من العدل وحسن السياسة والتدبير أن يستجاب لطلب حكومة الجنوب خفض رسوم نقل بترول الجنوب عبر السودان، إذ لا يعقل أن يمنح الجنوب كل عائدات نفطه للسودان بعد أن أصبح سعره في السوق العالمي أقل مما تمنحه الاتفاقية المبرمة بين الدولتين للسودان. نظرنا إلى الأمر بمنظار الحق والعدل وليس المعاملة بالمثل التي هي كذلك مبررة ديناً وأخلاقاً سيما وأن الطرف الجنوبي كان خلال المفاوضات السابقة لتوقيع الاتفاقية يرفض مبدأ النسبة المئوية لتحديد رسوم العبور من الأسعار العالمية التي تتغير صعوداً وهبوطاً مع تغير أسعار النفط، وهو ما كان سيحقق مصلحة الطرفين بعدالة ولا يضطرهما إلى إعادة النظر في الاتفاقية مما سيتم الآن. أقولها ربما بقسم مغلظ إنه لو كان الطرف الذي يطلب تعديل الاتفاق هو السودان لقوبل طلبه بالرفض التام، وهكذا كان شأننا كله مع الجنوب منذ أن ضمته بريطانيا إلى السودان كشوكة سامة في خاصرته ظلت تدمي جسده المنهك إلى يوم انفصاله عن الشمال ثم بعد ذلك حتى اليوم جراء غفلتنا في نيفاشا ثم جراء أخطاء إنفاذها خلال الفترة الانتقالية. مشكلة السودان تكمن في العطاء بلا مقابل، فقد كان ذلك دأبنا على الدوام، ولكن ماذا ينبغي أن نفعل الآن حول تحديد الرسم الجديد الذي يفترض أن نتقاضاه نظير نقل بترول الجنوب وتصديره عبر السودان؟ كنا نعلم استماتة أمريكا وسعيها الدؤوب لتحقيق انفصال الجنوب الذي علمت الآن بعد فوات الأوان وبعد أن غاص في وحل بل في مستنقع الحرب الأهلية أنها (شربت المقلب) وارتكبت خطأ شنيعاً بسعيها إليه وكان بمقدورنا وقتها أن نشترط للاعتراف به ولكننا فوتنا فرصة إملاء شروطنا بما فيها رفع الحصار والعقوبات الأمريكية وإعفاء الديون وسحب الجيش الشعبي من الشمال أسوة بما فعلنا حين سحبنا جيشنا من الجنوب من طرف واحد ونسينا في غمرة الغفلة مقولة وزير الخارجية الأمريكي الاسبق هنري كيسنجر القديمة للرئيس المصري أنور السادات والمعبرة عن سلوك أمريكي راسخ (إن أمريكا لا تدفع ثمن ما يُهدى إليها). ذات الشيء ظللنا نفعله مع الجنوب - تمزيق الكروت التي في أيدينا والعطاء بلا مقابل، مما زاد من أوجاعنا وأزماتنا. الآن نحتاج أن نتقاضى ثمن موقفنا هذا النبيل مع دولة الجنوب وذلك بتحقيق بعض ما يعكر صفونا من مهددات لأمننا القومي من تلقاء دولة جنوب السودان وأولها أن يفك الجنوب ارتباطه بالحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) الذي لا يزال يصر على أن يكون تابعاً للحركة الشعبية التي تحكم الجنوب حاملاً اسمها بلا أدنى خجل، فلا ينبغي أن يكون هناك فرع في السودان للحزب الذي يحكم دولة الجنوب ولا فرع للمؤتمر الوطني في دولة الجنوب ولا أرى سلفاكير متحمساً للارتباط بقطاع الشمال أو بمشروع السودان الجديد ذلك أن الرجل (الانفصالي) لم يكن في يوم من الأيام جزءاً من ذلك المشروع الوحدوي الذي تبناه قرنق وأولاده باقان وعرمان من بعده بغرض إعادة هيكلة الدولة السودانية بحيث يحكمها الجنوب في إطار مشروع السودان الجديد. ينبغي أن يفرض على عرمان وأولاد قرنق في السودان تغيير اسم حركتهم وحزبهم حتى يكون تنظيماً سودانياً خالصاً اسماً ومعنى، ويطلب من سلفاكير أن يفرض على عملاء الجنوب هؤلاء أن يبحثوا لهم عن اسم غير اسم الحركة الشعبية ولا يقل عن ذلك أهمية أن يتوقف دعم الجنوب لقطاع الشمال والجيش الشعبي الذي يقاتل في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق سيما بعد أن تأكد تبعية الجيش الشعبي في المنطقتين للجيش الشعبي الحاكم في الجنوب، بل تبعية القائدين (كوماندرز) عقار والحلو للجيش الشعبي في الجنوب. بقية الملفات الأمنية ينبغي أن توضع على الطاولة قبل ان يتم تعديل اتفاق رسوم عبور نفط الجنوب ومن ذلك مثلاً قضية الحدود وترسيمها والهجرة الجنوبية التي تقض مضجع الشمال وتشكل عبئاً على الخدمات وعلى الاقتصاد السوداني وكذلك التضييق الحاصل على الشماليين في دولة الجنوب. http://assayha.net/play.php؟catsmktba=9552http://assayha.net/play.php؟catsmktba=9552
لقد أصدقت القـول يا أستاذ / الطيب مصطفى عنـــدما أشــــرت بـــــأن :
( مشكلة السودان تكمن في العطاء بلا مقابل ، فقد كان ذلك دأبنا على الدوام ، ولكن ماذا ينبغي أن نفعل الآن حول تحديد الرسم الجديد الذي يفترض أن نتقاضاه نظير نقل بترول الجنوب وتصديره عبر السودان؟ )
ونحن نضيف من عندنا بأن كثرة ذلك العطاء وكثرة ذلك الإكرام بدون حساب لمن يستحق ولم لا يستحق يدخل في صميم أخطـاء السـودان الكبـرى ! ،، وذلك العطاء المبذول بإسراف يتـــم بجهالة وغباء وبلادة السودانيين ،، تـــــلك البــلادة التــي وضعت السودان ضمن أفقــر عشــرة دول في العالم .. والعطاء الذي قدم لذلك الجنوب منذ استقلال البلاد في معيار الحسابات يدخل في المليارات والمليارات والمليارات بما لا يخطر في عقـل إنسان ,, ناهيــك عن تلك الأرواح الطاهرة النبيلة بالملايين التي ضحت من أجل ذلك الجنوب ، فإذا بذلك البشير وزمرته الغبية بمنتهى الغباء والإفراط يتنازلون عن كل تلك التضحيات ،، بما في ذلك التضحيات الجسيمة المالية والإنسانية والإدارية التي بذلت في استخراج النفط في أرض الجنوب حتى مراحل الإنتاج والترحيل والاستخدام .. ثـــم فجــأة قـــرر هــؤلاء الأغبياء الذين يمثلون قمة الغباء في تاريخ البشرية ( وفي مقدمتهم ذلك البشير وعلي عثمان محمد طه ) بمنتهى الاستهتار والبلادة وعدم الشعور والإحساس بالتنــازل عن كل ذلك تحت الضغوطات الأمريكية ،، وكان حلمهم الوحيد في ذلك أن ينالوا الرضا من أمريكا ، والأوجع من ذلك أن أمريكا داسـت أحلام هؤلاء الأقزام تحت المداس !! . والآن في نظر الشعب السوداني يتعالي أمثال ( غازي صلاح الدين والآخرين من أبناء السودان الذين كانوا بتلك المستويات في التفكير العالي ) .. والذين رفضوا أن يتنازلوا عن تلك التضحيات التي قدمتها البلاد منذ الاستقلال .. وما كان يضير لو أن قضية الجنوب ظلت معلقة إلى ما لا نهاية .. حيث أن تلك الفكرة هي التي كانت سائدة لدى كل الحكومات التي مرت بالسودان من قبل .. فلا بارك الله في ذلك البشير ولا بارك الله في على عثمان طه ،، ولا بارك الله في كل من وقف وعاون في فصل الجنوب عن الشمال .
ونخشى ما نخشى أن تجري المجريات في نهاية المطاف بنفس المنوال الفاشل المخذي الفاضح مع تلك الفئـات الغوغائية العبثية التي تحارب هنا وهنالك في أرجاء السودان . والشعب السوداني لا يريد سلاما أطرافه الأغبياء أمثال البشير وعلي عثمان محمد طه .. فليتركوا أمور المصير لأهل الشأن من السياسيين المحنكين .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة