لا أجد سبباً يحمل بنك السودان المركزي على الدفاع عن موظفيه المتورّطين في قضية سرقة الأموال المخصصة لاستيراد الدواء بعد أن أكد وزير العدل د. عوض الحسن النور ضلوع بعض موظفي البنك في عملية التلاعب بالتمويل المصرفي المخصص لذلك الغرض والذي تجاوزت قيمته (230) مليون دولار، فقد كشف الوزير عن عمليات نصب منظم شاركت فيه مصارف تجارية ومدير بنك سابق وسجلت فيه شركات وأسماء أعمال وهمية للحصول على التمويل مع تزوير خطابات توصية باسم المجلس القومي للأدوية والسموم للسماح لها بالاستيراد. العجب العجاب أن الأمر عولج بذات الأسلوب القديم سيئ الذكر المسمى بفقه التحلل الذي يعمد إلى التسوية الخجلى بدلاً من العقاب الصارم، وذلك من خلال الاتفاق مع (حرامية) الأموال المنهوبة برد (30%) من تلك المبالغ فوراً ثم تقسيط بقية المبالغ. وبالطبع لم يذكر الوزير أن المتورطين بمن فيهم موظفو بنك السودان سيخضعون للمساءلة القانونية الصارمة بالرغم من أن الله تعالى ما أكَّد على القصاص والعقاب الذي قد يصل إلى قطع يد السارق إلا لأنه الوسيلة الأنجع لمحاربة الفساد وكبح جماح الجريمة، فقد أُخضع بعض موظفي الأراضي في وقت سابق، من خلال بدعة التحلُّل، إلى رد جزء يسير من الأموال التي نهبوها وبقي الجزء الأكبر في حوزتهم، عمارات متعددة الطوابق، وأُرجعوا إلى وظائفهم مرفوعي الرؤوس، بدلاً من أن يطأطؤوها بعد إنزال العقاب الصارم بهم جزاء لما كسبوا نكالاً من الله ، أقول أرجعوا إلى وظائفهم وكأن شيئاً لم يكن في دولة المشروع الحضاري التي فداها الشهداء المعز عبادي وعلي عبد الفتاح وعبد المنعم الطاهر والآلاف من (الصحابة الجُدد) الذين ضحّوا بأرواحهم ودمائهم لإقامة دولة الطهر والفضيلة ولكن. ما صرَّح به وزير العدل أمام البرلمان أكده رئيس لجنة التحري حول عائدات الصادر لتمويل الأدوية المستشار فتح الرحمن سعيد الذي قال إن معظم الشركات المتورِّطة في القضية وهمية وزوَّرت أوراق وتوقيعات المجلس القومي للأدوية والسموم وأكد وجود متهمين في إدارة النقد الأجنبي ببنك السودان المركزي، مضيفاً بأنهم (شبكة إجرامية) تواطأت ونفذت بسبب ضعف الرقابة بالبنوك التجارية مشيراً إلى أن معظم الأموال حُوّلت إلى شركة واحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأكد تحريك إجراءات جنائية ضد موظفين بالبنوك التجارية لتورّطهم في القضية. أكثر ما يؤلم بحق أنه وفقاً لما فهمته من إفادة المستشار فتح الرحمن سعيد، وما أدلى به النائب البرلماني المستقل أبو القاسم برطم والذي يُحمد له أنه طرح القضية على البرلمان أن بدعة (التحلُّل) طُبقت كذلك على أولئك المعتدين. سيدي الرئيس والله إنه لمن المخزي والمؤسف والمؤلم أن تقبل العدالة القسمة على اثنين وأن يفرق بين الشريفة المخزومية وبين المرأة التي لا وجيع لها ولا شفيع، فقد أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن شرف فاطمة بنت محمد لن ينجيها من قطع يدها إن هي سرقت، فلماذا الاستمرار في إعمال هذه المعالجة الخرقاء التي تقنن للفساد وتحمي المجرمين وسارقي قوت ودواء الشعب من العقاب؟. سيدي الرئيس .. إن الشارع يغلي جراء رفع الدعم عن الدواء في وقت يتلاعب فيه بعض ضعاف النفوس، بتواطؤ من موظفين عامين بمئات الملايين من الدولارات التي تشتد الحاجة إليها لتوفير الدواء للمرضى، وإذا كانت الحكومة قد استجابت بإلغاء قرار رفع الدعم عن الدواء والذي أغضب الشعب الصابر كما لم يغضب منذ عشرات السنين، فإن عليه أن يلغي آفة وبدعة التحلّل وتشديد الخناق على الفساد والمفسدين بمن فيهم من ارتكبوا (جليطة) تسعير الدواء في المجلس القومي للأدوية والسموم. أختم بالسؤال: كيف بالله عليكم تسكت الدولة على فشل خبرائها ضعيفي التأهيل ممن ورّطوها في تلك القرارات الاقتصادية القاسية التي صعّروا خدودهم لمن انتقدوها وأكدوا بأنها ستنجح في كبح جماح الدولار؟ كيف تصبر عليهم بعد ذلك الفشل الذريع وقد تصاعد الدولار حتى تجاوز الـ19 جنيهاً بعد أن كان 15 جنيهاً يوم إعلان تلك القرارات قبل أيام؟. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة