العلاقات السودانية المصرية تتوَتّر عند حلايب و يزيد تَوتُرها سد النهضة.. و تشعلها الحقارة المتأصلة في نفوس ( بعض) المصريين تجاه ( عموم) السودانيين.. و يأتي تنامي العلاقات الطيبة بين الرئيس/ البشير و الملك سلمان ليزيد التوتر توتراً.. و مصر لا ترضى بأي دوران للسودان خارج الفلك المصري.. و هي – فوق ذلك- تحس شيئاً من الفتور في علاقة سعوديةِ الملك/ سلمان تجاه مصر الرئيس/ السيسي. سوريا بشار الأسد لعبت دوراً هاماً في فتور العلاقة بين البلدين.. فالسعودية تريد الاطاحة ببشار.. و مصر تريد بقاءه في الحكم مخافة أن يحدث لسوريا ما حدث للعراق بعد تسريح القوات المسلحة العراقية.. و تضعضع المؤسسات الحكومية.. و ( اجتثاث البعثيين).. و انتشار الفوضى الطائفية في العراق كله.. و السعودية لا تزال تحمل حقدَ ( جملٍ من الصحراء لم يُلْجم ) على بشار الأسد - الذي وصف ( المنبطحين) من الملوك و الرؤساء العرب في حرب تموز عام 2006 - وصفهم ب( أشباه الرجال).. لذلك نراها تتشدد على وجوب ذهابه من سدة الحكم حتى و إن أدى الأمر إلى تمزيق سوريا تمزيقاً يؤثر على المنطقة كلها.. و لن تسلم منه السعودية نفسها.. حين يتم رسم خريطة جديدة للدول العربية! الاختلاف بين السعودية و مصر، حول سوريا، اختلاف كبير في المقاصد و التوجهات.. كبير جداً.. و قد أفسد ذاك الاختلاف قضية الود بشكل ما.. و كان للسعودية دور عظيم في استمرارية الثورة المصرية.. إذ تعرضت مصر لحصار و تضييق دوليين، عقب الاطاحة بحكومة الرئيس/ مرسي، فرَمَت المملكة العربية السعودية بكل ثقلها وراء مصر.. و الملك/ عبدالله و وزير خارجيته الأمير/ فيصل - رحمهما الله- لم يدخرا وسعاً لإخراجها من الحصار الاعلامي و الدبلوماسي و الاقتصادي المحْكَم عليها.. و نجحا في فك الحصار الخانق عليها.. و شاركت جميع دول الخليج- باستثناء قطر- في فك ضائقتها المالية عبر الصناديق السيادية.. و – عقب ذلك و قبل ( عاصفة الحزم) بأشهر- سأل أحد مقدمي البرامج التلفزيونية الرئيس/ السيسي عن دور مصر إذا تعرضت إحدى دول الخليج للخطر.. فرد السيسي:- " مسافة السكة!".. و ( مسافة السكة) هذه تعني أن مصر، بقوتها العسكرية المهولة، سوف تكون إلى جانب أي دولة خليجية تتعرض للعدوان.. و على الفور.. و العدو المعني في أذهان دول الخليج هي إيران و ليست إسرائيل الرابضة على مرمى حجر من مصر.. لكن، في عاصفة الحزم رمى الرئيس/ البشير بكل إمكاناته ( الشحيحة) وراء المملكة العربية السعودية، بقيادة الملك/ سلمان.. بينما امتدت مسافة سكة الرئيس/ السيسي دهوراً.. و لمصر مآخذ أخرى على السودان تتعلق بسد النهضة، فقد تعثر جواد المصريين في مضمار السد.. و كان المصريون يتوقعون أن يكون السودان مؤيداً لمصر " ظالمة أو مظلومة".. إلا أنه وقف على الحياد.. و كان موقف الاثيوبيين واضحاً لعرقلة المخططات المصرية المرسومة خصيصاً لعرقلة تشييد السد بالطريقة التي تريدها إثيوبيا.. و ظل السودان يلعب دور الوسيط لا ( الشقيق).. و بناء السد الاثيوبي يتواصل بخطى متسارعة يوماً بعد آخر.. ( جقلب) الاعلام المصري.. و صرخ مقدم إحدى برامج قناة ONTV المصرية:- " و الله مسخرة، حتى الأفارقة بِقوا يضحكوا علينا!".. و هو نفس الشخص الذي صرخ قبل ذلك، حين أثير موضوع حلايب و شلاتين أيام الرئيس/ مرسي، و في القناة نفسها:-" هاتوا لي وزير الخارجية و الا البشير و الا البِتِنجان...!".. قالها ببساطة متناهية.. أَ وَ ليس البشير بواباً أمام مبنى قناة ONTV ؟ أ و ليس جميع السودانيين بوابين أمام كل عمارات مصر؟ ذاك المصري ( الشقيق)- ينظر إلينا من علٍ، مع أن الجغرافيا تقول أن مصر في مكانٍ غير عالٍ على شاطئَي النيل!! الأزمة السودانية المصرية متجذرة قطرياً و إقليمياً.. كلمات الرئيس/ البشير الأخيرة عن سودانية حلايب لم تفعل شيئاً سوى أنها أزالت الرماد عن الجمر الذي تحته كما يبدو ، و الصراع العربي- العربي في أشد عنفوانه، و خلافات العرب تتكشف للعالم يومياً.. و العالم العربي أصبح سوحاً للاستخبارات التي تصطاد المعلومات عن الثغرات في الجبهات العربية لإيداعها قاعدة بياناتها للاستفادة منها حاضراً و مستقبلاً.. و داعش في شغل شاغل عن المستقبل.. الحكومة السودانية لم تختلق أزمة بينها و بين مصر، فهي ليست في حاجة إلى صرف أنظار المواطنين عن أزماتها الداخلية باصطناع أزمات خارجية.. فالمواطنون في شغل عنها بأزماتهم المستدامة المتمثلة في العجز و الاستكانة للقدر ليفعل فعله في الحكومة التي نأت بنفسها عن الصراع مع المصارعين لقيادة العالم العربي و الاسلامي.. فقد فشلت محاولاتها المتكررة تحت راية ( حنقود العالم أجمع).. و بعد أن أحست بتوجس العرب في نواياها المستترة.. شرعت في تجميل صورتها أمامهم.. و وجدت ضالتها في عاصفة الحزم.. و الحكومة في أحسن أحوالها مع الخليج حالياً.. و الرئيس/ البشير يتمتع باستقبال حافل في الرياض و على رأس المستقبلين الملك/ سلمان بجلالة قدره.. و لا شيء يهم البشير في مصر! و تتعدد أسباب موت السودانيين في السودان.. و تتمدد إهاناتهم و ضربهم بالرصاص في مصر..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة