الأخبار لا تأتينا من المستقبل إلا مغلفة بعواصف شديدة القتامة مقبلة بسرعة الضوء من الاتجاهات الأربعة.. الأيام تلعب بسكان السودان لعبة القط و الفأر.. لعبة ليس فيها مثقال ذرة من رحمة.. فالأزمات تتفاقم و لا أحد يوقفها عند حد.. و مؤتمرات حل الأزمات تُعقد فتُعقِّد ما كان أقل تعقيداً.. و يغادر المؤتمرون المتخاصمون الفنادق، و الكل سعيد بانتصارٍ حققه لحزبه على حساب أحلام السودانيين في الأمن و الاستقرار..و حوار الوثبة لعبة ( شليل وينو؟ خطفو الدودو!) نشاهدها في التلفاز بشكل مستحدث.. و الشباب يئس من حياة لا حياة فيها لدرجة محاولات متكررة للهروب إلى إسرائيل.. هروب أقرب إلى الانتحار الجماعي على الحدود المصرية..الحزن يقيم في بيوت لم يزرها الأمل منذ ما يربو على ربع قرن.. نحزن على الزمن الذي مضى قبل ذلك.. و نخاف على أبنائنا من الزمن الذي لم يجئ بعد.. فيشتعل فينا الغضب.. و نسمع من يدافع عن قتلة أبنائنا الشباب و لا يبكي على ضحايا الرصاصات المصرية الغادرة.. و هُم، قبلها، ضحايا المؤتمر الوطني الذي شرد الشباب من البلد ، بعد أن قتل منهم من قتل..و شاهدت اليوم برنامج ( حتى تكتمل الصورة) بقناة الشروق، و كدت أميز من الغيظ، و الأستاذ/ الطاهر ساتي، الصحفي الذي نصب نفسه كبير محاميي النظام المصري، يحاول بجهد مجهِد تبريرَ ما لا يمكن تبريره حتى أمام ضميره النائم حين يصحو. كالَ كثير لومٍ على الضحايا الهاربين من جحيم السودان إلى جحيم مصر( الشقيقة). بل و لام النخب السودانية التي يعتقد أنها تؤجج النيران.. و ظل يحاول أن يوحي بأنها تبحث عن مشاكل مع مصر بما تكتب.. و استمر يتناسى أن مصر هي التي ظلت تبحث عن المشاكل مع السودان منذ ما قبل الاستقلال.. و أن للسوداني صورة نمطية منقوشة في الذهن المصري، و لن تبارح تلك الصورة ذلك الذهن الفكِه ما لم نثر على خيباتنا المتراكمة! لقد ظللنا نبحث عن الحلول و مصر ترفض أي حل إلا إذا كان ما تراه يتوافق مع حدود إمبراطورية الخديوي/ محمد علي باشا..و الطاهر ساتي، كما غيره من ( المنبطحين)، يخرج عن النص تماماً فيدعِّي أن المرابطين ( افتراضياً) على الحدود السودانية يسعون إلى إثارة زوبعة ما لسبب ما، و يذكر بعض خصوم المؤتمر الوطني أنه يسعى إلى كسب سياسي تواري خيباته الداخلية.. و نحن لا تهمنا نوايا المؤتمر الوطني بقدر ما يهمنا الدفاع عن السودانيين الذين يُضطهدون في حلهم و ترحالهم داخل مصر، بل و قتلهم بالرصاص على الحدود المصرية.. و لا يهمنا إذا انتهز المؤتمر الوطني ( الانتهازي) السانحة ليصطاد في ماء عكَّره المصريون.. و تاريخ المؤتمر الوطني يشهد على انتهازيته و تفكيكه للأحزاب التي أغفلت عن التماسك في داخلها.. فعمل فيها تفتيتاً و تمزيقاً..و النظام لم يكن ليظهِر كل تلك الكمية من الشجاعة ( الخجولة) في مواجهة مصر لولا ارتفاع الأصوات في وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة كاد معها الشارع السوداني أن يخرج في مظاهرات تطالب بأكثر من الشجب و الإدانة ضد الاستهتار بالسودانيين في مصر.. و ربما أحدثت تلك الأصوات زلزالاً يطيح بالنظام و يجتثه..و معلوم أن اختلاف الرأي يخلق خصومات و فجور في العداء بين الساسة في السودان.. يستتبع ذلك البحث عن حلفاء، ليس المهم أن يكون الحليف سودانياً أم أجنبياً- عربياً أم غربياً- يحمل أجندته الخاصة بمصالحه في السودان. فالحريق الشامل في البلد لا يضير الأجنبي طالما سيجني من ورائه ما سيجني من غنائم في السودان..إنتهت مفاوضات أديس أبابا على لا شيئ، لم يتفقوا حتى على الحد الأدنى لإغاثة الأبرياء المنكوبين في جبال النوبة و النيل الأزرق.. و تم تأجيل المفاوضات.. فالمؤتمر الوطني يبغي من وراء تمديد و تأجيل المفاوضات تمديد سنوات بقائه في الحكم، و يرسم لعمر طويل.. و يستمر ( حوار الوثبة) و فيه عراقيل ( مبطنة) سوف تأخذ البلد إلى كل مطلوبات المؤتمر الوطني إن لم تنتبه المعارضة المحتارة بضربة استباقية..الشعب قابل للانتفاضة في أي وقت.. لا أحد في الشارع العام يهتم بحوار النظام.. لكن الكل يجمع على وجوب ذهاب النظام.. و الرئيس/ البشير يطمح في إكمال سنواته المتبقية و من ثم تسليم الزمام لنائبه بكري حسن صالح.. الذي بدأ التجريب على التعاطي مع الاعلام بهمة و نشاط.. و أثنى الصحفي الاستاذ/ عبدالباقي الظافر- ثناء المنتسب- على إجادة بكري للعب ( دور) الرئيس في حضرة الصحافة، صاحبة الجلالة.. و سوف يكون بكري حسن صالح هو الرئيس ( الفعلي) القادم للسودان حتى بدون انتخاباتٍ صناديقها ( مخجوجة).. هذا ما تقوله وقائع الأحداث الماثلة أمامنا.. فكل الأمور خارج سيطرة المعارضة حالياً..أيتها المواطنة.. أيها المواطن.. صر.. كشر وشك في غضب.. و تهيأ لوثبة غير ( وثبة) البشير.. بل وثبة الأسد الثائر على الحكومة و المعارضة معاً! أحدث المقالاتروابط لمواضيع من سودانيزاونلاين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة