تجربة تفعيل سلاح العصيان المدني أثبتت أن ابداعات الشعب السوداني لن تتوقف مهما كانت آلة القهر التي تجابهه . لقد نجح العصيان المدني على الأقل بنسبة 60 بالمئة برغم استخدام السلطة لكل آلياتها القمعية من اعتقالات للنشطاء وتحذيرات للقادة ومصادرة للصحف وتحذير وإغلاق للقنوات الفضائية التي تتيح مساحة نسبية للرأي الآخر وبرغم أبواق الإعلاميين الماجورين للسلطة والمنتمين لمشروعها وبرغم الأسماء غير المعلومة لعشرات الأحزاب المستخدمة الوهمية والشخصيات التي امتهنت التسلق على الأنظمة الشمولية وغيرها من أحزاب بارت تايم تشارك النظام نهارا وتدعي انتقادها لسياساته ليلا أو على استحياء . لقد صدم النظام وحزبه الحاكم بالأمس للاستجابة الواسعة للعصيان رغم الادعاء إعلاميا عبر رسائله بعدم استجابة المواطنين له وهو ادعاء متوقع عبر آلته الإعلامية لكن ما يدحض ذلك تزايد حجم الخوف والقلق داخل دوائر النظام السياسية والأمنية والدبلوماسية من تعاظم إرادة الجماهير وكسرها لحاجز الخوف من أدوات القمع رغم عدة النظام القهرية وعتاده في مواجهة وملاحقة المواطنين العزل . مما يجبره على إعادة حساباته ومراجعة قراراته على الأقل لكسب مزيد من الوقت للبقاء في السلطة . لكن أكبر خسائره تكمن في انكشاف أكذوبة الحوار الوطني ومخرجاته التي هزمها النظام عمليا بقراراته على كافة المستويات الاقتصادية والأمنية والقانونية وغيرها مما يؤكد صدق حجة الممانعين بعدم مصداقية النظام وتوظيف الحوار لتكريس سلطته لا لإدارة تحول ديمقراطي وتبادل سلمي للسلطة يعمل على حل أزمات السودان . غير أن الخطر الحقيقي على هدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والأمن والعيش الكريم يكمن ليس في سياسات النظام فقط بل في تمدد ما أسميه بالكتلة الخبيثة التي تعمل على دعم النظام القائم لدعم مصالحها مواصلة لممارسات الفساد والنهب والاحتكار وفي الحفاظ على المواقع والمناصب والنفوذ وهذه الكتلة الخبيثة تشمل كل الطفيليين من عناصر النظام والمتحالفين معه من أحزاب مصنوعة وشخصيات انتهازية تزين مجالسه ومؤتمراته وفي نشرات الأخبار وهي تشكل مجموعات تنفيذية لسياساته و مجموعات اقتصادية وأمنية تسيطر على الأمن وعلى السوق بكل انشطته وهي مجموعات تنتمي للسلطة بجميع مكوناتها ومنها شخصيات لا تجد حرجا في التنقل من سلطة شمولية إلى أخرى فبعض هؤلاء كانوا شركاء في نظام مايو ثم استفادوا من سماحة النظام الديمقراطي ثم التحقوا مجددا بنظام الإنقاذ لمواصلة سوءاتهم السياسية . وآخرين ممن صنعتهم الإنقاذ واصطنعتهم لنفسها من بقايا أحزاب ومتفلتين سياسيا وانتهازيين وأصحاب فساد وهوى وبعض رموز آثرت السلامة من طوائف وطرق ومحايدين وغيرهم كل هؤلاء يشكلون الكتلة الخبيثة التي تدعم سياسات النظام الخاطئة وتقنن وتروج لها دون وازع ديني أو وطني . ويبقى أخيرا أن إرادة الشعب السوداني هي الغالبة وان خياراته هي النافذة مهما تعاظمت حدة القهر والتاريخ خير شاهد على ذلك غير أن وعي الشعب السوداني وحرصه على بلاده سيعزز من قدراته السلمية لإحداث التغيير الإيجابي وسيفجر من ابداعاته النضالية بما يحقق الأهداف ويعزز من قيمة الحرية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة