العالم فهم من ابتدروا النضال من الخارج منذ أوائل السبعينات وحتى اليوم لقد اضحكتنى مقولة ان فتحى الضو لا يحركه هدف فكرى او سياسى ، وكأنما الاهتمام بالشأن الوطنى والحقوقى ورفاهية المواطن السودانى تحتاج الى رخصة فكرية او سياسية حتى يمتهن الفرد الكتابة او الادلاء بدلو في الشأن السودانى .اما القول بأن كتاباته في أغلب الأحوال لا تفرق بين أن تصوِّب مدفعيتها الي المؤتمر الوطني وحكومته او تصوبها نحو الوطن كله فهذه حيلة ساذجة للأسف استهلكها اعلام النظام ورموزه ومشايعيه وهى محاولة تماهى الوطن بالمؤتمر الوطنى وحكومته وذلك كأنما تصويب الهجوم على المؤتمر الوطنى كأنما هو هجوم على الوطن وكذلك مخاصمة الحكومة كأنما هي مخاصمة للوطن وهى ذات الحيلة التي يستعملها دعاة المشروع الحضارى والإسلاميين ذلك ان الهجوم على مشروعهم يعتبرونه هجوم على الدين كله بدعوى انهم يمثلون الدين الصحيح وما عداهم على باطل ، لقد انكشفت هذه الحيل وبارت سلعها وباءت بالفشل من زمان ومن الاحسن ان يبحثوا عن حيل أخرى لتسويق مشروعهم النفعى الطفيلى لاغتصاب السلطة والثروة .بقول الكندى في رسالته للمعتصم : ( ينبغي لنا ان لا نستحى من استحسان الحق واقتناء الحق من اين اتى وان اتى من الاجناس القاصية عنا والأمم المتباينة فأنه لاشىء أولى بطالب الحق من الحق وليس يبخس الحق ولا يصغر بقائله ولا بالآتى به ولا احد يبخس الحق بل كل يشرفه الحق ) نواصل بعد مناقشة موضوع الكتاب والمواد المبثوثة فيه ، ان الحق يملك حقيقته في ذاته ولا يغير من ذلك موقف الناس منه والحقوق تبقى حقوقا على الرغم من الضجة المحدثة حولها ، القتل ، الاغتصاب والسجن والتعذيب والفساد هي وقائع لا يمكن تزييفها لا بالاعلام المضلل ولا بالانحياز الاعمى .والسلام ختام
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة