|
طوق نجاة السودان لن يكون في الحوار الدائر وإنما... * بقلم: إبراهيم عثمان أبو خليل
|
إن السودن ومنذ خروج المستعمر الانجليزي وإلى اليوم؛ أي ما يقارب الستة عقود، يعيش في ظلمات بعضها فوق بعض، وأزمات متلاحقة جعلت أنظمة الحكم غير مستقرة، فمن ديمقراطية حزبية إلى انقلابات عسكرية تكون في بدايتها خالصة للعسكر، ثم يشاركهم بعد حين من كانوا في الأنظمة الديمقراطية. وتدور الساقية دون أن تسقي الأرض، فيظل الجدب هو سيد الموقف طوال هذه السنين، وتتراكم الأزمات دون حل يلوح في الأفق. ويكمن هذا العجز السياسي من قبل الساسة السابقين واللاحقين في نظرتهم إلى السلطة، فالجميع ينظر إليها باعتبارها مغنماً وكيكة، يسعون لامتلاكها والظفر بها، أو الصراع من أجل الانفراد بها، وأضعف الإيمان المشاركة مع من يحوزونها. وإذا تحدث- أي الساسة- عن حل للأزمات، سواء في الحكم أو الاقتصاد أو غيرها فإن الأساس الذي تحل على أساسه المشاكل هو ذات الأساس الرأسمالي الغربي الذي ورثوه، رغم أنهم جرّبوا هذه الروشتات العلاجية عشرات المرات فلم تكن علاجاً، وإنما كانت دواء فاسداً؛ جعل المرض عضالاً. فما هو الحل إذن، وكيف يكون؟ إن الحل الصحيح لأية مشكلة، إنما يكون بالبحث العميق في أسباب ومسببات المشكلة، ثم يعمد إلى الحل وفق رؤية سياسية مبدئية تحل الاشكال من جذوره، ولا تسعى لتسكين الألم كما هو حادث الآن، ولا يتوصل إلى حلول وسط لترضي هذا أو ذاك، وإنما الأصل هو علاج الاشكال دون النظر إلى رضا هؤلاء أو أولئك. وإذا نظرنا إلى السبب الرئيس في أزمات السودان نجده يكمن في الفكرة السياسية الأساسية التي تقام على أساسها أنظمة الحياة من سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، حيث تتناقض هذه الفكرة مع عقيدة الأمة ووجهة نظرها في الحياة. فإن الحياة كلها في السودان وغيره من بلاد المسلمين لا تقوم على أساس العقيدة التي تعتنقها وهي عقيدة الإسلام العظيم، حيث لم تكن هذه العقيدة عقيدة روحية فقط، وإنما كانت عقيدة روحية سياسية تعالج مشكلات الإنسان بأحكام صادرة من خالق الإنسان الله اللطيف الخبير الذي يعلم ما ينفع الناس وما يضرهم، ]أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[. فقد بينت أحكام هذه العقيدة النظام السياسي الذي يجب أن يُحكم به المسلمون، بل العالم، وهو نظام الخلافة؛ الذي أرسى أركانه وأعلى بنيانه الحبيب محمد r وطبقه عملياً، حيث كان عليه الصلاة والسلام رسولاً نبياً وحاكماً يسوس الناس بأحكام الإسلام. ثم بين النبي r للناس أن الأمر من بعده خلافة فقال: « كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ». وعلى هذا سار الخلفاء، ولم يخلو عصر من العصور من خلافة حتى قضى عليها الكافر المستعمر الانجليزي بمعاونة عملائه من العرب والترك في العام 1924م. ومنذ ذلك التاريخ والأمة تعيش في ظل أنظمة وضعية ظالمة، فاسدة، مصداقاً لقوله تعالى: ] وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[ وقوله سبحانه: ] وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[. والسودان جزء من العالم الإسلامي الذي اكتوى بنار الاستعمار الانجليزي، الذي خرج بعد أن ثبت أركان حكمه في تشريعات وقوانين ما زالت تحكم السودان، فتوجد الظلم والفقر والبؤس والحرمان، وتجعل من السلطان حاكماً متسلطاً لا خادماً يرعى شؤون الناس بأحكام رب الناس. وبعد كل هذه السنوات، ها هم الساسة يعيدون ذات المسرحيات في حوارات لا تغني ولا تسمن من جوع لأنها لا تقوم على أساس عقيدة الأمة، ولا يرجى منها نفع للأمة، وإنما مخرجاتها ستعيد إنتاج الأزمات وتعقيدها. وقد عقد حزب التحرير/ ولاية السودان مؤتمراً عالمياً في 4 رجب 1435هـ بقاعة الصداقة بالخرطوم تداعى له ثلة من أبناء الأمة المخلصين من بلاد شتى يعرضون المعالجات السقيمة التي حدثت في بلدان الربيع العربي، وكيف أدت لحرف ثورات تلك البلدان عن المسار الصحيح، منبهين أهل السودان أن لا يقعوا في ذات المحظور، وأن يعملوا من أجل إيجاد معالجات صحيحة تنبع من عقيدة هذه الأمة، فيكونوا منارة يهتدي بها الآخرون. ولا يكون ذلك إلا بإعلانها خلافة راشدة على منهاج النبوة تطبق الإسلام وتسعد العالم. *الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
|
|
|
|
|
|