"توقع أن تتم معالجة الجريمة عن طريق عقوبة الإعدام هو نظرخاطئ من أساسه مماثل لتوقع علاج الفقر عن طريق الأعمال الخيرية " هنري فورد الجريمة هي إرتكاب فعل يعاقب عليه القانون، فليست كل الأفعال التى لا يقرها القانون جرائم، بل يجب أن تصل درجة عدم إقرار القانون للفعل لدرجة فرض عقوبة على إتيانه، حتى يصبح الحكم المخالف للقانون جريمة. ومن ذلك الإخلال بالعقود، فالقانون لا يقر الشخص على أن يخل بعقده، ولكن ذلك في أغلب الأحوال ينتج عنه مسؤولية مدنية فحسب، تؤسس لحق في التعويض وليس لعقاب جنائي. ولكن الإخلال بالعقد قد يصل لدرجة تجعل القانون يعاقب على ذلك الإخلال، ومثال ذلك الإخلال بعقود الأمانه والوديعة، والذى قد يصل لدرجة خيانة الأمانه المعاقب عليها جنائياً. والجرائم عادة تتمثل في أفعال غير أخلاقية، ولكنها ليست كلها كذلك. فما إصطلح على إطلاق تعبير جرائم القانون الطبيعي عليه، هي أفعال تخالف قواعد الأخلاق المرعية في المجتمعات الإنسانية بشكل عام، كجرائم القتل والسرقة والإغتصاب، ولكن بعض الجرائم لا صلة لها بالأخلاق، ولكنها تتصل بأفعال تخل بمسائل تتعلق بالمصلحة العامة، وهى ما يطلق عليها تعبير Regulatory offenses والتى أعتقد أنه يحسن ترجمتها بالجرائم التي تتصل بالسياسة العامة، ومثالها التعامل في العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية، فهذه جريمة ما زالت تزج بنفسها في قانوننا العقابي، وتخرج منه بحسب تغير السياسة العامة، فتتوغل فيه حتى تصل العقوبة عليها درجة الإعدام، ثم تنسحب عنه دون أن تترك وراءها أثراً، حتى تصبح من الأعمال التى يُنادى عليها في الأسواق. وها هي الآن تقبع في منزلة بين المنزلتين. ولعل أكبر جزء من الجرائم المتعلقة بالسياسة العامة هي الجرائم السياسية، وهي الجرائم التي يكون الدافع لها سياسياً، والتى تتوسع دائرتها في تناسب عكسي مع دائرة الحرية الساسية، فكلما زادت الحريه السياسية في المجتمع، كلما قلت الجرائم السياسية في النظام العقابي لذلك المجتمع، والعكس صحيح. العقوبة العقوبة هي ما توقعه السلطات علي الشخص بسبب إرتكابه لفعل يعاقب عليه القانون. لكي يكون للعقوبة أى معنى، فيجب أن تكون شيئً لا يرغب الشخص في أن يمر به. وبمعنى آخر فإن الأفعال المكونة للعقاب هى أفعال يرغب الشخص العادي في تفاديها. التعريف التقليدي للعقاب الجنائي يقول بأنه "إيلام مقصود يقابل الجريمة ويتماثل معها، وذلك التعريف يحمل عنصرين أولهما الإيلام، ويتمثل فيه عنصر الردع في الجريمة، وهو عنصر يهدف من جهة لمخاطبة الجاني، فيجعله يفكر مرتين قبل إرتكاب الفعل الذى سيؤدى لذلك الإيلام، ومن جهة أخرى يخاطب عموم أفراد المجتمع فينتهون عن القيام بالفعل المؤثم، خشية من ألم العقوبة . والعنصر الثاني هو القصاص ويعبر عنه قولنا "يقابل الجريمة ويتماثل معها " وعنصر القصاص يتمثل في أن يوقع بالجاني مثل ما أوقع بالضحية، وهذا العنصر من عناصر العقاب يتصل مباشرة بجرائم العنف، ولكن لا مجال لإعماله بشكل مباشر في باقي الجرائم. فلا يوجد نظام قانوني يوقع بالمغتصبين مثل ما أوقعوا بضحاياهم، ولكن يمكن أن يوقع بهم ألماً يماثل في مقداره " مع صعوبه مقياس الألم، وإختلاف الإحساس به، من شخص لآخر" ما أوقعوا هم من ألم في نفس ضحاياهم. ومع أن فكرة العقوبة تقوم في الأساس على حماية المجتمع، إلا أنه يؤخذ عليها أنها لا تواجه السبب في الجريمة، بل ولا تمنع العودة إلى إرتباكها. فإذا نظرنا إلى السجن نجد أنه يحدث بالجانى ألماً مقصوداً بحرمانه من الحرية، وما ينجم عن ذلك في العادة من فقدانه لعمله، وما يحيط بذلك من الحط من قدره في المجتمع، حين تلصق به صفة الجريمة. وهذا يفترض أن يؤدى عند إنتهاء فترة العقوبة الى أن يمتنع عن إرتكاب جريمة أخرى خوفاً من أن يتكرر الألم الذى قاساه في المره الأولى. ولكن الواقع يقول بغير ذلك، فهو بسبب مالصق به من نظرة دونية، من العسير عليه أن يجد فرصاً للعمل. وحتى لو وجد تلك الفرص فإنه في الأغلب لن يكون موضع ثقة لدى مخدمه، مما يمنع ترقيته ووصوله إلى مراكز قيادية في عمله، بالإضافة لما قد يسببه له السجن من تعقيدات في حياته الإجتماعية، والأسرية، وما يورثه له من شعور بالدونية والمهانة، وهو شعور ينعكس بالضرورة على المحيطين به. كل ذلك يؤدي إلى إحداث خلل بشخصيته، وإكتسابه لمشاعر معادية للمجتع. بالإضافة لذلك فإن تدهور أحواله الإقتصادية، مع إكتسابه لتلك المشاعر والرغبات، تجعل إحتمال عودته لإرتكاب الجريمة، بسبب العقوبة، أكبر من ردعه عن تكرارها. من جهة أخرى فإن عنصر الردع في العقوبة أثره نسبي ومتفاوت، فهو لا يحدث نفس الأثر على كل نفس أمارة بالسوء، فأولئك الذى سيخسرون كثيراً من توقيع العقوبة عليهم، كأفراد الطبقات العليا المستمتعين بغدوهم ورواحهم، تكون فكرة السجن مرعبة بالنسبة لهم، وأما أولئك الذين يمضون حياتهم في الأزقة الحواري يتسولون، فليس لديهم ما يخشونه من السجن، الذي يوفر لهم مأوى وطعاماً لا يجدونه في حياتهم العادية، مما يجعل مسألة الردع ليس لها مكان في نفوسهم. ولعل أبلغ دليل على هذا هو أن ساحات الإعدام العلني التي كان يتم شنق التشالين بها في بريطانيا في القرن الثامن عشر، كان النشالون يمارسونفيها نشاطهم فينشلون السادة الذين أتوا للإسمتاع بمشاهدة شنق زملائهم، الذين أوقعهم حظهم العاثر في براثن العدالة. والواضح هو أنهم لم يكونوا يرون في ذلك الشنق أكثر من أنه أحد مخاطر المهنة التي لا يعرفون غيرها، ولا سبيل لهم لكسب العيش بدونها. وهذا هو مايدعو علماء علم العقاب للدعوة لفكرة إعادة التأهيل كغرض من العقوبة.
إعادة التأهيل إعادة التأهيل لا تعني الإستغناء نهائياً عن فكرة الألم في العقاب، ولكنها تقبلها كضرورة أكثر من أن تدعو له كشئ تصبو للتوصل منه لما تريد. إعادة تأهيل مرتكب الفعل المعاقب عليه يتطلب بشكل عام تعليم وتدريب المحبوسين على مهنة تناسب مع قدراتهم الفردية. وقد كانت مصلحة السجون في السودان معروفة بإنتاج الأثاثات، وكانت تقيم لها معرضاً تعرض فيه ما ينتجه نزلاء السجن من أثاثات منزلية ومكتبية، وغيرها من الأدوات االمفيدة. وكان نزلاء السجن يتدربون على أعمال التجارة، والحدادة، وكان هذا يبعدهم عن العودة لإرتكاب الجريمة بالنسبة لمن كان سبب دخولهم السجن نابع عن العوزوالفاقة. وإن كان ذلك قد لا يكون له أثر بالنسبة لمن كانت جرائمهم تتصل بأسباب أخرى. وقد لا يحتاجه أصلاً السجين إذا كان يتمتع بدرجة أعلى، أو مختلفة من التعليم، كما لو كان مهنياً أو إدارياً قبل دخوله السجن. هذا هو التأهيل في أدنى مستوى له، ولكن التأهيل الأعلى منه درجة، هو الذى يهدف إلى إزالة أسباب الجريمة من نفس الجاني بإخضاعه لنوع من العلاج يتناسب مع الخلل الذى يعانى منه، والذي قاده الى إرتكاب الجريمة الجنس والقانون مغتصبو الأطفال والمتحرشون بهم، هم نوع من المجرمين الشواذ، بمعنى أن دوافعهم لفعل ما فعلوا، ليست هى الدوافع العادية التى تدفع المجرم العادي لإرتكاب جريمته. الغريزة الجنسية هى أحد الغرائز التى تخاطب غريزة بقاء النوع، كشئ مختلف عن الغرائز التى تهدف لحماية الفرد نفسه، كغريزة الخوف مثلاً. فالغريزة الجنسية هي المسؤولة عن الرغبة في المجامعة الجنسية مع أحد أفراد الجنس الآخر، وهى بذلك تؤدي لإنتاج الأطفال. وهي بالنسبة لأهميتها لإستمرار النوع، تخلق لدى الفرد دافعا قويا يصعب مقاومته. وهو الأمر الذى يدعو لتنظيمها ووضع سياج لممارستها، وذلك ما لجأت إليه كافة المجتمعات البشرية منذ نشأتها وحتى الآن. ولا يتصور وجود مجتمع بشري لا يخضع لقواعد تنظم هذه الغريزة. وهذه القواعد نشأت أول ما نشأت كقواعد مجتمعية أخلاقية، وقد تطورت على يد الدين، فأصبحت قواعد دينية متأصلة في نفوس الناس، كما وتمت بعد ذلك حراستها بالقوانين، حتى لا تتحول الغريزة التى قُصِد منها إستمرار النوع الي سبب لتدميره. ولكن الغريزة الجنسية بما تحمله دافع قوي قد تقود إلى ممارسة غير مقبولة بالنسبة لدائرة أو أكثر من الدوائر الثلاث التي تحكم سلوكيات المجتمع، وهي الدين والأخلاق والقانون. والقانون وهو الذي يهمنا هنا يحدد بشكل عام حدوداً لممارسة الغريزة الجنسية، ويعاقب على ممارستها خارج الإطار الذي حدده، حتى ولو كان ذلك إستجابة بشكل طبيعي لتلك الغريزة. فقانوننا الجنائى مثلاً يجرم الممارسة الجنسية خارج إطار الزواج، حتى ولو كانت الممارسه برضا الطرفين. وفي مجتمعات أخرى لا يتدخل القانون في تلك الممارسة إلا إذا كان أحد طرفيها تربطه رابطة زوجيه بشخص ثالث. وهنالك من المجتمعات ما لا يحرم هذه الممارسة إلا لو تمت بشكل علني وهكذا. وإذا كان الجنس برضا الطرفين قد ولد خلافات على تجريمه بين المجتمعات المختلفة، فإن الجنس بدون رضا أحد طرفيه مجمع على تجريمه في جميع المجتمعات. وهذا الجنس الذى يتم بدون رضا أحد الطرفين يمتزج بجريمة أخرى لأنه إما أن يتم بالعنف أو بالخديعة، أو بالتهديد. وبعض القوانين تجرم الجنس المخالف للطبيعة. فبعضها ومنها قانوننا يعاقب على أى ممارسه للجنس مخالفة للطبيعة، فكل إيلاج في الدبر سواء أتم على رجل، أو إمرأة، وبغض النظر عن العلاقة التى تربط الطرفين، هو فعل مستوجب العقاب. ولكن هذه المسأله تختلف من قانون لآخر، فبعضها يقبلها طالما أنها وقعت برضا الطرفين. الممارسة الجنسية التي تجمع كل القوانين على تجريمها، وتجمع كل المجتمعات على تحريمها دينياً، وأخلاقياً، هي ممارسة الجنس مع الأطفال. وهذا الموقف الموحد ينبع من أنها ممارسة غير رضائية لأن الطفل لا يعتد برضاه، ولأنه أيضاً جدير بالحماية بشكل خاص. فبرغم أن جميع من تظلهم البلد بسمائها جديرون بالحماية، وتقع على الدولة مسؤولية حمايتهم، إلا أن الناس في الأحوال العادية قادرون علي حماية أنفسهم لحدود بعيدة، مالم يكونوا عاجزين عن ذلك بسبب ضعف جسماني، أو عقلي، أو صغر في السن. وهذا الضعف الطبيعي يجعل أثر الممارسة الجنسية مع الأطفال بالغ الضرر بتطورهم النفسي، والجنسي، مما يهدد مستقبل المجتمع ككل، لأنه يعتمد بشكل رئيسي عل حسن تنشئة أطفاله. لذلك فإن البحث عن منع الإعتداء الجنسي على الأطفال ليس فقط بحثاً مشروعاً، بل هو ضروري لكل المجتمعات، ويجب أن نشارك جميعاً فيه.
تغليظ العقاب على المجرمين الشواذ
لقد رأينا عموماً أن أثر الردع في العقوبة هو أثر نسبي لا يصيب الجميع بشكل متساو، وهذا ما يدفعنا إلى محاولة النظر الى الدافع من الإعتداءالجنسي على الأطفال، حتى نتبين ما إذا كان تغليظ العقاب بأى شكل يمكن أن يؤدى إلى وقف أو التقليل من هذه الجريمة الشنيعة. الواضح هو أن الوضع الطبيعي للرجال والنساء، هو أن تتحرك دوافعهم الجنسية تجاه بعضهم البعض، ولكن أن يشعر شخص بالغ بالدافع الجنسي تجاه طفل صغير، فهذا شعور كفيل بإثارة دهشة ممزوجة بالإشمئزاز لدى الشخص العادى. وهذا ما يدفعنا للقول بأنه هذه المسأله تُدخِل فاعلها في غمرة المجرمين الشواذ. والمجرم الشاذ هو المجرم الذى يدفعه لإرتكاب جريمته دافع، بغض النظر عن الظروف الإجتماعية، مختلف عن الدوافع التى يشعر بها الشخص العادي في ظروفه. لشرح المسألة أكثر نقول بأنه كلما زادت درجة فقر الشخص، كلما زادت درجة الدوافع التي تعتمل في نفسه للاعتداء على مال الاخرين، ولكنه إذا فعل ذلك، فإنه لا يكون مجرماً شاذاً رغم أن دافعه هذا قد لا يشعر به أغلبية أعضاء المجتمع. وبالمقابل فإن الشعور برغبة في ممارسة الجنس مع شخص من الجنس الأخر هو دافع طبيعي، وبهذا المعنى إذا قاد هذا الدافع صاحبه إلى التحرش بإمراة، فإنه يصبح مجرماً فحسب، ولكنه لا يكون مجرماً شاذاً . المتحرشون بالأطفال هم مجرمون شواذ لأن ما يشعرون به من دافع قادهم إلى ما فعلوا هو دافع لا صلة له بالدوافع العادية، وبالتالى فإن منعهم من فعل ذلك لا يتطلب فقط الردع ـــ رغم أنه يتطلب ذلك ـــ ولكن يتطلب معرفة كنه الدافع الذى يقودهم إلى ذلك، حتى يتسنى وضع عقوبة تقوم على التأهيل أكثر من إرتكازها علي الردع. السؤال هو هل الشعور بالميل الجنسي تجاه الأطفال هو مجرد مظهر لمحاولة الإشباع الجنسى دون الأخذ بأى إعتبار بحالة الطفل ولا بالقيود الدينيه و الأخلاقية ؟ أم هو تعبير عن خلل في شخصية من يفعل ذلك. إذا قلنا بالأولى فيجب الإرتكاز على عنصر الردع في إختيار العقوبة، أما إذا قلنا بالثانية فلابد من الإرتكاز على عنصر التأهيل
الميل الجنسي للأطفال pedophiles الميل الجنسي للأطفال هو مصطلح طبي معروف، ويعني الشخص الذي لديه ميل جنسي مستمر تجاه الأطفال، الذين هم في عمر 13 عام أو أقل، ويقول Ray Blanchard الميل الجنسي للأطفال لا يعني بالضرورة إرتكاب فعل جنسي معهم " يتم التعرف على أصحاب الميل الجنسي للأطفال من خلال رغباتهم، ويتم التعرف على مرتكبي جرائم الاعتداء على الأطفال، من خلال تصرفاتهم"، ويضيف أن "بعض المولعين يالأطفال يمتنعون عن الاقتراب جنسيا من أي طفل طيلة حياتهم." ولكن ليس من الواضح مدى شيوع هذا. والمجتمع الطبي يعتبر الاعتداء الجنسي على الأطفال اضطراب عقلي، ولقد أدرجت الجمعية الأمريكية للطب النفسي الاعتداء الجنسي على الأطفال في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية منذ عام 1968. وهو الدليل الذي يتم تحديثه سنوياً. وقد أدرج الولع بالأطفال ضمن الإضطرابات العقلية المتصلة بالجنس. ويذكر بأنه يمكن التعرف على صاحبه حين يكون ميله للأطفال يورثه شعوراً بالذنب، أو يجعل متابعته لأهداف أخرى صعباً، أو إذا كان يدفعهم للتقرب من الأطفال بحثا عن الإشباع الجنسي. ورغم أن الأطباء يرون أن المشاعر التي يشعر بها أصحاب تلك المشاعر الجانحة غير قابلة للشفاء، إلا أنهم يرون أنه من الممكن علاجهم بشكل يؤدي لسيطرتهم على تلك المشاعر والتحكم فيها.
الوقاية هذا من حيث العلاج بعد وقوع الجريمة، ولكن ماذا عن وسائل الوقاية التى تمنع وقوعها. تلعب مسائل رفع الوعي بالمشكلة، ومعرفة جذورها دوراً هاماً في الوقاية من جرائم الإعتداء على الأطفال. ولكن الوعي بالمشكلة لا يجب أن يقتصر على سبل حماية الضحية، رغم أهمية ذلك، بل يجب أيضا أن يتجه لعلاج المرتكب المحتمل للجريمة. العلاج حسبما وصل إليه العلم في الوقت الحاضر، ينقسم إلى علاج نفسي، وعلاج طبى. والعلاج الطبى بدوره ينقسم إلى قسمين: علاج جراحى، وهذا يتم بالاخصاء، وهو بالطبع لا يمكن اللجوء اليه لاسباب بديهية، بالنسبة لمن له دراية بحقوق الانسان. وعلاج بتناول أدويه تهدف إلى وضع المريض في وضع يمكنه من السيطرة على دوافعة الجنسية. ولكن العلاج الأساسي يأتى عن طريقة العلاج النفسى الذى يهدف إلى إستعادة التوازن النفسي الكفيل بإصلاح ما يعانى منه المريض من خلل فى الشخصية. على كل يبدو أن نشر الثقافة المتعلقة بمن يعانون من الإضطراب في الشخصية يقودهم إلى أن يشعروا بميل جنسي تجاه الأطفال يؤدى إلى خفض إحتمالات وقوع والجريمة، بالعمل علي منعها من ناحية، وأختيار العقاب الناجح من جانب آخر. من الناحية الوقائية فإن تعليم الامهات دقائف هذا الميل، و كيفية التعرف عليه، والطرق التي يستخدمها المصابون في إستدراج الأطفال، يلعب دوراً هاماً في تقليل تعرض الأطفال لهذا النوع من الإعتداء. من الناحية الأخرى فإن الميل بالعقوبة الى ناحية إعادة التأهيل، يقود الى منع تكرار الفاعل لجريمته. و هذا لا يعني ان صاحب الميل الجنسي نحو الاطفال لا يجب أن يعاقب عقوبة رادعة، بل يعني ان جانب الردع فيها، اي الالم الذي تحدثه العقوبة، هو منتج جانبي للتاهيل، لأنه لكي يعاد تاهيل الذي يعاني من هذا الجنوح يلزم إخضاعه للعلاج و هذا يتطلب ان تقيد حريته لفترة من الزمن تتيح علاجه . العقوبة أم التدابير الإحترازية؟ ويتطلب معالجة الجانحين ايضاً إخضاعهم لتدابير احترازية تهدف ليس فقط لمواجهة ما قاموا به من افعال، بل الخطورة الاجرامية الكامنة في نفوسهم، فيخضعون لاوامر من شانها ابعادهم تماماً عن الاطفال، بما في ذلك منعهم من تولي الاعمال التى تتضمن تعليم الاطفال، او الاشراف عليهم، لمدد قد تستغرق ما تبقى لهم من اعمار . يفضل علماء العقاب في حالة المجرمين الشواذ إستخدام التدابير الإحترازية بدلاً عن العقوبة، ليس فقط لأن التدابير الإحترازية تقابل الخطورة الإجرامية وتمنع الأذى الذي قد يقع في المستقبل، بل أيضاً لعدم فاعالية العقوبة، وأحيانا خطورتها بالنسبة لحماية الضحايا. في احوال كثيرة تبدو العقوبة القاسية تحمل في باطنها عوامل إبطال مفعولها، و من الجرائم التي يظهر فيها ذلك بوضوح جرائم الاعتداء الجنسي على الاطفال. فمن حيث الجاني فإن تعرضه لدافع جنسي شديد عندما تكون هنالك فرصة للقيام بالفعل الجنسي، لا تجعله و هو يخطط لفعله يفكر في العقاب، بل هو دائماً يفكر في تفاديه، و في اغلب الاحوال يتم ذلك بإغراء الطفل باللعب، و الهدايا، و بالتقرب له، و بأن يطلب منه عدم إخطار والديه بعلاقتهما حتى لا يمنعانه من الاتصال به. و هذا في الغالب يقابل هوى في نفسية الطفل التي يعتلج فيها رفض للقيود التي يضعها على تحركاته والديه. و لكن اخطر ما يمكن ان يؤدي اليه قسوة العقوبة يكمن في حالة الندم الشديد التي تنتاب اصحاب هذه الميول حين يقضون وطرهم من الطفل، والتي تدفعهم الى كراهية شديدة نحو الطفل، و إلقاء اللوم عليه فيما حدث و هو ما يسهل عليهم في كثير من الاحيان قتله لإخفاء الدليل على فعلتهم الشنيعة، وتهوين الجريمة في نفوسهم بالتذرع بما تصوره له نفسه المريضة من شيطنة للطفل، أي تحويله في ذهنه، على خلاف الحقيقة، الى الشيطان الذي حمله الى ان يفعل ما فعل . من جهة الضحية ففي كثير من الاحيان يكون الجاني على صلة قرابة بالضحية، و غالباً تكون قرابة قوية، فقد يكون والده او عمه او خاله وفي هذه الحالة فإن انكشاف امره لوالدة الطفل مع ما تعلمه عن قسوة العقوبة قد يدفعها لان تتستر عليه، و يكون ذلك غالباً بالامتناع عن تبليغ السلطات عنه، و الاكتفاء بالرقابة التي تفرضها على الطفل، و بهذا قد تنتهي الخطورة الاجرامية على طفلها، و لكن تبقى بالنسبة للاطفال اخرين. نبيل أديب عبدالله المحامي
كلام صحيح، ولكن تحوز عقوبة الاعدام تعزيراً أي بالنص عليها في قانون العقوبات، وكما هو معلوم فإن التعزير يقتصر على الأعمال المحرمة ديانة وعرفاً وأخلاقاً ولكن لم يرد عقابها الدنيوي تحديداً في القرءان وفوض ذلك لأولي الأمر (مجلش شورى، برلمان الخ) ولم أقل ولي الأمر بما يدخل النظام الشمولي، وعليه فإن العقاب على الجرائم السياسية لايدخل في باب التعزير ولا يجوز فرض عقوبة الاعدام بموجبه.
تصحيح: كلام صحيح، ولكن يجوز سن عقوبة الاعدام تعزيراً بالنص عليها في قانون العقوبات، علماً بأن التعزير شرعاً يقتصر على الأعمال المحرمة ديانة وعرفاً وأخلاقاً ولكن لم يرد عقابها الدنيوي تحديداً في القرءان وفوض ذلك لأولي الأمر (مجلس شورى، برلمان الخ) ولا أقول ولي الأمر بما يشمل النظام الشمولي، وعليه فإن العقاب على الجرائم السياسية لايدخل في باب التعزير فلا يجوز فرض عقوبة الاعدام باسم التعزير في الحرائم السياسية ضد نظام الحكم ولو كان شورياً أو ديموقراطياً ناهيك إن كان شمولياً دكتاتورياً. وبما أن الجرائم ضد الأطفال مما يحرمه الدين والعرف والقيم الانسانية والخلق فيجوز سن عقوبة الاعدام اغتصاب الأطفال بل على الاغتصاب عموماً سواء كان واقعاً على إناث أم ذكور...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة