مساء البارحة وأنا أهم بكتابة هذه الزاوية رن هاتفي.. صديقي الصحفي عرجاوي يحمل خبراً من مدينة الحديد والنار ..التفاصيل أن حزب المؤتمر الشعبي و"الإخوان المسلمين" توافقا على برنامج دعوي في ولاية نهر النيل..سألت محدثي، أي جناح في "الإخوان المسلمين" ؟ ..لم تكن الإجابة سهلة فهذه الجماعة التاريخية تفرقت بها السبل من المؤتمر الوطني إلى الشعبي إلى الإصلاح الآن، ولن تتوقف في منبر السلام..حتى المجموعة التي مازالت تستخدم ذات الماركة التجارية تباينت من مجموعة أبو نارو إلى جماعة جاويش، ولا أدري أين يقف الرمز التاريخي صادق عبدالله عبدالماجد . الأمس كان زميلنا صديق رمضان يكتب تقريراً عن أحزاب شرق السودان ..العدد الإجمالي حتى كتابة التقرير سبعة عشر حزباً..لن يستطيع حتى مسجل الأحزاب أن يحدد الأحزاب التي تحمل بشكل أو بآخر كلمة الاتحادي.. بعد تفاقم الخلاف بين الولد والوالد في الاتحادي الأصل ربما يولد حزب جديد يحمل بصمة الحسن الذي يحتفظ باستقالات أنصاره في جيب بنطال الجينز..أما الصراع على مفردة حزب الأمة ، بات قريباً من ردهات المحاكم ..نحو تسعة أحزاب تتصارع على جذب قلوب الأنصار..ماذا عن أحزاب البعث ..خلوها مستورة. مازالت الحكومة تشغل نفسها بدمج الصحف حسب ما جاء في حوار الزميلة التيار مع أمين عام مجلس الصحافة ..لكن إمعان في النظر في الخارطة السياسية يتبين له أن المشكلة تكمن في تناثر مكونات الساحة السياسية..نحو مائة حزب وثلاثين حركة مسلحة جنحت للسلم تتنافس حول مقاعد وزارية ونيابية محدودة جداً..لكن محاولة تشريح هذه الأحزاب تجعلها تتركز في ثلاث كتل سياسية أساسية ..كتلة يمينية تقليدية تتمحور في أحزاب الأمة والاتحاديين والحركة الإسلامية ..هذه الكتلة تنهض على مكون إسلامي محافظ..فيما هنالك كتلة يسارية اشتراكية يشكل الحزب الشيوعي رافدها الأساسي وتقترب منها أحزاب البعث والناصري ..كما أن هنالك كتلة ليبرالية علمانية من مكوناتها الرئيسة الحركة الشعبية وأحزاب المؤتمر السوداني وبعض حركات دارفور..هذه الكتلة تتحدث عن العدالة الاجتماعية دون أن تعارض الرأسمالية وأدواتها الديمقراطية. في تقديري إعادة دمج هذه الأحزاب أو تشجيعها على الوحدة لا يفرض بقرار سياسي..لكن هنالك حزمة من الإجراءات التي يمكن أن تجعل هذه الأحزاب تضطر إلى إعادة ترتيب صفوفها عبر الذوبان في كيانات أوسع..الخطوة الأولى أن تتولى الدولة تمويل الأحزاب التي تجتاز امتحان الشعبية..المدخل إلى ذلك أن يحتاج التمثيل في البرلمان إلى نسبة عددية مؤهلة..مثلاً تحديد مليون صوت للتأهيل للبرلمان ..الخطوة الأهم من ذلك أن يتم تصعيب إعلان حزب جديد..عبر وضع شروط تؤكد أن الفكرة الجديدة مسنودة بشعبية كبيرة..ومن المهم جداً أن تكون الشعبية هذه عابرة للولايات وذلك بقطع الطريق أمام الأحزاب الجهوية والقبلية. بصراحة ..الان النظام السياسي يشجع على الانشطارات الحزبية..الحزب الحاكم يستثمر في ضعف الأحزاب المعارضة..إذا تمنع الإمام الصادق المهدي يتم صناعة إمام جديد للأنصار..الأهم من ذلك أن بعض المنشقين من الأحزاب ينالون حوافز سياسية في كيكة السلطة وأفضل نموذج لذلك الحركات المسلحة حيث يتم إغراء مجموعة معينة لشق عصا الطاعة وذلك لأغراض سياسية بحتة..لهذا من المهم جداً تغيير هذه العقلية لصالح أخرى تؤمن بأن الأحزاب القوية تؤمّن الديمقراطية وتيسّر سبل التبادل السلمي للسلطة assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة