:: ومن مخاطر الإقتصاد ما يُسمى بالإقتصاد السري..هذا الإقتصاد الضار لايُخضع - إنتاجاً وتسويقاً - للسُلطات الرقابية..كأن يتسجلب أحدهم مصنعاً لإنتاج مواد غذائية، ليعمل في الخفاء بمنطقة نائية، ثم يوزع مواده في أسواق محدودة بغير علم السلطات الصحية ..وكأن أن يفتح أحدهم محلاً تجارياً بلا ترخيص وبلا علم الضرائب .. وهكذا.. وهناك أباطرة في كل أنوع الصناعة والتجارة - بما فيها السلاح والكحول والمخدرات - يؤرقون مضاجع الدول والشعوب بإدارتهم لعملياتهم بمنتهى ( السرية)..!! :: وزارة المالية في بلادنا، وبغض النظر عن خطأ سياساتها الإقتصادية أوصوابها، كثيراً ما تجتهد في أن تدير دفة الإقتصاد الوطني بذات نهج (الإقتصاد السري)..وعلى سبيل المثال الراهن، قبل أسابيع، دفعت الصحف ثمن صدقها شتماً وتوبيخاً وإيقافاًة عندما نقلت عن وزير المالية تصريحا أبدي فيه - لنواب البرلمان - عن رغبته في تحرير بعض السلع برفع كامل الدعم عنها خلال موازنة هذا العام..نقلتها الصحف (كما هي)، ونفتها الوزارة وأغلظت في النفي، ثم قدمت للبرلمان ميزانية خالية من التحرير لتأكيد (النفي والتكذيب)، فصدقتها السلطات العلياً ثم حاصرت الصحف بسيول التهديد والوعيد بإجراءات جرفت (التيار)..!! :: لم تكذب الصحف يومئذ وليتها كذبت ..وبما يحدث اليوم والمرتقب في الغد، على وزارة المالية - والسلطات الأخرى - الإعتذار للصحف بدلا عن التمادي في الخطأ والتهديد بالضرائب أو الوعيد بكشف الحسابات المصرفية .. والحدث ليس هو رفع الدعم عن الغاز ليرتفع سعر الأسطوانة إلى ثلاثة أضعاف السعر الفائت بلا علم نواب البرلمان كما ينص الدستور والقانون واللوائح ، بل هناك أحداث أخرى..فالقرار رقم (679/2015)، والذي نشرته التغيير بعدد البارحة، والموقع عليه وزير المالية، يوجه بنفيذ سياسة تحرير إستيراد وتوزيع مواد بترولية بواسطة القطاع الخاص ثم بيعها للجمهور بأسعار أسماها القرار بالعادلة ..والأسعار العادلة هي اسم الدلع لنهج ( على كيفك)، بحيث لا رقابة عليها ولا سلطان ..!! :: نعم فك إحتكار كل المواد - بما فيها البترولية - يساهم في الوفرة والمنافسة بالإنتاج والجودة والسعر، ولكن في ظل سياسة تحريرية حقيقية وليست المرفوعة شعاراً و المحتكرة - بواسطة شركات مراكز القوى - واقعاً.. والمواطن لم يعد يجهل مخاطر الإحتكار بحيث يرفض فوائد المنافسة الحرة بالسعر والجودة، ولكن بالأسعار العالمية وهي أقل من أسعار السودان (الجهنمية)..وطلاب الثانوي - وناهيكم طلاب الإقتصاد - يتطلعون إلى حكومة تكتفي بإحتكار السلاح والقانون - فقط لاغيرهما - ثم تدع الأسواق وتجارتها والمصانع وصناعاتها للمجتمع وشركاته ..ثم يبقى السؤال، لماذا نُكران رفع الدعم - واللف والدوران - وتحميل الصحف ما لايطاق من المتاعب لكي لاتعكس للمواطن ما تفعلها وزارة المالية والقطاع الإقتصادي..؟؟ :: وزارة المالية تعلم أن أهم عناصر أية نهضة إقتصادية هي ( الشفافية ) وليس ( أم غُمتي) ..ولكن إن كان خطاب وزارة المالية ذاتها يفتقد لعنصر الشفافية والوضوح في مخاطبة الشعب - المستهدف بكل الإجراءات والقرارات - بحيث ينفي التحرير بالأقوال ثم يؤكده بالأفعال، فكيف يثق الشعب وتطمئن الصحف بأن يحدث هو خراب بما يشبه الإصلاح وليس إصلاحاً؟..وعليه، بدلا عن سياسة (سري للغاية) إصدقوا مع الناس بالبيان والعمل، فأنهم تشبعوا بالأكاذيب والمفاجأت.. وأعلموا بأن إدارة حياة الناس وأرزقاهم تختلف عن إدارة العمليات العسكرية بحيث تقتضي (الشفافية)، وأن تحرير الغاز وغيره يختلف عن تحرير كاوده بحيث يستدعي (الوضوح)..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة